رئيس «المعهد الوطني العالي للموسيقى» (الكونسرفاتوار) الدكتور وليد غلمية
حالة ترقّب تسود العاملين في «المعهد الوطني العالي للموسيقى» بعد رحيل رئيسه الذي شغل المنصب منذ مطلع التسعينيات حتى رحيله. السوبرانو اللبنانية المعروفة تكتب، بمزيج من الطرافة والمرارة، عن هذا الفراغ الذي يبدو مجازاً عن حال الموسيقى في لبنان
كان رحيل رئيس «المعهد الوطني العالي للموسيقى» (الكونسرفاتوار) الدكتور وليد غلمية المفاجئ في حزيران (يونيو) الماضي مثل الحركة الموسيقية التي تُعَرف بالـ Point d›Orgue وبالـ Fermata بالإيطالي التي تُكتب فوق النوتة. وهي تُعبّر عن وقف للموسيقى على النوتة المعينة ولمدّة تراوح من اللانهاية (إذا كانت في آخر العمل الموسيقي) إلى بضع ثوانٍ، يقرّرها الموسيقي أو قائد الأوركسترا إذا وُجدت أثناء العمل الموسيقي. وهي في حال وجودها، تؤثر على كل الآلات الموسيقية والأصوات البشرية المشاركة في العمل، وتُلزمها بسكوت أو وقفة جماعية.
هكذا هي حال الكونسرفاتوار هذه المرحلة. كلنا ثقة بأنّ الـ Fermata هي في بداية حياتنا وثقافتنا الأكاديمية الموسيقية في لبنان.
أردتُ فقط، في هذا العجالة، أن أتقاسم معكم ما قد يدور الآن في خلد بعض أساتذة المعهد، وربّما بعض المثقفين في البلد، خصوصاً أثناء هذه الـFermata، من صلوات وتمنيات ومفاجآت (و«نَأزات»):
ــــ يا رب نرجوك ألا يأتينا رئيس مقوماته الأساسية أنه مدعوم من أحد المسؤولين، أو تجسيداً لسياسة النكايات، في حين أنه لا يعرف الموسيقى إلا من خلال جهاز الراديو.
ــــ (مفاجأة رقم1): سمعت مبارح انو ميزانية المعهد الموسيقي حوالي 8 ملايين دولار بالسنة. معقول؟
ــــ (مفاجأة 2): إيه أنا سمعت إنو الميزانية حوالي 10 مليون دولار.
ــــ (مفاجأة 3): طيّب وين عم بيروحوا كل هالمصاري؟
ونحن كل معاشاتنا بعدها على الساعة، والساعة لا تصل إلى 10 دولارات...
... وقال شو؟ عم بيحاسبونا ع الساعة!!
... وقال شو؟ بيدفعوا 40دولار لأستاذ الموسيقى والفنان، عند صعوده على خشبة المسرح ليعزف أو يغني مع الأوركسترا أو Solo ؟
طيّب من يحاسب؟ ومن يراقب؟
ومن عم يقرّر قيمة تلك المكافآت؟
ــــ (تمنَّيات، رقم1): أفضل ما يكون، أن يصبح مجلس الإدارة الجديد قادراً على محاسبة المعنيين، ومراقبة المصاريف... ولا بد من أن تنشأ علاقة بين مطالب الأساتذة والمجلس. أما الأسئلة خلال الجلسات، فلا بدّ من أن تتخطى «كيف بتاخد القهوة؟ مع سكر؟»
ــــ (تمنيّات، رقم2): أن يصبح للمعهد مبنى محترماً، مع مسرح مجهز تقنياً، ومع حمّامات مجهّزة إنسانياً، ومع مكتبة موسيقية مجهّزة سمعياً وبصريّاً، ومع استوديو تسجيل مجهّز لتسجيل الحفلات والأمسيات كافة، ومساعدة أساتذة المعهد على تسجيل أسطواناتهم وتشجيعهم وتعزيز مبادراتهم.
ــــ (تمنيّات، رقم3): ليت هذا المعهد الجديد المتخيّل يفكر أكثر في تلاميذه خصوصاً الموهوبين منهم... وليته يخصّص لهم مساعدات مالية للدراسة في الخارج، والتخصّص أو المشاركة في ورش عمل موسيقية عالمية.
ــــ (تمنيّات، رقم 4): إشراك الكونسرفاتوار في الحياة الثقافية من خلال إقامة برامج تلفزيونية حوارية مع الموسيقيين اللبنانيين والعرب والأجانب، وكل الفنانين العالميين الزائرين من خلال سفاراتهم... يجب أن تتوطّد العلاقة بين الثقافة والإعلام، وأن «تتفشى» الثقافة بين الناس...
ــــ بتعرف شو؟ إنشالله بالمعهد الجديد ما حدا يدقّلنا بالأستاذ سمعان، لأنه هو «سمعان» بكل شيء، ويعرف كل شيء، وعلى علم بكل شي. ولا نرضى أن يأتي شخص آخر، ويروح يبتسم للأهالي أو لأحد الأساتذة... كما لو أنه جالس في هذا المكان من عمر... حرام!
ــــ سمعت أيضاً أن هناك بعض الأشخاص «مِسْتَقِتْلين» للجلوس على الكرسي، كلهم يريدون اكمال الطريق والرسالة... الله يِستُرنا!
ــــ أحب أن أتعرّف على صانع تلك الكراسي في كل هالدول العربية. إنّها مُريحة إلى درجة أنها تنسيك ماذا كنت تريد أن تفعل! كنا نظنّك تعهّدت بالشفافية والتطور والعدل والانسانية وتحسين الاوضاع.
ما هو «موديل» تلك الكرسي؟ بل من هو الـDesigner المهم الذي صمّمها؟
* سوبرانو لبنانية، أستاذة في الكونسرفاتوار الوطني
عشرون عاماً
بقي وليد غلميّة عقدين على رأس الكونسرفاتوار الوطني، حتى رحيله في حزيران الماضي. وله العديد من المؤلفات السمفونية، وكتب للمسرح (روجيه عساف، ويعقوب الشدراوي، وريمون جبارة، وميشال نبعة...) والسينما (مارون بغدادي وبرهان علوية ومحمد سلمان...). إضافة إلى أبحاثه في التراث الموسيقي اللبناني والعربي.
تعليقات: