الجاجة زينب مع إبنها أبو قاسم وحفيدتها زينب
يوم أمس الأحد كان ذكرى مرور أسبوع على وفاة الحاجة زينب حسن الحاج صالح حسّان (أم محمد علي أحمد) التي توفاها الله عن عمر يناهز الخمس وثمانون عاماً، أمضت بعضاً منها تواجه أياماً مؤلمة في حياتها، رغم ذلك إنصرفت دون أن تعرف الحسد أو الكراهية... بل كانت تتحايل على صعوبة الظروف بالصبر والإيمان.
بداية الآلام كانت عام 1956 بعدما غادر ولدها الوحيد محمد، لما كان في الرابعة عشرة من عمره، وترك المنطقة المغيّبة والمنسية والمتروكة لريح الفقر والعوز والإهمال الرسمي، فهجرها للعمل في بيروت سعياً وراء الرزق والعمل.
كانت حينها أم محمد تجهل ما يخبئه القدر لوحيدها في تلك المدينة التي أذهلته بعجقتها وبزحمة شوارعها والتي أبهرته بأنوارها وبإغراءاتها التي قاومها مواجهاً تحديات الغربة التي لم يكن له فيها أي سند...
لم تكد تمرّ ثلاث سنوات على وجوده في العاصمة حتى تعرّض محمد لحادث عمل أقعده عن الشغل .. وبعد عمليات جراحية وجلسات طبية عديدة عاد مكسور الخاطر للعيش في الخيام مع والديه ومع شقيقاته الخمس محملاً بالآلام ومصاباً إصابة بليغة في الرأس سببت له شللاً جزئياً في بعض أطرافه.
منذ وقوع الحادث، ازدادت أم محمد حباً وعطفاً على وحيدها (من بين البنات) الذي كان يبادلها الإحساس والشعور فاستطاع بعزمه وتصميمه أن يتغلب على ما ألمّ به، ويشعرها أنه ليس أقل عطاءً وجهداً من أي شاب آخر ونجح بذلك!
في فترة التهجير عمل على بيع الفواكه والخضار في الضاحية الجنوبية، ثم كوّن عائلة... وبعد العودة إلى الخيام، في مطلع الثمانينات، إقتطع غرفة من البيت ليفتتح محلاً تجارياً، عند المدخل الشمالي لساحة البلدة.
لم يتخلى محمّد (أبو قاسم) عن والدته أو يبتعد عنها، بل ان اهتمامه بها كان يزداد مع تقدّمها بالسن، وطيلة وجودها في البيت كانت الحاجة أم محمد تولي كل الإهتمام لأحفادها وبالأخص لبنات أبو قاسم اللواتي تربين معها وعلى أيديها، في نفس البيت، فحظين بوالدتين.. أم حقيقية بكل معنى الكلمة وأم روحية، بكل ما تملكه في داخلها من طهارة وثقافة دينية.
..
زرت الحاجة زينب حسّان قبل يومين من رحيلها، ولما سمعتها تلقي القصائد الشعرية الشعبية هرولت إلى سيارتي وأستليت آلة التصوير، ولما رأت "الكاميرا" استرسلت بالأحاديث والقصائد و"القوّيلات"، وكأنها أحبت أن تسجّل أشياءً قبل أن تودّع الدنيا.
الحاجة زينب حسان، هذا الإسم المحبب على قلبي (على إسم جدتي) رحلت ولكنها لم تغادر قلوب أقاربها ومحبيها وبالأخص حفيداتها لشدة ما تركت في نفوسهن من عبق الطهارة والمحبة الإيمان.
بعدما بلغني خبر وفاة الحاجة زينب فهمت عمق كلمات السيدة فيروز بأنه دائماً يوجد "وقت فراق" في اغنيتها "أنا صار لازم ودعكن" وتيقنت من خلال الأغنية أن الحاجة زينب ستقف دوماً إلى جانب أحبائها حتى بعد رحيلها البعيد في "أنتو احكوني وأنا بسمعكن.. حتى لو الصوت بعيد! "
رحمها الله
>>
ملاحظة: وردتنا بعض الملاحظات حول تعذر البعض مشاهدة الفيديو المصوّر للحاجة زينب حسّان في وداع بعض محبيها مع أغنية فيروز والذي كان بنظام MP4، لذا أعدنا نشر الفيديو على الموقع بنظام wmv وبحجمين عادي وصغير:
فيديو مصوّر للحاجة زينب حسّان في وداع بعض محبيها من دون مونتاج 23MB wmv (يعرض للمرة الأولى)
فيديو مصوّر للحاجة زينب حسّان في وداع بعض محبيها مع أغنية فيروز 24MB wmv
فيديو مصوّر للحاجة زينب حسّان في وداع بعض محبيها مع أغنية فيروز 8MB wmv
فيديو مصوّر لجنازة الحاجة زينب حسّان ولإجراءات الدفن في مثواها الأخير
موضوع سميّة علي أحمد: "يا ستّي يا حنونة، يا أغلى من نور عيوني"
موضوع أسعد رشيدي "عندما يستجيب القدر"
سجل التعازي بالمرحومة الحاجة زينب حسن الحاج صالح حسّان (أم محمد أحمد)
..
..
كلمات أغنية السيدة فيروز:
أنا صار لازم ودعكن وخبركن عني
أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغني
غنينا أغاني عوراق غنية لواحد مشتاق
و دايمن بالأخر في أخر في وقت فراق
في وقت فراق
أنا صار لازم ودعكن و خبركن عني
أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغني
غنينا أغاني عوراق غنية لواحد مشتاق
و دايمن بالأخر في أخر في وقت فراق
يا جماعة لازم خبركن هالقصة عني
أنا كل شي بقولو عم حسو و عم يطلع مني
موسيقيي دقو و فلو و العالم صارو يقلو
ودايمن بالأخر في أخر في وقت فراق
بكرا برجع بوقف معكن اذا مش بكرا البعدو أكيد
أنتو أحكوني وأنا بسمعكن حتى لو للصوت بعيد
بكرا برجع بوقف معكن اذا مش بكرا البعدو أكيد
أنتو أحكوني وأنا بسمعكن حتى لو للصوت بعيد
بلا موسيقتنا الليلة حزينة بلا غنية اليلة بتطول
كل ليلة بغني بمدينة و بحمل صوتي و بمشي عطول
بكرا برجع بوقف معكن اذا مش بكرا البعدو أكيد
أنتو أحكوني وأنا بسمعكن حتى لو للصوت بعيد
بكرا برجع بوقف معكن اذا مش بكرا البعدو أكيد
أنتو أحكوني و أنا بسمعكن حتى لو للصوت بعيد
و لا غنية نفعت معنا و لا كلمة الا شي حزين
اذا ما بكينا و لا دمعنا لا تفتكرو فرحانيين
بكرا برجع بوقف معكن اذا مش بكرا البعدو أكيد
أنتو أحكوني و أنا بسمعكن حتى لو للصوت بعيد
المختار أحمد حسّان بين والدته وعمّته الحاجة زينب
تعليقات: