تطوع طلاب «الأي سي» لتزيين صناديق تبرعات عينية ( مروان طحطح)
في النسخة الثالثة لمهرجان العمل المدني والتطوعي، احتفت الجامعة الأميركية بالمطران غريغوار حداد لكونه «جزءاً من حركة التغيير نحو نظام أكثر عدالة وأكثر إنسانية وعابر للطبقات والفئات الاجتماعية». ووعدت الجامعة بانخراط أهلها في لجنة تنسق مع تيار المجتمع المدني، على خلفية انفتاح الطلاب على محيط الجامعة والجوار والتزامهم قضايا مدينتهم ومجتمعهم
دعوة الجامعة الأميركية إلى الحوار مع المطران غريغوار حداد لم تجذب، على ما يبدو، الطلاب. هؤلاء فضّلوا التنقل بين الصفوف والباحات على الحضور إلى قاعة بطحيش حيث كان مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع يحتفي على طريقته بمؤسس تيار المجتمع المدني والحركة الاجتماعية. ومع ذلك، أغنت استضافة المركز للمطران، افتتاح النسخة الثالثة من مهرجان العمل المدني والتطوعي الذي يستمر حتى مساء اليوم، في محيط مبنى «الوست هول».
المطران نفسه لاحظ المشاركة الضئيلة للشباب، فأوصى الحاضرين بتعميم رسائله عليهم، أو Messages. قالها حداد بالإنكليزية قبل أن يعتذر متوجهاً إلى المنظمين: «إنتو لازم تحكوا بالعربي، فالجامعة الأميركية صوفتها حمرا لأنّها أميركية، وأميركا وين ما راحت سمعتها عاطلة».
ويطالب المطران أهل الجامعة في بيروت بتقديم نموذج مختلف، «فتكونون أميركيين ملبننين أي لا تأتيكم التعليمات من فوق، ويجب أن تغيّروا الذهنية السائدة فتشركوا جامعتكم في هذا النموذج، بل أميركا كلها». لكن الرجل يعود ويؤكد أنّه لا يعرف الجامعة عن كثب «ولا يحق لي أن أتحدث عنها كثيراً، لذا كل ما أتمناه هو ألّا ينتهي العمل المدني والتطوعي بعد هذين اليومين، وعليكم التنسيق معنا لنتعاون معاً كي يضم تيارنا أكبر عدد من اللبنانيين». يتدخل مدير مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع منير مبسوط فيَعد حداد بتأليف لجنة من الجامعة تنسّق مع تيار المجتمع المدني. عندها يتوجه المطران للمشاركين «من يرد أن يتطوع معنا فليرفع إصبعه». قلة هم الذين أبدوا الموافقة، ما دفع المحاور إلى القول: «بس تقرروا اتصلوا فينا».
وفي رده على أسئلة المشاركين، جدّد حداد التشديد على أن يميّز الإنسان بين ما هو للإيمان وما هو للمجتمع ويعيش الاثنين من دون أي تناقض بينهما، مؤكّداً أن الوجه السياسي للعلمانية، بفتح العين، هو اجتماعي، على خلفية التركيز على سياسة القضايا لا سياسة الأشخاص.
ومع أنّ حداد تمنّى على إدارة الجامعة عدم الاحتفاء به «جئتُ لأحاوركم لا لتكرّموني»، أصرّ رئيس الجامعة بيتر دورمان على أن يسلّمه درعاً تقديرية، هي عبارة عن أول جائزة عمل اجتماعي تقدّمها الجامعة. عندها علّق الضيف «يعني ما سمعتوا الكلمة»، ثم توجه إلى دورمان ممازحاً «من مين هيدي الجائزة؟».
دورمان كان قد استهل اللقاء بكلمة افتتاحية أكد فيها سعي الجامعة منذ تأسيسها إلى تشجيع الطلاب على التزام قضايا المجتمع والمشاركة في المشاريع ذات التأثير الإيجابي عليهم، والمركز أحد هذه المشاريع لدفع «طلابنا باتجاه التواصل مع مدينتهم ومجتمعهم».
بدوره، رأى عميد شؤون الطلاب طلال نظام الدين أنّ «الحكومات لا تقرر تطوير المجتمع بل الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية هي من يفعل ذلك، وطلابنا محظوظون لكونهم لا يتطوعون في الجمعيات فحسب بل يعطون الكثير من وقتهم للتواصل مع محيط الجامعة والجوار».
أما عميد كلية العلوم الصحية د. إيمان نويهض الذي أدار الحوار فلفت إلى أنّ «الجامعة الأميركية تعكس المجتمع اللبناني بكل أطيافه، ونلوم أنفسنا حين نكتفي بأن نكون مرآة للمجتمع فحسب، يجب أن نقدم نسخة متطورة عن المجتمع عبر تكامل عملنا الأكاديمي مع انحيازنا للتواصل مع المجتمع المدني».
في الخارج، تحديداً في باحتي الوست هول والملعب البيضاوي، بدا المشهد مختلفاً: زحمة طلاب و«استندات» لنحو 100 جمعية تهتم بالعمل المدني، إضافة إلى نوادي الجامعة، عرضت مشاريعها عبر ملصقات وكتيبات وشروحات شخصية لوصف ما تقوم به تطوعياً لخدمة مجتمعها. كذلك يتضمن المهرجان ورش عمل تدريبية وقسماً للمأكولات يقدّم وجبات صحية للزوار. ويترافق المهرجان مع مجموعة من النشاطات، منها عرضٌ لفيلم «12 لبناني غاضب» من إخراج زينة دكاش وحفل موسيقي تحييه مي نصر.
في المقابل، ستحصل المنظمات خلال هذين اليومين على دعم المتطوعين الطلاب الذين سيستفيدون بدورهم من الخبرات المناسبة لمجال اختصاصهم، وهي منهجية تتبعها الجامعة، كما يقول لـ«الأخبار» مدير مركز الالتزام المدني منير مبسوط، أي استفادة الطلاب من المشاريع المجتمعية التي تخدم اختصاصهم، فيصبح العمل التطوعي مشروعاً لا نشاطاً ظرفياً. لكن هل يملك الجامعيون الوقت للعمل التطوعي؟ تقول ريفا التي خرجت للتو من امتحانها إن «من يرغب في التطوع عليه أن يخلق الوقت». تقبّل الطالبة زميلتها في مؤسسة عامل المشاركة في المهرجان ثم تقول إنّها متطوعة مع المؤسسة وجمعيات أخرى منذ كانت في الرابعة عشرة. وتلفت إلى أن الجمعيات تراعي «ظروفنا عندما نشغل بامتحاناتنا، بس مش يعني نسجّل اسمنا عندها ونمشي». لا يوافق الطالبان يوسف الموسوي وربيع كليب على انتزاع الوقت «فالطالب الجامعي الفقير لا يجد وقتاً لأنه يدرس ويعمل». ويثير الصديقان مسألة طائفية العمل المدني في لبنان، «فلا نستطيع أن نتطوع إلّا إذا كنا ننتمي إلى طائفة الجمعية، ما عدا الصليب الأحمر».
أما اللقطة المميزة في المهرجان فهي من توقيع عدد من طلاب البكالوريا الدولية في مدرسة «الإنترناشيونال كولدج». هؤلاء افترشوا المساحة الخضراء في الملعب البيضاوي وزينوا على طريقتهم صناديق معدّة لجمع تبرعات عينية من ملابس وكتب وأدوات إلكترونية وإرسالها إلى المحتاجين. وما قالته دانا القيسي أبلغ تعبير عن فرحها بالتطوع «مبسوطين لأنو عم نتطوع من قلبنا». تشرح القيسي أنّ الرسم مادة أساسية في البكالوريا الدولية (6 ساعات في الأسبوع) وما «نفعله لا يدخل ضمن ساعات الخدمة الاجتماعية المفروضة علينا، يعني هيدا تطوع 100%».
تعليقات: