فوضى اللوحات الحمراء تخلط السائق الصالح.. بالطالح
يشكّل لبنان أرضاً خصبة للمخالفات المرورية والأمنية بأشكالها كافة، وهو الذي يعيش منذ زمن فوضى عارمة تتسبّب فيها سياسة المحسوبيات والوساطات القائمة في البلد، فضلاً عن سلطاوية بعض الفئات الضاربة في عرض الحائط كل معايير النظام والقانون في البلد، معتبرة نفسها فوق كلّ التشريعات والدساتير، والحجة المستخدمة دوماً لتبرير هذه المخالفات هي" بدنا نعيش... وين الدولة... ما معنا؟ "، حتى أضحى الكلام حول هذا الموضوع أمراً مستهلكاً وروتينياً.
ومع ارتفاع عدد اللوحات المزوّرة للسيارات بشكل عام والعمومية بشكل خاص، دخل الموضوع في دائرة الخطر، بحيث لم يعد ممكناً السكوت عنه خصوصاً مع ارتفاع نسبة حوادث السرقة والتعدّيات التي سجّلت أرقاماً قياسية في الفترة الأخيرة، وأبطالها سائقو سيارات عمومية. وكانت بيروت شهدت منذ أسبوع اعتصاماً نفّذته اتحادات قطاع النقل البري ونقاباته، رفع رؤساؤها خلاله الصوت لوضع حدّ جذري وفوري لمعاناتهم عبر حلّ سلّة مطالب تبدأ بدعم البنزين ولا تنتهي عند ملاحقة المخالفين والمعتدين على قطاع النقل من سيارات خصوصية تحمل لوحات مزوّرة ومكرّرة. الاعتصام قُطع على وعدٍ بالحل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يجد طريقه للتنفيذ حتى اليوم فيما لا تزال حركة اللوحات البيضاء والمزوّرة مستمرة في عملها من دون أي رادع. لوحات تتوزّعها مافيات السيارات الصغيرة المقدّرة بـ50 الف أي بما يزيد بـ 15 الفاً عن العدد الصادر عن وزارة الداخلية، تجتمع اليها الحافلات المتوسطة المتعارف على تسميتها بـ"الفانات" والتي يعمل منها فعلياً نحو 14 الف أي بزيادة 10 آلاف عن العدد المرخّص له رسمياً.
وعلى طريق الحل يحاول وزير الداخلية مروان شربل إكمال ما كان بدأه سلفه لمعالجة القضية ، محاولات كان آخرها " أجهزة إستشعار "ما زالت تنتظر الوزارة استلام ما بين 500 و1000 منها، ليتمّ توزيعها على عناصر الشرطة المنتشرين في الشوارع. وتعمل هذه الأجهزة بنظام مشابه للريموت كونترول وبطريقة "الباركود" وهي قادرة على كشف شرعية اللوحة أو عدمها عبر صفارة تطلقها عند تمريرها على الملصقات التي وضعتها الوزارة منذ مطلع السنة الحالية على جانب كل سيارة عمومية مسجّلة في" النافعة ". المسألة بحسب شربل "صعبة وهي تحتاج الى توضيب وترتيب" ، والى حين استلام هذه الأجهزة وتنفيذ الوعود الرسمية وتطبيق القانون يبقى الوضع مفتوحاً على اعتصامات للسائقين تغلق الطرقات وتوقف البلد كما على حوادث خطف وسرقة تهدّد سلامة المواطنين وأمنهم.
فوضى اللوحات الحمراء تخلط السائق الصالح.. بالطالح
تعليقات: