أسرة طباجة بين بساطة الأب وإعاقة الأم

العديسة | تكاد الشمس لا تدخل إلى منزل حسن طباجة في بلدة العديسة الجنوبية. المنزل القريب من الحدود مع فلسطين المحتلّة عبارة عن غرفتين صغيرتين سفليتين تشبهان القبو أو المغارة. الباب مربوط بخيط غليظ بديلاً من القفل. الغرفة الأولى تحتوي على كنبة صغيرة بالية وسرير، تستخدمها الأسرة كمطبخ، حيث هناك غاز صغير وطنجرة وبعض الأواني المهترئة. المرحاض مفتوح على الغرفة بلا أي باب. أما الغرفة الثانية فتتكوّم فيها الثياب البالية والفرش والحرامات وتنام فيها الأم مع أولادها الخمسة، بينما لا يتسع المكان لأكثر من شخصين. في الخارج، وضعت الأسرة موقد الحطب وفوقه طنجرة كبيرة تستخدمها لتسخين المياه، بعدما حرمت من سخان للمياه.

يستقبلك حسين (19 عاماً)، الابن الثاني للأسرة، بكثير من الخجل. يحدثك عن رحلته الوحيدة إلى مدينة النبطية حين قرّر الرحيل للمرة الأولى خارج بلدته. ويروي كيف شاهد زحمة السير والمنازل الكثيرة. يعترف الشاب بعدم قدرته وإخوته على القراءة والكتابة، ما عدا أخته الصغرى التي تعلمت لسنوات في مدرسة داخلية تابعة لجمعية المبرات الخيرية. ويشرح حسين أننا «منعنا عندما كنا صغاراً من الخروج من المنزل، أما اليوم فنخرج لنعمل أحياناً عند أبناء البلدة، ونحصل على مساعدات وإعاشات، فيما يعمل أبي في جمع النفايات ويتقاضى 700 ألف ليرة لبنانية شهرياً». المشكلة إذاً، بحسب ابن عمة طباجة، حسين قشمر، «ليست مالية أو اقتصادية، بل هي ناتجة من الإهمال المتراكم وعدم الرعاية الاجتماعية لأسرة يديرها أب بسيط جداً وأمّ مصابة بإعاقة عقلية». الإهمال بدأ، كما يقول قشمر، مع الزواج وتفاقم بعد إنجاب 5 أولاد عانوا ما عانوه وحرموا من الطفولة والتعليم والرعاية الاجتماعية. المجتمع لا يرحم أحداً، يضيف الرجل، وإن كان أبناء البلدة يقدمون لهم المساعدات المالية، فيما وافقت البلدية على توظيف الأب لديها».

الوالد فقد عينه اليمنى بعد إصابته بالتهابات حادة وإهمال الأهل. ومع ذلك، فهو يعمل لساعات طويلة في جمع النفايات، أما ابنه الأكبر فهو عامل بناء. ويؤكد ابن البلدة، محمد قشمر، أن «الأب يخرج من منزله في الصباح ويعود في المساء، أما الأم فهي معوقة عقلياً وهي من تولت رعاية أولادها، الذين أصبحوا بسطاء، رغم حماستهم وقدرتهم على العمل وسعيهم الحثيث للخروج من هذه المأساة. لكن أحداً لم يساعدهم على تخطي هذه المشكلة، التي تحتاج إلى اهتمام طبي ورعاية اجتماعية وإنسانية، على حد تعبير قشمر. ويناشد حسين قشمر الجمعيات الخيرية «تقديم المساعدة لهذه الأسرة، التي تحتاج إلى رعاية كاملة لا مالية فحسب».

تعليقات: