حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
أيام الخيام الثقافية (انطباعات مُشارك) كان لتموز الخيام هذا العام وقعاً خاصاً؛ تموز الثقافة والفن والشعر. قامت بلدية الخيام، مشكورة، يوم الجمعة الفائت في 15 تموز 2011، بتخصيص ثلاثة أيام للنتاج الخيامي الثقافي (الأوّل) في مركز المرحوم "محمد الطويل" وسط البلدة. حدث انتظرناه طويلاً لأنّ الخيام عرين الثقافة والفكر والشعر والأدب والفن، حريّ بها أن تعرف النشاطات المتواصلة من شعر ومعارض فنية ومحاضرات منوّعة لتستحقّ لقب بوابة جبل عامل على كل الأصعدة. الثقافة هي ركن أساسيّ ومهمّ في العمل المقاوم ضدّ العدوّ المزدوج: الجهل وإسرائيل. لا شكّ أنّ لبعض أعضاء المجلس البلدي الدور الكبير في حصول هذا النشاط وبمباركة من رئيس البلدية الحاج "عباس عواضة" الخلوق الطموح المحبّ لبلدته بتطرّف. في اليوم الأول للنشاط الثقافي كان افتتاح المعرض الذي حوى كتباً وأبحاثاً لمجموعة من باحثين ومفكرين وكتّاب من الخيام، إضافة إلى عدد من اللوحات الفنية لمحترفين وهواة من أبناء البلدة. كان لنا، زوجتي وأنا، شرف المشاركة فيه من خلال اثنين وعشرين لوحة فنية وكتابين وعدد من الأبحاث الفنية وكاتالوغ فني واحد. زيّنت زوجتي الفنانة التشكيلية "سوزان شكرون" القاعة بقصائدها اللونية والشكلية عبر لوحات تجريدية طافحة بالجمال والمعاناة. أما لوحاتي فقد مثلت وجوهاً إنسانية ووجودية. الأعمال الأخرى كانت لفنانين هواة غلب عليها الفطرة والبساطة. كنا نودّ لو شاركنا عدد آخر من الفنانين والكتّاب، ولا سيّما أنّ عدداً من أبناء الخيام، من خرّيجي معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، يملكون أعمالاً لا بأس بها من الناحية الفنية ليكون المعرض أكثر شمولاً وثراءً. أما الكتب فقد تنوّعت، وتعدّدت أسماء مؤلفيها الذين جاوزوا الأربعين. هو معرض طليعيّ في بلدة حدودية مقاومة افترش أهلها أصقاع الأرض الواسعة بحثاً عن العيش الكريم وطلباً للعلم والثقافة والتطوّر. غصّ مركز محمد الطويل، يوم الافتتاح، بالحضور من ابناء البلدة الذين بقي جزء كبير منهم في الخارج بسبب امتلاء المقاعد بالحاضرين، فكان على الباقين أن يتكوّموا في باحة المركز، بالرّغم من قيظ تموز، لكي يُشاركوا في الحدث الذي روى الأرض العطشى إلى النشاطات المماثلة. كان عريف حفل الافتتاح المهندس الحاج "عدنان سمور" الذي ارتجل كلمة نابعة من القلب حول الحدث المقاوم، لاقت الاستحسان والإعجاب، تلتها كلمة لرئيس البلدية الحاج عباس الذي نوّه فيها بدور الثقافة والمدينة في العمل المقاوم... في الليلة نفسها كانت أمسية للشاعر "حسن العبدالله"، قدّم لها الأستاذ "عزت رشيدي" متحدّثاً عن تاريخ ودواوين الشاعر ومعاني ودلالات قصائده. ثمّ ألقى الشاعر العبدالله بعضاً من قصائده الثائرة الشاكية الملأى بحبّ الوطن والشجر والقمر والهواء والشمس. قرأ من ديوانه الأخير "راعي الضباب"، فكان راعياً لجمالات الخيام وطفولتها وللانتماء للوطن والمقاومة والشهادة التي توّجها في قصيدته "أجمل الأمهات"، التي غناها "مارسيل خليفة" بصوته الساحر، فقرّبها أكثر إلى العامة والفقراء. كتب هذه القصيدة في سبعينيّات القرن الفائت التي مثلت قمّة العطاء الشعري الثوري حينها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، تجسّدت بالشهيد "أسعد عواضة" وبوالدته التي مثلت أبهى لقاء حينها مع حدث استشهاد الإبن قبل أن يتحوّل الأمرفي أيامنا هذه إلى عرس وطني وتبريكات بفضل إيمان أمّهات الشهداء المقاومين. فكان الشهيد أسعد ووالدته، منذ ما يُقارب الأربعة قرون، رمزين إنسانيين لأبناء الجنوب المكافح الطاعن حباً بالوطن وبالجنوب وبالعطاء والشهادة. كان الحضور منفعلا مع إلقاء الشاعر، وأنا واحد منهم، مصفقاً طالباً المزيد، لكنّ حرّ تموز وساعة من الوقت كانا كافيين ليودّع الشاعر منصته وسط محبة الحضور وشكرهم لشاعر بلدتهم الكبير. طالبوه مراراً بإلقاء جزء من قصيدته "الدردارة". إعتذر لطول القصيدة التي احتلت ديواناً بكامله، واعداً الحضور بأمسية أخرى مكرّسة لهذه القصيدة العصماء.. في اليوم الثاني من النشاط الثقافي كان تكريم لائق للأستاذ المربّي والشاعر "علي العبدالله"، عميد عائلة الشعراء والمثقفين. شحذ عريف الحفل الأستاذ "عزت رشيدي" ما جاد به قلبه وقلمه في المحتفى به، وأبدع في وصف هذا الكائن الذي كان يجلس خفيفاً خفة الفراشات، كبيراً كبرَ الوطن والإنسانية، جميلاً جمال الكواكب والضوء المنتشر على مساحات الخيام والجنوب والوطن. تلا ذلك كلمة للأستاذ "علي خريس" في المحتفى به الذي أمضى قسماً من حياته مُديراً لمدرسة الخيام الرسمية، بل المدير الأوّل فيها، وكان علي خريس واحداً من أفراد هيئتها التعليمية. ألقى المحتفى به كلمة بصوته الخافت، الحنون، الهادىء هدوء نسيم الصيف، الذي عكست التسعون ثقلها عليه، لكنّ قلبه وفكره أبيا الاستسلام إلى هذا الثقل، فكان عقله ينير كلماته كنجم يسطع في عتمة الليل والسماء. حيّا في البداية المقاومين الشرفاء، مشيراً إلى دورهم الكبير في حماية الوطن والأرض والإنسان. ألقى قصيدة كان قد نظمها قبل سنوات في المقاومة ومقاوميها. لاقت هذه القصيدة صدى طيّباً وإعجاب الحضور وتصفيقهم المتواصل والمتقطع. تكلّم بعدها عن بداياته في مؤسسة التعليم في بيروت وضاحيتها الجنوبية قبل انتقاله إلى بلدته الخيام. استشهد ببعض الأقوال لمفكرين وللرسول الكريم والقرآن المجيد حول أهميّة التعليم والمعلم كرسالة سماوية وإنسانية. أفاض في حديثه وقصصه الجميلة وخفة دمه وروحه، فكانت كلماته عميقة الدلالات والأبعاد تُبرز دور العلم والتعليم والثقافة والفن في الحياة والمجتمع. وللتأكيد على استمراره في الكتابة والعطاء، بالرغم من تعب التسعين حولاً، ألمح إلى أنه سيعكف على كتابة تاريخ الخيام في القرنين التاسع عشر والعشرين. وإن دلّ هذا على شيء فعلى وسع ساحه وتوقد فكره وهمته في مواصلة الكتابة، وفي ذلك ربح للخيام وأهلها وثقافتها. إلتقيتُ به قبل بدء الحفل. سلّمتُ عليه بحرارة، مطمئناً إلى صحته. كان يسأل عني، يريد الاعتذار عن عدم حضوره لمعرضي الشخصي في بيروت في تسعينيات القرن الفائت، بعد تلقيه دعوة منّي. يا لهذا العملاق المتوقد الذهن والذاكرة والقلب والوعي. كان يُحيط به محبّوه وعلى رأسهم الدكتور "كامل مهنا" صاحب العمل الإنساني الطبي والاجتماعي. ربحنا صورة فوتوغرافية مع المحتفى به بعد أن بادرني بالإشادة بي وبافتخاره بإبن بلدته. قال فيّ كلاماً لا يصدر إلا عن كبار في الوعي الثقافي والاجتماعي والفكري والإنساني. أخجلتني كلماته، وأحسستُ إلى أيّ حدّ هو محبّ لأبناء بلدته ولنجاحاتهم دون عوائق التعقيدات النفسية والانتماءات العائلية والاجتماعية والسياسية... بدا بنظري أكثر عملقة مما نراه. بدا صنواً لجبل حرمون الذي يكلله بياض الثلج الطاهر، وتحرسه غيوم السماء... في نهاية الحفل كان هناك درع للمحتفى به، واقتراح بتسمية مدرسة الخيام الرسمية باسم المحتفى به لتصير التسمية المقترحة: "مدرسة الأستاذ علي العبدالله الرسمية"، وهو شيء أقلّ ما يُمكن به إنصاف هؤلاء الكبار، وعلي العبدالله واحد منهم.... وكعادتها، كانت كاميرا المهندس الأستاذ "أسعد رشيدي"، مؤسّس وصاحب موقع الخيام الإلكتروني، تجول هنا وهناك بين الحضور لتلتقط صور الحشد، فتلامس وجوههم وأفئدتهم المسمّرة مع الحدث، ولتنقل تفاصيل الاحتفال إلى من لم يستطع الحضور والمشاركة من ابناء البلدة الموجودين خارج الخيام وفي الغربة، والذين يتابعون أخبارها عن بُعد عبر الأنترنت... كان للصيف طعم خاصّ هذا العام. هل يتكرّر هذا الطعم بشكل أوسع وأجمل؟... نأمل ذلك. مُباركة هذه النشاطات واللقاءات، ومباركة البلدية وهمتها. والشكر إلى كل المساهمين والمثقفين، وإلى مركز محمد الطويل، وإلى موقع الخيام... وإلى المزيد من النشاطات...
د. يوسف غزاوي
ألبومات صور مهرجان النتاج الخيامي الثقافي 2011
ألبومات صور حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
ألبومات صور الأمسية الشعرية للشاعر حسن خليل عبدالله
ألبومات صور حفل تكريم المربّي الأستاذ علي عبدالله
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
حفل افتتاح معرض النتاج الخيامي الثقافي 2011
تعليقات: