الأستاذ سعيد الضاوي، رئيس النادي، والأستاذ عبد الأمير مهنا (أحد مؤسسي النادي) - أرشيف
1- نادي الخيام الثقافي الإجتماعي
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، خطا العالم كلّه نحو مرحلة جديدة.
ضعفت شوكة أوروبا والغرب عموماً، ما عدا الولايات المتحدة الاميركية التي راحت تتحضّر لوراثة نفوذ الدول الأوروبية، وتحرّكت البلاد المستعمرة مطالبة بالإستقلال والحرية. فحصل معظمها على الإستقلال، ثمّ جاءت موجة الإنقلابات العسكرية في أميركا اللاتينية - أفريقيا – الشرق الأوسط. لتُخيّب آمال الشعوب في التطلّع الى الحرية، وبالتالي الى التقدُّم. ولم تكن الدول الغنية والمهيمنة بعيدةً عن دفع وتشجيع هذا التوجُّه لدى بعض ضبّاط الجيوش، وتسترت هذه الحركات كلُّها تحت شعار التغيير نحو الافضل، أضافت عليه في بلادنا شعار " نُصرة الشعب الفلسطيني ". والآن، وبعد نحو نصف قرن من الزمن، يمكننا ان نلمس ماذا تحقق من كلّ ذلك:
في بداية هذه المرحلة، بدءاً من الخمسينات، ساد في المنطقة العربية شعور جارف يتطلّع الى النهوض القومي: توقٌ الى الحرية والديمقراطية والتعليم (الذي شكّل أهم وسيلة للرقي الإجتماعي والتقدُّم) والى العدالة بكل وجوهها الإجتماعية والسياسية...
وفي هذه المرحلة، نشطت الأحزاب السياسية لتاخذ في الظهور في حركات وروابط للعمل في شتى المجالات بهدف التقدُّم. وقيّض لمنطقة مرجعيون ( خصوصاً في الجديدة والخيام وإبل السقي.... ) وجود بعض الشخصيات التي تسنّى لها من الثقافة والمكانة الإجتماعية والإطلاع على الآلية التي كانت تتحكّم بالصراع العالمي (سلام الراسي، شكرا الله كرم، ( وكُثُرُ في منطقة مرجعيون والنبطية يضيق المكان لذكرهم )، وكانوا روّاداً لنهضة موعودة، ومثالاً إحتذى به جيل جديد من الشباب.
ومن أوائل وأبرز الذين التقطوا جيداّ علامات هذا الوضع الجديد هاني عسّاف الذي إجتمعت فيه بعض الخصال التي أعدّته للعب دورٍ مركزي: ثقافة وإطّلاع واسع - ديناميكية لا تهدأ - قدرة على التواصل والنقاش الهادىء القائم على التحليل والإستماع للرأي الآخر وقبول الإختلاف - مقدرة على التنظيم والصياغة والعمل الجماعي- تحرر تام من مرض الطائفية...
جميع هذه الصفات كانت موجودة في شخص الدكتور شكر الله كرم، إلاّ انّ هاني أسعفه جيلٌ من الشباب (طالب عبد الله - سعيد الضاوي - أسعد حيدر - عبد الأمير مهنا - أمين سويد... وكثيرون كثيرون من مختلف العائلات الخيامية) ممّا شكّل قاعدة لإنطلاق العمل من أجل الخيام، دون أن تغيب عن الاذهان ولو للحظة إنّ ذلك يصبُّ لا محالة في نهضة الوطن بكلّ أبعاده.
كان كلُّ فردٍ من الناشئة يتحسّس هموم مجتمعه الصغير، وصولاً الى المجتمع العربي الواسع، وكان كلُّ فردٍ يتوق لأيّ عملٍ ينقله من متفرّج يستمع (عبر الصحافة والراديو) للتطورات العاصفة بالمنطقة، الى مساهم يُؤثر في مجرياتها.
وكي تكون المساهمة مجدية، تولّدت عند جيل الشباب هذه فكرة العمل الجماعي الذي يقوم على جهد وتكاتف وإن تعددت الإجتهادات السياسية، يكفي أن تصبّ في هدف واحد: الخروج من حالة التخلُّف الى التقدُّم نحو مجتمع أفضل، وهكذا نشأت فكرة تأسيس نادي الخيام الثقافي الرياضي الإجتماعي.
كان الحصول على رخصةٍ من وزارة الداخلية أمراً شبه مستحيل (ولأسباب سياسية ضيّقة) لكن تولي المرحوم كمال جنبلاط لهذه الوزارة كان الفرصة الذهبية.
تأسس النادي بداية العام 1974، واتخذله مقرا قرب الثكنة ، وإنضم إليه ما بين 600 و 700 منتسب ، إنتخبوا لهم هيئة إدارية، وفي فترة زمنية قصيرة أصبح لديه مكتبة تضم العديد من الكتب (التي جُمعت بالتبرعات ) وقاعة مطالعة كانت تعُجُّ دائماً بالروّاد (على الرغم من بُعد المكان عن ساحات البلدة).
وكانت الخدمات وكثير من الأنشطة المتنوعة، يتم تامين متطلباتها المادية بالمبادرات المُتبرَّعة.
طرح هاني ورفاقه فكرة شراء قطعة أرض لإقامة بناء للنادي عليها ، وتمَّت تبني هذه الفكرة و من ثم اُرسل وفد الى الكويت لجمع التبرُّعات ، وكانت المحصلة إيجابية لسخاء المهاجرين الخياميين ، ومساعدة السفير المرحوم حسيب عبدالله ، إضافة الى التبرعات المحلية (من أعداد كبيرة بمبالغ بسيطة مما جعل المحصلة كبيرة) نتيجة لذلك تمَّ شراء قطعة الأرض. ثم جاءت الحرب الأهلية ، والحرب الأهلية لعنة على جميع المواطنين ، ونتيجة لها ، إضطر أهالي الخيام المقيمون في بيروت الى "الهجرة المعاكسة" الى الخيام .
وقام النادي بالتعاون مع شخصيات شبابية أخرى بتنظيم شؤون ابناء الخيام (بعد الفراغ في السطلة) في جميع المجالات : التموينية - الامنية - حتى تلك المشكلات التي نشأت عبر إكتظاظ البيت الواحد بأكثر من عائلة ، عدا عن معالجة الاشكالات مع الحلفاء في المقاومة الفلسطينية آنذاك. ولقد تلقت مؤسسة النادي ذلك الوقت الكثير من الضربات ومن كل صوب : من خصوم الحركة الوطنية آنذاك ، ومن حلفائها
ولمّا طال أمَد الحرب الأهلية وكثُرَت التدخلات الخارجية من كلّ صوب ، وشرَّع اللبنانيون أبوابهم على مصراعيها لكل التدخلات ، وبدأ مشروع الحركة الوطنية بالتقهقر ، بدأ نشاط النادي يغفو ، ودخل في " الكوما " بعد تهجير أهل البلدة بالكامل .
مع بداية عودة السلم الأهلي الى ربوع الوطن ، من دون أن تزول أسباب الحرب الأهلية ، بدأ النادي يستفيق ببطء لمعاودة الحياة ، وعاد هاني ورفاقه لدفع مسيرته من حيث إنتهت ، وكانت الخطوة المهمة (بعد بعض الخطوات الخجولة) هي الحصول على تبرُّع من من مؤسسة الوليد بن طلال ورئيستها السيدة ليلى الصلح حمادة بإنجاز مبنى للنادي على أرضه في الجلاحية ( و للدكتور كرم كرم فضل كبير في هذا الامر ) حيث تم ال في 2 أيار 2011 ببدء القسم الثاني والأخير لهذا الإنجاز الواعد .
أذكر هاني عسّاف كلّما سمعت في هذه الأيّام عن شاب يساهم بالثورة العربية الناشئة عن طريق: الدعوة للتظاهر بواسطة التكنولوجيا الحديثة وإستعمال وسائل الإتصال، والنزول إلى الساحات للمساهمة في تعبئة الجماهير وصياغة الشعارات التي تمسُّ حياة الشباب (والناس عموماً)، أو بذل الجهد (حتى الحياة) في سبيل الوصول بالثورة تدريجياً إلى أهدافها المرجوَّة.
2- الثورة الفرنسية
لم يعرف التاريخ المعاصر حرباً بمستوى الثورة الفرنسية، واليوم أغلب المراقبين الموضوعيين (على صعيد العالم وفي عصر العولمة) والناطين بالفكر والسياسة يتوسّمون في الثورة العربية (من حيث ظروف النشأة والأهداف وإستعمال الوسائل) شبهاً كبيراً بالثورة الفرنسية:
غرس بذور الثورة الفرنسية مفكرو النهضة (روسو- فولتر- ديدرو- مونتسكيو...) الذين
نادوا بضرورة التغيير ، وحددوا الأهداف التي يجب أن يوصل إليها هذا التغيير لنقل المجتمع من حالٍ مزرٍ إلى حال أفضل ، كما دعوا الى سحق الامراض التي تعاني منها الأكثرية الساحقة من أفراد المجتمع ، حيث اوصلت الظروف المعيشية والحرمان من الحقوق ، الغالبية الساحقة من الناس إلى حال من العيش لا يطاق . وهذا ما اسقط حالة القداسة والديمومة عن الملك وحاشيته و عن الأرستقراطية المالكة لزمام الأمور ،
بدأت الثورة بالناس العاديين الجائعين، ثم إنضّم إليها الشباب الطامحيين إلى التغيير حتى وصلت إلى بعض المفكرين من الطبقة الأرستقراطية وإلى البورجوازية (لا فاييت ميرابو...) وبعض رجال الدين.
إنكسر حاجز الخوف من القمع (سقوط الباستيل) وإنتبه الناس إلى قوّتهم فانكسرت جيوش وزالت ، ونشأت مكانها جيوش .
بدأت الثورة بتنظيم نفسها وتتطلّعت إلى أشكال جديدة من الحكم، ولم يكن المخاض سهلاً : فلأوّل مرة ، وبمشاركة واسعة من المشاركين بالثورة الذين إنتخبهم الناس على أسس جديدة ، وإرسلهم إلى الجمعية عمومية (حيث أستُعمل لاول مرة في التاريخ يمين ويسار نسبة للجالسين في يمين القاعة أو يسارها) بدأ صراع عنيف بين اهل الحكم الجدد حول تحديد مراحل الإنتقال إلى أوضاع جديدة . وترتب على ذلك بروز تيارات جديدة تظهر وتزول وتتجدد في ديناميكية لا تهدأ.
اتحدت الممالك والامبراطوريات الأوروبية لمحاربة الثورة كي لا تصل العدوى إليها ، فشكلوا فيما بينهم تحالفاً عسكرياً لإجهاضها . وقد وصلت أصداء هذه الثورة وشعاراتها (وعلى رأسها شعار حقوق الإنسان) إلى مشاعر الاوروبيين ودخلت فيها.
شكل الثوار جيشهم وبرز فيه قادة تاريخيون (كارنو- نابليون...) للدفاع ببسالة عن ثورتهم وبلدهم،و بعد درء الخطر على الحدود ، إنتقلت الثورة إلى الهجوم خارج هذه الحدود.
من الوهم أن يخلط المرء بين الإنقلاب العسكري والثورة، كذلك لا يجوز الخلط في الألبسة الجاهزة والمفصّل على القياس.
الإنقلاب يأتي بفريق جديد لتحكُّم جاهز من حيث الأهداف والطريقة (الدكتاتورية)، فيقلب الوضع في ساعات ويظل يحكم ويترهل حتى الهريان، ويبقى هذا الفريق هو هو:
الثورة الجماهيرية تحدد (بعد المعاناة) الاهداف وترفع الشعارات وتتلمّس الطرق للوصول إليها، فتخلق قيادات وتُسقط قيادات بأساليب جماعية ، وقد يستغرق مخاضها سنواتٍ وعقوداً ، فالثورة الفرنسية بدأت عام 1789 وإستقرّت الجمهورية نهائياً عام 1871، بعد ان مرّت بمراحل:
الإدارة عام 1793 ثم القنصلية.
الإمبراطورية عام 1799.
الملكية (لويس الثامن عشر) عام 1815.
الملكية الثانية (لويس فيليب) 1830.
الجمهورية ثم الامبراطورية الثانية 1851.
ولم تستمر لها الأوضاع نهائياً بالعودة للجمهورية إلاّ بعد عام 1871 (دون ذكر كومونة باريس الشيوعية القصيرة الأمَد سنة 1870.
خلال هذه الفترة، كانت أوضاع الناس في أوروبا كلُّها في تطور هائل ومتسارع في جميع الميادين: العلم - الإكتشافات - الصناعة - أنماط الحكم - الفن – القضايا الإجتماعية، مما أوصل أوروبا إلى قمة الحضارة.
3- الثورات العربية
في إعتقادي أنَّ الذي يحصل في بلاد العرب من ثورة فيه الشبه الكبير مما تقدَّم.
شعاراتها الرئيسية: الحرية والديمقراطية – إيجاد فرص العمل للشباب - محاربة فساد السلطة ( الإثراء غير المشروع وسرقة المال العام... )
أسلوبها : تعطيل فعالية سلاح السلطة ( القمع البوليسي ) بالمجابهة بصدور الجماهير (التي لم تعد تشعر بفارق كبير بين الموت والحالة التي أوصلتها إليهاالسلطة ، مما جعل الخوف يغيّر موقعه : من عند الجماهير إلى عند السلطة.
فرز قيادات غير معروفة تستطيع أن تستعمل آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة وذلك بهدف :
تعبئة الجماهير ودعوتها إلى التجمع.
تعطيل إعلام السلطة الكاذب وإحتكاراته.
إيصال الإعلام الحقيقي بمختلف الوسائل والأساليب
إنّ نظرةً سريعة لما بدأت بتحقيقه هذه الثورة حتى الآن (وعمرها لم يتعدَّ الستّة أشهر ) يزيدنا ثقةً بطبيعتها :
الولوج الحقيقي في بداية درب الحرية والديمقراطية في البلدان التي نجحت في اسقاط راس النظام وبعض ادواته فيها.
دفن تقليد وبدعة بقاء الشخص الواحد في قمة هرم السلطة طوال حياته ( ومعه بدعة توريث أبنائه من بعده ).
بلبلة أوضاع الأحزاب التقليدية ( الموالية والمعارضة للعهد القديم) بسبب تسرُّب الأفكار الجديدة إليها
وصول الحركة الثورية إلى جميع الأقطار العربية، مما أثبت للعالم أجمع توق وتطلُّع العرب جميعهم إلى الوحدة والغيير وتشكيل الكيان الواحد.
وصول الحركة الثورية إلى المجتمع الفلسطيني لتصحيح وجهة النضال الحقيقي.
بدء العد العكسي لعودة الأخ الأكبر بين الأقطار العربية للعب دوره الطبيعي في التصدي لاعداء الامة .
-----------------------
جرياً على عادته السنوية، يقيم نادي الخيام حفلته السنوية يوم السبت في 2 تموز الساعة الثامنة والنصف مساءً.
ودعا النادي جميع الأصدقاء والمحبين لحضور هذا الحفل "مساهمة في إنماء الخيام والمنطقة".
..
للتواصل مع الأستاذ سعيد الضاوي، رئيس النادي: 03893802
الدكتور علي عواضة (إلى اليمين) مع بعض أصدقائه في الخيام
تعليقات: