اي نوم سنحظى به ونحن نلطم وجوهنا وحتى ايدينا
يومان عشناهما في الخيام خلال الاسبوع الماضي، احسسنا خلالهما بالنقيضين الدائمين كل صيف.
الاحساس الاول:
جمال موروث في عقولنا وقلوبنا يجعلنا نرى في الخيام اجمل البلدات حتى وان لم تكن كذلك، فالابن الوفي يرى امه دائما اجمل الامهات،كما الام ترى في ابنها اجمل الابناء.والخيام امًنا التي لن نجد اماً اجمل منها،نلجأ اليها كل ما حن اللقاء بالرغم من بعدها عن بيروت واهل الاغتراب.
موقعها على تلك الرابية الرائعة المطلة على حرمون الاشم وسهل الحولة والجولان المغتصبين، وجبل عامل الابي والبقاع الغربي الشامخ. كلها ابعاد للرؤيا وتسريح للنظر الى الافق الحقيقي الذي نفتقده بين ابنية الضاحية الجنوبية التي حجبت عنا حتى رؤية السماء الآ لماماً، والهواء ان قاربنا فهو مشحون بالغبار ونفاث دخان السيارات والمعامل والحرائق المتنقلة التي حولت روايانا ودمائنا الى اللون الاسود بدل القاني.
هواؤها وسماؤها وابعادها ممزوجة بذكريات الماضي الذي نشأنا بين احضانه يشدنا الى العودة اليها كلما سنحت لنا الظروف بذلك وخاصة في فصل الصيف هروباً من صيف بيروت او سواها من بقاع الارض التي لا توازيها جمالاً بالنسبة لنا.
الاحساس الثاني:
نصل الخيام باندفاعة الاشتياق الذي لا يوازيه اشتياق ، وما ان نستقر لبضعة من الوقت حتى يقتحمنا احساس آخر يصارع الاحساس الاول الذي دفعنا لتلك الزيارة ناتج عن غارات البرغش الذي يشعرنا بخوف وقلق اكثر مما احدثتة صواريخ وطائرات وقذائف حرب تموز لأن تلك كانت تشتد لوقت ثم تهدأ، بينما هجمات البرغش تشتد دون توقف وخاصة في الليالي المظلمة بسبب انقطاع الكهرباء او حتى بوجودها وخاصة ما ان نطأ الفراش بهدف النوم، لكن اي نوم سنحظى به ونحن نلطم وجوهنا وحتى ايدينا التي نلطم بها نعود لنلطمها علًنا نصطاد واحدة من الطائرات التي تحلق فوقنا باصواتها المقلقة الشديدة الازعاج. واذ ما قدر لنا ان نغفو لبضعة من الوقت لنستفيق بعدها وقد ظهرت البثور على اجسادنا، وخاصة الاجساد الحساسة التي لن تفارق الآ بعد العلاج الطبي كما حصل مع ابنتي واحفادي الذين بكوا الماً بعد ليلة برغشية الهجوم.
لم تنفع كل الاحتياطات التي اتخذناها مساء تلك الليلة العصيبة من رش المبيدات واقفال غرف النوم واستعمال التنس المكهرب والاصطياد اليدوي طيلة السهرة التي قضيناها وكأننا نصفق في عرس على انغام موسيقى البرغش.
ما هو الحل؟
وهنا لا بد من سؤال: أليس هناك من طريقة فاعلة للحد من هذا الانتشار الرهيب للبرغش تقوم به البلدية او مؤسسات وهيئات المجتمع المدني بهدف اعادة تمتين العلاقة بين الخيام واهلها المقيمين منهم والمغتربين.. وبنسبة اقل لتلك الحشرة المزعجة؟
هجمات البرغش تشتد دون توقف وخاصة في الليالي المظلمة بسبب انقطاع الكهرباء
تعليقات: