بينما تضرب «المرملة» الواقعة في عقار بلدة الماري في كفرشوبا الموسم الزراعي، تطالب البلدية بإيجاد روزنامة زمنية لعملها تلحظ الزراعات الصيفية
العرقوب:
مزارعو حلتا في كفرشوبا ـ قضاء حاصبيا ليسوا بأفضل حال، فالمحفار الرابض بين مزروعاتهم في عقار بلدة الماري يضرب «بسموم» غبار الشاحنات الموسم الصيفي. ليس ذلك فحسب، بل استطاعت الشاحنات خلال ستة أشهر من بدء عملها أن تحوّل الطريق بين حلتا والمجيدية، والدحيرجات، إلى «وعرة وقدومية»، تسبب الأضرار والأعطال للسيارات.
يستغرب المزارع حسين عبد العال موافقة بلدية الماري ووزارة البيئة على إعطاء الترخيص لـ«المرملة» من دون النظر إلى الأضرار التي تلحقها بأرزاق الناس وبساتينهم. ويشرح عبد العال كيف أنّ المرملة تقع في منطقة تحيط بها أشجار التين والزيتون والصبار وكروم العنب، «فيما ننتظر الموسم من سنة إلى أخرى لتوفير مصاريف الصيف». ويسأل: «إذا ضُرب الموسم فمن يعوّض علينا؟».
لا تختلف حال علي ياسين الذي يملك إلى جانبي الطريق «كعوباً» من الصبار، التي يسيج بها كرم التين والزيتون. يقول الرجل إنّ هناك أكثر من مئة عائلة في مزرعة حلتا تعتاش من الموسم الصيفي. يبدو ياسين محتاراً فلا يعرف ماذا سيفعل اذا استمر الوضع كذلك، من دون معالجة.
أما عفيف عطية، فلا يبعد منزله عن موقع المرملة أكثر من عشرين متراً، ما يضطره وعائلته إلى إقفال الأبواب والنوافذ نهاراً، نظراً إلى حبات الرمل المنبعثة مع كلّ هبة نسيم، من المرامل وشاحناتها، التي تجرّ وراءها أذيالاً من الغبار، فلا توفر نافذة شرفة إلّا تدخلها.
من جهة ثانية، يروي محمد عطية كيف بات يسلك طريقاً طويلة تصل الماري بحلتا والمجيدية والدحيرجات، بمسافة لا تقل عن 8 كلم، هرباً من الطريق الأساسية التي تؤدي إلى المجيدية ولا تتجاوز 4 كلم. فالشاحنات، كما يقول، لم تترك «زفتاً» على الطرقات، ما جعل الأهالي يهربون من أعطال السيارات. ويلفت إلى أن حمولة هذه الشاحنات تتجاوز 40 طناً، أي أكثر من قدرتها بعشرات الأطنان. كذلك يهرب المواطنون، بحسب عطية، من ضيق الطريق التي لا يكاد يتسع عرضها لمرور شاحنة واحدة، ما «يضطرنا للتراجع مسافة طويلة إفساحاً لمرور الشاحنات».
هناك من لديه رأي آخر بشأن إنشاء محفار رمل في منطقة متاخمة للشريط الحدودي، ما يؤمن فرص عمل للمواطنين، ويجعلهم يتشبثون بأرضهم. ومع ذلك، لا يخفي هؤلاء أنّ جمعيات بيئية صنّفت منطقة العرقوب وجبالها ضمن المناطق اللبنانية النظيفة بيئياً.
ضرر المرملة لا ينعكس على بلدة الماري فحسب بل يطاول جميع أبناء كفرشوبا وأملاكهم. أو هذا، على الأقل، ما يقوله رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري الذي يلفت إلى أنّ الأضرار برزت بعد فترة من عمل المرملة، على الطريق بين حلتا والدحيرجات والوزاني، و«يقع جزء كبير منها في عقار بلدتنا». ويشير القادري إلى أنّ البلدية اتفقت مع الإدارة المسؤولة عن «المرملة» على معالجة الطريق التي «خربت» بسببها، وأن تخفف الحمولة الزائدة، لكون الطريق ضيقة ولا تتحمل مثل هذه الاثقال. ويوضح أن الاتفاق شمل «رسماً شهرياً يبلغ800 ألف ليرة يدفع لبلديتنا كما يدفع لبلدية الماري، لكون المرملة في خراجها، فيما أضرارها تقع في خراج بلدتنا، وعلى مزارعيها، لكن هذا الاتفاق سرعان ما تبدّد، وأُخلّ به، فالطريق لا تزال تتعرض للتخريب، ما يؤدي إلى أضرار ناجمة عن الحفريات التي تحدثها عشرات الشاحنات على مدار الساعة».
ولأن ادارة المرملة لم تلتزم الشروط التي اتفق عليها، يطالب القادري المعنيين في هذا الشأن بايجاد روزنامة زمنية تلحظ الزراعات الصيفية والأضرار اللاحقة بها إذا استمرت، إضافة إلى الكشف على المزروعات الموسمية التي تتضرر منها. ويناشد القادري إيجاد طريقة تلزم الشاحنات التقيد بالحمولة، بعد إعادة تعبيد الطريق بالطريقة التي تجعلها تتحمل أوزاناً كبيرة.
وبالنسبة إلى حصول «محفار» الرمل على الموافقة والترخيص في منطقة مأهولة وزراعية من دون النظر إلى الشروط القانونية والبيئية، يؤكد مسؤول في وزارة البيئة رفض الإفصاح عن اسمه أنّ «الترخيص يشبه أي معاملة في هذا البلد، فالمرملة تنشأ بتغطية سياسية من جهات نافذة في المنطقة وفي الدوائر الرسمية، وتأتي نتيجة اتفاق بين أفرقاء مختلفين سياسياً ومتفقين على المخالفة بتمرير الترخيص دون العودة إلى الشروط». ويقول إنّ بلدية الماري السابقة وافقت على إنشاء محفار رمل بعقارها بقرار بلدي، شرط ألا تمر الشاحنات التي تنقل الرمل على طريق البلدة. ويقول المسؤول إنّ «مئات الاشجار المثمرة وخصوصاً الزيتون اقتلعت بهدف استخراج الرمل، بما يعدّ جريمة بيئية بحق الأشجار وبحق منطقة تشتهر بزراعة الزيتون والصبار والتين».
«الأخبار» حاولت الاتصال برئيس بلدية الماري، يوسف فياض، فتمنع عن اعطاء اي حديث بخصوص محفار الرمل الواقع في عقار بلديته.
تعليقات: