في ظل «الفوتوشوب» و«الغرافيك»: من يعيد الاعتبار إلى الصورة الإخبارية؟
دمشق:
يضيق «زووم» الكاميرا أو يتسع ليعطينا الصورة التي نشاء.. صورة ليست محكومة بالصوت الذي يرافقها، مع وجود تقنيات حديثة تستطيع سحبه وإعادة تركيب صوت آخر عليها، قبل أن تذهب إلى النشر. وقبل نشر الصـورة أيضاً ثمـة برامج «فوتوشوب» تغير الملامح والأشكال. وثمة تقنيات «الغرافيك» التي تنقل الصورة من مكان إلى آخر، ومن زمن إلى آخر.. وربما تعيد بناء الصورة لتعطينا صورة جديدة، تسقط معها حقيقة الصورة الأصلية، لتحل محلها حقيقة جديدة تقول ما لم تقله الصورة الأصلية. وتترك ربما تأثيراً لم تشأ أن تتركه هذه الأخيرة عند المشاهد.
هو زمن باتت فيه الكثير من الحقــائق مركبة ومعدة. نلاحق فيه الأحداث، وفيه من يصنع أحداثه وحده، ويعد الصورة التي يشاء. يصنع حقيقتها، ويجملها ويعيد بناءها وفق ما تقضيه مصالحها، بعد أن تكون سفكت دم الحقيقة الأصلية فيها على مذبح التقنية.
من يضمن صدق الصورة إذاً..ومن يعيد الاعتبار لها؟
ألا تحتاج ثورة التكنولوجيا التي امتلكت القدرة على اللعب المتقن في ملامح الصورة ومحتواها، ثورة في التلقي، تحاكم الصورة، وتحرر المشاهد من أسر التفاصيل، وتنقله إلى موقع الند في تلقيها؟
بالتأكيد ليس كل ما يرد من صور..هي محرفة أو مزيفة، ولا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نسقط قوة الحقيقة، كما تبوح بها الصورة مدعمة بالصوت، وخصوصاً حين تأتي في بث حي و«طازج». ولكن من يضمن أن كل ما يرد من صور هو الحقيقة؟!
وكأنه بات مطلوبا من المشاهد ألا يتلقى الصورة بعد اليوم وهو مسترخ على كرسيه، وألا يستسلم لتفاصيلها باليقين ذاته في كل مرة، وإنما عليه إخضاعها للعقل والمنطق قبل أن يتبنى ما فيها.
في الماضي القريب، كتبنا أن نشرات الأخبار باتت تنافس الدراما في قدرتها على صناعة الحدث، ولكن بعض نشرات الأخبار يبدو أنها بالغت في تقمص حالة الدراما. فلم تسرق منها مشاهدها وحسب، وإنما استعارت منها خيال وإمكانيات المونتاج على توليف مشاهد يقوم «الدوبلير» فيها بتنفيذ مشاهد خطيرة ومثيرة.. قبل أن تنسب إلى البطل الذي يقف إلى جانب المشهد يتفرج.
اليوم نحن محكومون بالصورة..محكومون بأنها الأصدق إنباء من كل ما يقال.. وانه اليقين الذي يقطع الشك.. وقد بات ملحاً أن نعيد الاعتبار لها، بعد أن شاب بعضها شيء من التزييف والتخريب.
تعليقات: