جانب من المشروع الإستثماري «حصن الوزاني»
منطقة تستقبل بين أربعة آلاف وسبعة آلاف زائر أسبوعياً والدولة غائبة
..
لا يمكن ان تقنع أهالي المنطقة الممتدة على ضفة نهر الوزاني بتفسير مغاير لما يعتمدونه في نظرتهم إلى الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في منطقتهم. بالنسبة إليهم، تعجز إسرائيل عن استيعاب كل تلك الحياة التي تدب على ضفة النهر الشمالية، فيما تغرق الضفة الجنوبية في الشلل التام، لا بل الاستنفار والحذر والترقب، وتخلو من مشهد حياتي، إلا ما خلا آليات جنودها ومدرعاتهم، والمتاريس التي يحتمون فيها. وما يزيد من الذهول الإسرائيلي، وفق أصحاب المنتزهات والمقاهي والمشاريع السياحية على الوزاني، هو النمو الاستثماري المتسارع، والمشاريع ارتفعت بكثافة قبالة الخط الحدودي، وبمبادرات محض فردية. هناك يتجاهل اهالي الجنوب «خط النار والتوتر» ولا يأبهون بمواقع العدو العسكرية المستنفرة ابدا على بعد أمتار منهم ومن أرزاقهم. ففي النهارات الصيفية، تصدح الموسيقى بالتزامن مع الفرح والحياة، فيما يتناهى من الناحية الجنوبية هدير دبابات «الميركافا»، وأزيز الرصاص، في مفارقة تلفت انتباه الرواد من لبنانيين وعرب وأجانب.
«لقد فشل العدو الإسرائيلي في مواجهة هذا التحدي الحدودي»، يقول صاحب أقدم منتزه في الوزاني حسين العبد الله، مشيراً إلى أن الإسرائيليين يحاولون الضغط من بعيد للحد من هجمة المتمولين اللبنانيين في استثمار اموالهم في الوزاني. ويشير العبد الله إلى أن العديد من المغتربين عادوا بعد تحرير العام 2000، ليعملوا في مناطقهم الحدودية التي كانوا قد هجروا عنها قسرا منذ مطلع السبعينيات. ويضع العبد الله محاولة إسرائيل منع تنفيذ مشروع ضخ المياه من نبع الوزاني الذي نفذه مجلس الجنوب، ومن ثم الاحتجاج على استعمال مياه الوزاني في ري المشاريع الزراعية، وبعدها الضغط للحد من اقامة المشاريع السياحية، في إطار الضغط الإسرائيلي لتحويل المنطقة إلى مهجورة.
وتنامت خلال العامين الماضيين المشاريع السياحية على ضفة الوزاني، لترتفع ميزانيتها الى اكثر من 25 مليون دولار أميركي، لتتحول المنطقة الى شبه جنة يقصدها السياح من كل اقطار العالم. وباتت ضفة النهر للجهة اللبنانية إلى محطة للراحة والاستجمام، و«هو ما يدفع العدو إلى محاولة تعكير صفاء الوزاني، عله يفرض معادلة جديدة، عبر ضرب النمو السياحي»، وفق العبد الله نفسه.
يقول العبد الله انه «بعد ساعات على خرق عناصر الاحتلال لأرضنا مؤخراً، وتصدي الجيش اللبناني لهم، وعلى الرغم من المواكبة الإعلامية للخرق، عادت الأوضاع الى طبيعتها، وقصد عشرات الزوار المنتزهات، فسبحوا وتناولوا إفطارهم الرمضاني في مطاعمنا، وكأن شيئاً لم يحصل.
ويعتب غسان الأحمد، مستثمر احد المنتزهات، على الدولة الغائبة والمتجاهلة للمشاريع السياحية الهامة، «فالإهمال الرسمي غير المبرر هو ما ينغص طموح المستثمرين هنا، بالإضافة إلى تقاعس الجهات المعنية وترددها في مد يد العون، عبر وضع الخطط الجدية والمدروسة لتحسين الوضع». ويذكر الأحمد الخطوات المطلوبة من الدولة، ومنها «توسيع وتعبيد الطرقات المؤدية الى المنطقة، وبعض مشاريعها التي حظيت بشهرة عالمية حتى قبل انتهاء العمل في اقسامها كافة. يعود الأحمد إلى عشية التحرير «حيث كان هناك منتزه واحد بسيط وبمواصفات محدودة، لكن الوضع تبدل بسرعة بعدما وجد العديد من المتمولين فرصة سانحة في الوزاني، فأطلقوا ورش عمل في مجال الاستثمار السياحي، إلى أن وصل عدد المنتزهات العاملة خلال سبع سنوات الى ست منتزهات كبيرة، في حين ما زالت هناك ثلاثة منتزهات قيد الإنشاء. واشار الأحمد الى ان منتزهات الوزاني تستقطب اسبوعيا ما بين أربعة آلاف إلى سبعة آلاف زائر من مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى حفلات الأفراح والكثير من المناسبات، واليوم لدينا الكثير من حجوزات الإفطار».
آراء الرواد
يشير المواطن عباس خريس الى أن مياه الوزاني «نقية كدمع العين»، ليقدم صورة شاعرية عن «المياه التي تنساب بهدوء بين اشجار الكينا والصفصاف»، وعن «نفس النرجيلة وخريرها المتناغم مع بحة مياه الوزاني»... ليستنتج «أن لا مكان في الدنيا يوازي هذا المكان».
وينتقد سامر سويد، الذي جاء مع العديد من أصدقائه للسباحة في الوزاني، الطرقات المحفرة «التي يجب على الدولة ان تجعلها سهلة ومزينه بالورود». وبعدما يتحدث عن «جمال الساعات التي تمر كالثوان»، يعرب الزائر عادل فقيه، الذي قصد الوزاني مع عائلته من النبطية، عن سعادته بالجلسة «فالأمسية على صوت خرير مياه الوزاني تساوي الملايين وتعتبر انتصارا بحد ذاته».
ويعتبر محسن حمدان الآتي من البقاع، أن الوزاني «من أفضل المواقع لتمضية العطلة والتمتع بجمال الطبيعة»، وهو بالنسبة له يكتسب أهمية إضافية فيها «نشوة التحدي والنصر والتفوق على العدو، على الرغم من تفاوت الإمكانيات».
تعليقات: