تلوث الهواء ... تأثيرات مستديمة (م.ع.م)
بالرغم من الدراسات الكثيرة للآثار البيئية للعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز الماضي، ولا سيما دراستي برنامج الامم المتحدة الانمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب)، واللتين تجاوزت كلفتهما المليون دولار أميركي! إلا انه من المؤكد ان الكثير من «الآثار»، كما في أي حرب وبعدها، ستبقى خفية لا تقدر ويستحيل رصدها، ولا سيما تلك التي تترك مخلفات بعيدة المدى.
لعل أكبر الاضرار الظاهرة التي حصلت على التغطية الاعلامية الاكبر، تمثلت في تلوث البحر من جراء قصف اسرائيل لخزانات الفيول في محطة الجية واحتراق 45 الف طن طوال فترة العدوان وتسرب ما يقارب 15 ألف طن من الفيول الى البحر... وإضافة اليها هناك مشكلة الردميات الضخمة الناجمة عن الحرب لا سيما في منطقة الضاحية الجنوبية وبعض قرى الجنوب والبقاع... إلا ان التأثيرات البيئية على القطاعات كافة كالزراعة والصناعة والطاقة، والتدهور والتلوث الذي حصل في المياه السطحية والجوفية والتربة والهواء والتنوع البيولوجي ... لم تأخذ حقها من الاهتمام.
تسبب القصف الإسرائيلي على لبنان خلال 34 يوماً بتدمير البنى التحتية في لبنان تدميراً كبيراً. وقد تم تدمير ما يقارب 445 ألف متر مربّع من شبكات الطرقات، و92 جسراً ومعبراً، بالإضافة إلى تدمير أو إلحاق الضرر بما يقارب 130 ألف وحدة سكنية (حسب إحصاءات الهيئة العليا للإغاثة) بالإضافة إلى شبكات تأمين المياه ومياه الصرف الصحي. وبالرغم من أنّ الاعتداءات طالت كل أنواع البنى التحتية في مختلف أرجاء لبنان. إلا ان المناطق التي تأثرت مباشرة بسبب القصف المكثف والتي أصابها التهديم بشكل كبير، هي منطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بالإضافة إلى بلدات عدة في جنوب لبنان، ومنطقة البقاع. وقد قدر حجم الركام والردم الناجم عن التدمير بنحو اربعة ملايين متر مكعب!
قضية تلوث البحر، وانتشار البقع النفطية على طول الشاطئ اللبناني، استحقت اهتماما اقليميا ودوليا، وقد أدرج الموضوع في البند 35 (أ) على جدول اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة التي انعقدت في 20/12/2006 (محضر 6/2/2007 للدورة الحادية والستين)، حيث أعربت الجمعية العامة «عن بالغ قلقها إزاء الآثار الضارة الناجمة عن قيام القوات الجوية الاسرائيلية بتدمير خزانات النفط في الجية...» كما رأت «ان البقعة النفطية قد أحدثت تلوثا شديدا بشواطئ لبنان، وان لها آثارا خطيرة في الصحة البشرية والتنوع البيولوجي ومصائد الاسماك والسياحة...». وطلبت الجمعية العامة في البند الثالث، وهنا الاهم، من «حكومة اسرائيل»، «ان تتحمل المسؤولية عن تقديم التعويض الفوري والكافي الى الحكومة اللبنانية عن تكاليف إصلاح الضرر البيئي الناجم عن التدمير، بما في ذلك إصلاح البيئة البحرية». وبالرغم من هذا القرار المهم، لم يتابع هذا الموضوع بالقدر الذي يستحقه.
في قطاع الطاقة
طالت الأضرار الرئيسية التي لحقت بقطاع الطاقة، محطات تخزين الوقود في معمل الكهرباء في الجية، وخزانات الكيروسين في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وشبكات النقل والتوزيع والتحويل للكهرباء، ومحطات الوقود. وقد أصيبت خزانات الوقود في معمل الكهرباء في الجية جرّاء القصف بتاريخ 13 و15 من تموز/يوليو .2006 وتسبب ذلك باحتراق ما يقارب 45 ألف طن (استمرّت عملية الاشتعال طوال 12 يوماً)، وتسرب الى البحر ما يقارب 15 ألف متر مكعّب، ما سبّب إحدى أكبر الكوارث البيئية التي عرفها لبنان في تاريخ شاطئه.
أمّا خزانات الوقود في المطار فقد تضرّرت جرّاء ضربة مباشرة بتاريخ 13 تموز/يوليو .2006 وتقدّر كمية الكيروسين التي احترقت من صهاريج الوقود بـ5 آلاف متر مكعّب. أما بالنسبة إلى محطات التحويل وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء، فكانت الأضرار غير مباشرة في الجزء الأكبر منها، كون غالبية الأضرار التي تكبّدتها المحوّلات سبّبتها الشظايا. وقد تعرض ما يقارب 199 محوّلاً للضرر، و59 محوّلاً تم تدميرها نهائياً، حسب الإحصاءات الرسمية.
إلا أن أحدا لم يلاحظ أيّ مبادرات لتقييم التلوّث في المناطق التي من المحتمل أن تكون قد تضرّرت.
وتحدث خبراء في البيئة، شاركوا في الدراسات لآثار الحرب، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، عن احتمال ان تحتوي تلك المحولات على مادة (بي سي بي) التي تنتج مادة الديوكسين المسرطنة عند احتراقها. مع العلم انه في العام 1979 منع إنتاج هذه المادة في العالم، وقد بدأت عمليات الاستغناء عنها في محولات الكهرباء في لبنان في وقت متأخر جدا، من دون الإعلان الصريح عنها!
وكانت مصادر بيئية متابعة، خارج الدوائر الرسمية ودوائر الأمم المتحدة، قد قدرت عدد المحولات الكهربائية المتضررة من الحرب بـ725 محطة، وان القديمة والخطرة تشكل 65 منها، وان 33 منها تحتوي تلك المادة المسرطنة!
كذلك تعرّضت محطات وقود متعددة لضربات مباشرة من قوات الدفاع الإسرائيلية خلال الحرب. وتشير التقارير الرسمية إلى أنّ 22 محطة وقود تضرّرت خلال الحرب في محافظات الجنوب، والنبطية والبقاع. ومن الممكن أن يكون هذا الرقم أعلى فعلياً. إذ أفادت السلطات المحلية في بنت جبيل، ومرجعيون وصور وحدها عن تضرّر 47 محطة بنزين. وقد حدّد مسح سريع أجرته «شركة الأرض للتنمية المتطورة للموارد ش.م.ل.»، ان في بعلبك 7 محطات متضررة؛ وقيّمت 5 محطّات على أنها شهدت تسريب وقود محتملا بناء على معلومات أفاد بها أصحابها بحسب كمية الديزل والبنزين الموجودة عند إصابة المحطة بالأضرار. وقد أفيد عن وجود ما يقارب 360 ألف ليتر من البنزين و140 ألف ليتر من الديزل في صهاريج التخزين، ولكنها إما انها احترقت أو تسرّبت إلى طبقات المياه العليا.
القطاع الصناعي
تضرّر ما يقارب 31 منشأة صناعية في جنوب لبنان والبقاع وضواحي بيروت. وقد تعرضت للتدمير الجزئي أو الكلّي. إلا أنّه وبعد المعاينة الدقيقة (والزيارات الميدانية التي قامت بها الشركة الملتزمة دراسة برنامج الامم المتحدة الانمائي)، لوحظ ان هناك 9 منشآت صناعية قد تعرّضت لأضرار كثيفة. وهذه المنشآت الصناعية هي: معمل أنسجة الأرز (البقاع)، معمل غبريس للمنظفات (الجنوب)، شركة صفيّ الدين للبلاستيك (الجنوب)، معمل لامارتين (البقاع)، معمل ماليبان للزجاج (البقاع)، شركة ليبان لي (البقاع)، منشأة التخزين الصناعي ترانسميتد (جبل لبنان)، معمل الأنسجة الرقيقة (الجنوب) والشركة اللبنانية لصناعة الكرتون (جبل لبنان).
وقد تسببت هذه العمليات، ولا سيما احتراق المصانع المدمرة، الى تلويث الهواء وتسرب قسم من محتوياتها وتلويث التربة والمياه الجوفية.
القطاع الزراعي
تكبد القطاع الزراعي والثروة الحرجية والمياه العذبة وقطاع صيد الأسماك والمستودعات الزراعية ومزارع تربية الحيوانات الداجنة...خسائر كبيرة.
وقد قدّرت وزارة الزارعة مساحة الغابات والمساحات الحرجية الأخرى التي تعرّضت لأضرار مباشرة بفعل الحرائق، أو غير مباشرة خلال الحرب وبعدها في محافظتي الجنوب وجبل لبنان بما يقارب 1800 هكتار. وتمثل هذه القيمة ما يقارب 5 في المئة من الغابات والمساحات الحرجية قبل الحرب في المناطق المنكوبة. كما أصيبت مواقع الصيد في المياه العذبة في نهر العاصي بشكل خاص، فنفق ما يقارب 305 أطنان من الأسماك، التي تركت لتتحلّل في مياه النهر.
كذلك تأثر صيد الأسماك البحرية مباشرة من خلال تدمير البنى التحتية خلال قصف المرافئ وتلوّثها بالنفط (تضرر أكثر من 300 قارب إضافة إلى مئات الكيلومترات من شبكات الصيد). كذلك دمّر عدد من المستودعات الزراعية خلال الحرب، ما قد أدّى ويؤدّي إلى تسرّب مبيدات الحشرات والأسمدة الزراعية في الطبيعة. وقدّ قدّرت منظمة التغذية والزراعة (الفاو) عدد جيف الحيوانات التي نفقت بأكثر من 3050 رأس ماشية تنتج الحليب، و1250 ثوراً، و15 ألف رأس من الماعز والخراف، و18 ألف قفير نحل وأكثر من 600 ألف آلة لتفقيس الدجاج. وكل هذه الكميات الضخمة تم رميها أو تعرضت للاحتراق في الطبيعة.
كما أدت كثافة حركة الآليات العسكرية في المناطق الأكثر تضرّراً في الجنوب إلى رص التربة وخسارة خصوبتها وزيادة نسبة التعرية. أما تلوّث الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض، فقد حصل انقسام حول تقييم خطره بين من اعتبره ملوثا متوسط الضرر ومن لم يعتبره مصدر قلق كبيرا.
قطاع البناء
إن أكثر ما بدا ظاهرا للعيان من جراء العدوان هو حجم الدمار الذي لحق بالأبنية ومن خلال كمية الردميات والنفايات الناتجة عن التدمير. ويقدّر حجم الأنقاض الناتجة بين 2.5 إلى 4 ملايين متر مكعّب. إلا أنه وبسبب طبيعة قطاع البناء، تنسحب الآثار السلبية على مراحل أخرى من عملية إعادة البناء، التي تتطلب المزيد من الضغط على الطبيعة لاستخراج الرمال والحصى وصناعة موادّ البناء، وكذلك على ورش البناء ونسبة تشغيل الأبنية وصيانتها.
تستهلك ورش البناء غالباً جزءاً كبيراً من الموارد الطبيعية على غرار المياه والطاقة والمنتجات المعدنية. وبذلك تقدّر الحاجة إلى إعادة إعمار 60 ألف وحدة سكنية أفيد عن تعرّضها لأضرار كثيفة أو عن تدميرها إلى ما يقارب 3.5 ملايين طنّ من الرمل والحصى (أي الى ضعفي ما دعت الحاجة إليه قبل الحرب)، و3,1 مليون طنّ من الإسمنت وما يقارب 22 مليون متر مكعّب من المياه. وتكثر المخاوف من أن يقابَل هذا الطلب التصاعدي بارتفاع غير محدود في أنشطة محافر الرمل والمقالع والكسارات المحلية ما يخلّف آثاراً لا رجوع عنها على بيئة لبنان الهشة، بما فيها تدمير المساحات الخضراء، وخسارة دائمة في التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، وارتفاع في مستويات الضجيج، والتلوث الهوائي والبصري، وتلوّث المياه الجوفية وموارد المياه السطحية، وتعرية التربة وإمكانية انجراف التربة بالإضافة إلى خسارة قيمة العقارات.
بالاضافة الى ذلك، ينتج عن إعادة الإعمار، تزايد معدّل تركّز الجزئيات في جوار مواقع البناء. وقد أشار التقييم الأولي لدراسة برنامج الامم المتحدة الانمائي إلى إمكان ارتفاع تركّز هذه المواد بنسبة خمسة أضعاف، استناداً إلى نسب مرجعية في مواقع إعادة بناء على غرار الضاحية.
كذلك يتطرّق التقرير إلى تكاليف معالجة نفايات التدمير والتخلّص منها والتي نتجت عن منطقة الضاحية وعن محافظات جنوب لبنان والنبطية والبقاع. ويشير تحليل مقارنة للتكاليف إلى أنّ أقلّ الخيارات كلفة ترتكز إلى خفض حجم النفايات في موقع البناء، وبناء على حاجات السوق المحلية، إلى التخلص من النفايات عبر الردم الأرضي أو استخدامها موادّ ردم لإعادة تأهيل محافر الرمل والمقالع بالطريقة الملائمة. وتتراوح التكاليف التقديرية لمعالجة النفايات والتخلّص منها في بيروت إلى 3.5 ملايين دولار فيما تبلغ في الجنوب والنبطية والبقاع 8 ملايين دولار.
التسرب النفطي وتلوث البحر
مع تسرب 15 ألف متر مكعّب من الفيول الى البحر، تضرّر ما يقارب 150 كيلومتراً من الخطّ الساحلي (من أصل 220 كيلومتراً) ومن شواطئ لبنان الساحلية الرملية والصخرية بسبب هذا الحادث. وقد أفادت آخر تقارير وزارة البيئة الصادرة بداية شهر حزيران 2007 ان حجم المخلفات الناجمة عن عمليات التنظيف قد بلغ ما يقارب الف متر مكعب من الفيول و6,407 امتار مكعبة من النفايات الصلبة الملوّثة بالنفط (الرمال والحصى والنفايات الملوثة). وقد تم تجميع معظم هذه المواد في بعض مصافي النفط القديمة في لبنان، بانتظار ايجاد الحلول لمعالجتها. ولا تزال عمليات التنظيف مستمرة حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
وقد تأثر النظام البيئي القاعيّ القريب من منطقة الجية على نحو حادّ بسبب النفط الذي غرق في المنطقة، حسب تقارير الامم المتحدة. وقد يستحيل معالجة هذا الأثر في الطبيعة. ويؤكد الخبراء أنّ تسرّب النفط قد أثر كذلك على إرث التنوع البيولوجي الحسّاس بما فيه محمية جزر النخل الطبيعية في طرابلس، ما كبّد سماتها البيئية الحسّاسة أضراراً جسيمة. ويعتبر البعض أنّ هذه الآثار ستلقي بثقلها لمدة طويلة على الطبيعة.
آثار القنابل غير المنفجرة
أكثر من مليون قنبلة عنقودية تركها العدوان الاسرائيلي على لبنان. بالاضافة الى العدد الكبير من القنابل غير المنفجرة التي لا يعرف مواقعها. وتساهم القنابل غير المنفجرة في تدمير الغابات والشجيرات. كما يطرح وجودها عائقاً أساسياً للتحريج. ويتوقّع أن تشكل عائقا ايضا لاطفاء الحرائق. كذلك يتمّ فقدان الثروة الحيوانية، لا سيما الثدييات الكبيرة الأحجام، أو تتعرض لإصابات متلفة نتيجة القنابل غير المنفجرة المنتشرة في البرّية. وتتسبب القنابل غير المنفجرة بمشاكل لسكّان الريف الذين يعجزون عن بلوغ أراضيهم الزراعية، ما يزيد من الضغط على الموارد المتاحة ويروّج لممارسات غير سليمة. كما يمكن ان تتسبب القنابل بهجرة سكان الريف الى المدن لعدم تمكنهم من دخول الغابات التي كانوا يعتاشون منها.
آثار بيئية أخرى
أجمعت معظم التقارير التي تناولت دراسة آثار الحرب البيئية، ان أهمّ هذه الآثار كان على نوعية الهواء بسبب احتراق الفيول والكيروزين في معمل الكهرباء في الجية وفي مطار بيروت على التوالي، بالإضافة إلى تزايد الجزيئات المحتمل في جوار ورش إعادة الإعمار كما ذكرنا. بالإضافة الى حرائق الغابات واحتراق الوقود في محطات الوقود. وقد أشارت الدراسات الى أن أهم الانبعاثات التي نجمت عن هذه الحرائق كانت ديوكسيد الكبريت وأوكسيد النيتروجين ومونوكسيد الكربون، والجزيئات وهيدروكربونات والعطرية المتعددة الحلقات وديوكسين وفيوران.
أمّا أهمّ الآثار على موارد المياه العذبة فهي الأضرار التي لحقت بالمياه السطحية بسبب تهدّم الجسور، وإمكانية تلوّث المياه الجوفية بفعل تسرّب البيفينيل المتعدّد التكلور، أو تسرّب البنزين والديزل من محطّات الوقود المتضررة، واحتمال تلوّث المياه السطحية والجوفية في منشأة ترانسميد ومنشآت التخزين الخاصة بالشركة اللبنانية في الشويفات، وتدهور نوعية المياه السطحية في نهر العاصي. ويرتبط تأثير التلوث على المياه الجوفية في المواقع الصناعية المتضررة في البقاع بمستوى التلوّث في هذه المواقع؛ ويأتي تقرير التقييم البيئي لما بعد النزاع الذي أعدّه برنامج الأمم المتحدة للبيئة ليؤكّد هذه النتائج.
وترتبط التأثيرات على التربة ارتباطاً وثيقاً بالتأثيرات على المياه. وذلك كون التربة تشكل قناة للمتلقيات المائية. وأخطر التأثيرات على التربة والأرض هو التأثير على المساحات الرملية والصخرية الساحلية التي تعرّضت لضرر كبير بسبب تسرّب النفط كما ذكرنا أعلاه.
وقد تأثر التنوّع البيولوجي على نحو مباشر وغير مباشر بالحرب. فقد تضرّرت المناطق المحمية والنظم الايكولوجية الهشة. كما تأثرت النظم الايكولوجية في المياه السطحية بدمار البنى التحتية لا سيما تحت الجسور المهدّمة أو بفعل تحلّل جيف الحيوانات في نهر العاصي. وقد أدّى استخدام الجيش الإسرائيلي الآليات الثقيلة (أي الدبّابات وجرّافات التسوية) لفتح الطرقات خلال الاجتياح إلى إلحاق الضرر بالنظم الايكولوجية وبالحيوانات وتجزئتها بالإضافة إلى محو المساكن الهامشية على جوانب الطرقات. وفي البحر، عانى الحوض المتوسطي كثيراً خلال الحرب وبعد نهايتها. وبصورة عامة، كان البحر الأكثر تأثرا بموارد التلوّث داخل الأرضي اللبنانية بسبب الحرب الاسرائيلية. وعلى مستوى غير مباشر، أدّت الحرب إلى رفع مستوى المشاكل على غرار تزايد الضغط الديموغرافي على الموارد بفعل نزوح السكّان والتدهور الاقتصادي. وهذه الضغوط التي تضمّنت خسارة المزارعين موسم حصاد كاملا وعجزهم عن بلوغ أراضيهم بصورة كاملة، حتى الآن. كما تعرّضت الموارد الايكولوجية للمزيد من الضغوط بسبب التخلّص العشوائي من نفايات الدمار، وذلك نتيجة المسارعة إلى بذل جهود إعادة الإعمار واستصلاح الأراضي الساحلية والمناطق البرية والأودية والهضاب وجوانب الطرقات. إلى ذلك تطرح الممارسات على غرار رمي نفايات الدمار في الأوزاعي بالقرب من الخطّ الساحلي تهديدات جسيمة وخطيرة على التنوّع البيولوجي والمساكن البحرية، لا سيما بتنامي خطر انهيار جزء من كتلة النفايات في البحر.
تعليقات: