يرمون البندورة في سهل الماري (طارق ابو حمدان)
لا حماية لإنتاجهم من البضاعة المستوردة.. فرموا المحصول
تخلّى مزارعو البندورة في سهول الماري والوزاني والمجيدية عن حقولهم، تاركين عشرات آلاف الشتول وثمارها طعاماً للخنازير البرية ولقطعان الماشية، كما رمى بعضهم كميات كبيرة من منتوجه الزراعي عند أطراف السهول، أو على جوانب الطرقات العامة، لتبدو كأنها علامات حمراء فارقة، أريد لها أن تشهد على الإهمال الرسمي المزمن لهموم المزارع الحدودي، ولمسؤوليات الدولة تجاه القطاع، إذ يتكبد المزارع، في المناطق الحدودية، عاماً بعد عام، حجماً كبيراً من الخسائر، وتتكدس عليه الديون، حتى بات عاجزاً عن سداد حتى فوائدها في المصارف، أو لدى كبار التجار وسماسرة الحسبة!
ففي السهول المتاخمة لخط النار مع العدو الصهيوني، في القطاع الشرقي من المنطقة الجنوبية، يشرح المزارع سمير يوسف (من الماري)، بمرارة، الوضع المأسوي الذي يحاصره وزملاءه: «مع اقتراب فترة قطف الانتاج كمقدمة لتسويقه، تغرق الأسواق اللبنانية بإنتاج مستورد مشابه من الدول المجاورة، فتتدنى الأسعار ليصبح من المستحيل المنافسة»، ما يتسبب بضرب الموسم، «وهو ما حصل خلال الأسبوعين الماضيين، فمع هجمة حقول البندورة عندنا، تدنت الأسعار بشكل مخيف، ليصل سعر شرحة البندورة زنة 15 كلغ الى 1500 ليرة لبنانية، في حين أن كلفتها تصل إلى حدود 4500 ليرة».. وأمام الواقع المرير، اتخذ حوالى مئة مزارع القرار الصعب، بالتخلي عن حقولهم مع بداية الموسم، وترك الشتول وثمارها كمراعي خصبة للخنازير البرية والمواشي. ويكمل يوسف مسائلاً المسؤول الرسمي عن أدائه: «اننا نسأل الدولة، نحن مزارعي الشريط الحدودي، ماذا قدمت لنا من مساعدات؟ ولماذا هذا التجاهل؟ فكمية البندورة التالفة تتجاوز الخمسين ألف طن، وخسائر كل مزارع تتراوح بين عشرة وثلاثين مليون ليرة لبنانية، فكيف يفترض بنا أن نعوض ما لحق بنا من خسائر؟».
لذلك، يأسف المزارع أكرم أبو العلا للتعب الذي يصيب المزارع في تلك المنطقة، ويشرح: «لقد خربت بيوتنا هذا العام، فموسم البندورة بقي في أرضه، وهناك كمية كبيرة ألقينا بها على جوانب الطرقات، علها تلفت ولو للحظة نظر المسؤولين الذين تخلوا عنا.. سعر شرحة البندورة تدنى الى حدود الدولار، وفي اسواق المفرق، يباع الكلغ منها بألف أو ألف خمسمئة ليرة، فكيف يكون ذلك؟ ومن هي الجهة التي تحاسب اصحاب النفوذ الذين يستغلون تعب المزاراع؟ اننا نحمّل جانباً من المسؤولية للقيمين على الحسبة في مختلف المناطق، انهم يتحكمون بالمزارع، ويسعرون البضاعة على هواهم وبحسب مصالحهم.. وتكون الخسائر علينا وحدنا».
ويعتب فؤاد العنز على الدولة التي تخلت عن مسؤولياتها تجاه مزراعي قرى التماس، إذ «بصمودنا هنا، باتت المساحات عند الطرف الشمالي من الشريط الحدودي خضراء! لقد قدمنا نموذجا ناجحا في المبادرة الفردية، لكن تجاهل الدولة افشل مبادرتنا وجعلنا نكفر بالزراعة والقيمين عليها! إن أسعار المبيدات والأدوية واغطية البلاستيك كلها الى ارتفاع، وقد تضاعفت ثلاث مرات خلال أقل من سنتين، في حين أن إنتاجنا انخفض بثلاثة أضعاف أيضاً.. خسائرنا كبيرة وما تشهده سهولنا أشبه بنكبة زراعية، تشهد عليه أكوام البندورة المكدسة في زوايا الحقول وعند جوانب الطرقات». وناشد العنز الجهات المعنية، «خاصة وزارة الزراعة والهيئة العليا للإغاثة، التوجه جنوباً والوقوف على أوضاع المزارع، بعدما تخلت عنه كل الجهات المسؤولة، وخاصة ذوي القربى من نواب ووزراء هذه المنطقة، فازداد الظــلم والقــهر وكبرت فواتير الفوائد وارتفعت نسبة الخسائر».
تعليقات: