UNDP يناقش دور المختار في إرساء السلم الأهلي
لطالما عُرف المختار تاريخياً "بشيخ الصلح" ولعب دور الوسيط على المستوى المحلي ونشر مهارات حل النزاعات، نظراً لدوره الريادي في مجال بناء السلام والسلم الأهلي وفي تأمين الخدمات للمواطنين والوقوف عند احتياجاتهم وهمومهم المعيشية والحياتية ولقدرته على أن يلعب دور "الحكَم" والوساطة بين أفراد المجتمع وأن ينفّس الاحتقان والصراعات ويسهم بالتالي في تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وإرساء حاكمية ديموقراطية وتنمية بشرية حقيقية بعيداً عن النزاعات والخلافات السياسية المتواصلة.
وانطلاقاً من أهمية دور المختار وفعاليته، بادر مشروع بناء السلام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) الى تنظيم مؤتمر حول "تعزيز دور المختارين في إرساء السلم الأهلي"، ضم نحو خمسين مختاراً من مختلف المناطق اللبنانية، وذلك بعد أن كان المشروع قد نظم دورات تدريبية عديدة لأعضاء مجالس بلدية حول مفاهيم بناء السلام وحل النزاعات، ليتم العمل لاحقاً على إشراك المختارين وأعضاء المجالس البلدية والقادة المحليين في عملية إنشاء لجان سلام محلية من شأنها أن تعالج أي نزاع محتمل.
ويندرج المؤتمر الذي عقد في فندق كراون بلازا، الحمرا برعاية وزارة الداخلية والبلديات، في إطار نشاطات "مشروع بناء السلام" الذي يتوخي استحداث تآلف اجتماعي فيما بين الجماعات المختلفة من خلال إصلاح العلاقات المتضررة وتقوية المؤسسات وتمكين الأطراف المعنية من تحقيق السلام.
ويعتبر مختار محلة الحدادين في طرابلس وليد درنيقة أن "للمختار دوراً كبيراً نابعاً من إحساسه بالمسؤولية، إلا أنه مهمش من قبل الدولة وهناك العديد من المعوقات التي تقف بوجهه منها الأجهزة الأمنية والتدخل السياسي واستخفاف القضاء بعمل المختار والعامل المادي الذي هو الدولة، إذ إنها لم تعطِ المختار أية حوافز".
ويرى أن "هذه العوامل تعوق المختار عن القيام بمهمته كمصلح اجتماعي".
ويرى مختار بلدة رمحالا، عاليه انطوان نصّار أن "على المختار واجبات ومهام موجودة في القانون، لناحية حل النزاع بين الأهالي أو المجموعات انطلاقاً من مسؤوليته تجاههم".
ويقول: "لا شك أن المختار يتعرض لكافة أنواع الضغوط، لذا يجب التركيز على مرحلة ما قبل النزاع وحل النزاع قبل نشأته، تفادياً للتدخلات، لا سيما وأن لدى المختار قدرة على استشعار النزاع لأنه على تماس مباشر مع الأهالي وعلى تواصل مع المراجع الأمنية والروحية والأهلية، ما يتيح له إمكانية تجنب النزاعات وتفاقمها".
ويتحدث عن "صعوبات من الناحية المادية يعانيها المختار، كونه لا يتقاضى راتباً وهو يضحي بوقته وماله دون مقابل، ما يحد من قدرته على التحرك في موضوع النزاعات"، منوهاً "بمبادرة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود المتعلقة بصندوق التعاضد وغيرها من المشاريع المرتبطة بالمخاتير".
وتؤكد مختار محلة قنافذ في جرود الهرمل زهرة يوسف عبيد أن "المختار هو في قلب كل فرد من أبناء البلدة، لذا عليه أن ينزع فتيل التهور والانفجار، لأن السلم الأهلي أهم من كل شيء وفوق أي انتماء ساسي أو حزبي".
وتشدد على أن "المختار هو أكثر دراية بتفكير أبناء بلدته وتوجهاتهم وبما يحيكون من مؤامرات، ما يحتم عليه أن يكون بالمرصاد لمنع أي نزاع، حفاظاً على روح الالفة والمحبة والمودة بين أبناء القرية الواحدة وعلى التوفيق والمصالحة بين العشائر والعائلات".
وتصف المختار "بالأم التي تسهر على رعاية أولادها وحل النزاعات بينهم"، مشجعة النساء على الترشح لمنصب مختار "نظراً لدورهن الفاعل في حل النزاعات".
ويلفت مختار بلدة حاصبيا نعيم اللحام الى أن "المختار هو الواجهة في قريته أو مدينته، فهو شيخ البلدة و"شيخ الصلح" والناس تحترمه وتقدره".
ويشدد على "ضرورة أن يكون في كل بلدة تجمّع لمخاتيرها سعياً لتوحيد الآراء ولتعزيز الدفع باتجاه تحقيق المطالب وإرساء السلام والمصالحات".
وكان استهل المؤتمر بكلمات لكل من ممثل الوزير بارود، مدير عام المديرية العامة للإدارات والمجالس المحلية خليل حجل ونائب مدير "UNDP" في لبنان شومبي شارب ورئيس دائرة المختارين في وزارة الداخلية والبلديات مدحت زعيتر.
وقد ركّزت الكلمات على "دور المختار الاستراتيجي في التعاطي مع فاعليات المجتمع المحلي وأهمية موقعه في تكريس المصالحة وتعزيز السلم الأهلي وفتح أفق الحوار وتطوير أساليب لحل النزاعات، خصوصاً في المناطق الأكثر عرضة للعنف والنزاع، وعلى ضرورة النهوض بالمختار ودعمه كي يقوم بواجباته ومسؤولياته".
تعليقات: