يجب على شخص ما أن يقول الحقيقة: لا سبيل عملياً للدفاع عن الجبهة الداخلية وتحصينها، بحيث «تمر الحرب فوق رأسها» وكأنها لم تكن. من أجل ذلك يجب «مضاعفة» الدولة وإقامة جهاز طوارئ الى جانب كل جهاز رئيسي فيها. يجب أن نؤسس لدولتين: واحدة تعمل في أوضاع الهدوء، وثانية تعمل في أوضاع الحرب. لكن ليس هناك دولة لديها من الموارد الكافية للقيام بذلك، وخاصة دولة صغيرة كإسرائيل.
المسّ بالجبهة الداخلية ليس ظاهرة جديدة، في حرب الاستقلال قُتل أكثر من مئة مواطن في هجوم واحد لقاذفات مصرية على تل أبيب (18 أيار 1948). وفي الحرب المسماة «الانتفاضة الثانية»، فقدنا نحواً من ألف مواطن. لقد عرف أعداؤنا دائماً كيف يُقدرون تأكيدنا لحياة الإنسان وحاولوا أن يمسّوا بالجبهة الداخلية المدنية. يكفي أن نذكر قصف تل أبيب بالمدافع في (حرب) الأيام الستة، وقصف نتانيا، وإطلاق الصواريخ على مرج ابن عامر في حرب يوم الغفران، وإطلاق صدام حسين الصواريخ في 1991.
ما دامت الحال على هذا النحو، ما هو السبب وراء الاحساس بأننا فشلنا في الدفاع عن الجبهة الداخلية؟ السبب يعود أساساً إلى أنها المرة الأولى التي اضطرت فيها الجبهة الداخلية الى تحمّل القصف المتواصل (لما يزيد على شهر) من غير أن تشعر بأن شيئاً ناجعاً وقادراً على تقليل معدل إطلاق الصواريخ قد حصل.
ليس أساس القضية إذاً الدفاع عن الجبهة الداخلية نفسها وتحصينها، بل في حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مكّن حزب الله من أن يهاجم الجبهة الداخلية لمدة تزيد على شهر.
ليُجب كل مواطن عن السؤال الآتي: إذا فُرضت علينا حرب مع سوريا، فما هو الشيء الأهم الذي يجب أن نكون مستعدين له؟ هل لحسم سريع مع النظام السوري، وهو ما يوجب علينا إنفاق أموالنا ووقتنا على تدريب الفرق المدرعة في الجيش الاسرائيلي، أم لاستيعاب الصواريخ في الجبهة الداخلية، بحيث يكون من السهل علينا أن نمكث شهراً آخر في الملاجئ وأن نسمع الصواريخ تسقط في ساحات بيوتنا؟.
مثل إسرائيل اليوم كمثل من هاجمه مرض خبيث ذاتي ـــــ تقوم أجهزة المناعة لديه بمهاجمة جسمه كله. في مستوى الدولة، يرمي «التطعيم» الى مهاجمة كل ما يهدد عملها السويّ، وهو يعتمد على الجهاز القضائي، وعلى الإعلام، والرقابة البرلمانية، والمحاسبة العامة، والشرطة، ومراقبة الدولة، وقيادة الجبهة الداخلية وهلمّ جرا. يُفترض أن تعمل هذه الأجهزة عندما يختل شيء ما في عمل الجسم السويّ. لكن عندما تأخذ في التوجه نحو الداخل، الى مهاجمة الجسم السليم نفسه، فإننا نكون في حالة من إخفاق أجهزة المناعة تتعلق بالتمييز بين التافه والأساس وبين المهم والمطلوب.
الوقت غير متأخر، من الممكن أن تحديد المشكلة ورسم برنامج أولويات صحيحة يخرجاننا من الوحل. ببساطة: يجب علينا أن نساعد ونؤيّد استعداد الجيش الإسرائيلي لحسم الحرب سريعاً، وسيصبح تحصين الجبهة الداخلية غير ضروري، تقريباً.
(يديعوت أحرونوت ـ 24/7/2007)
تعليقات: