فاقم البطء السعودي المعتاد في تسديد الأموال للشركات التي تنفذ إنشاءات ديون شركة أوجيه
شارفت الازمة المالية للرئيس سعد الحريري على نهايتها. المعلومات المتقاطعة تشير إلى أن الحريري وصل إلى المرحلة النهائية من التفاوض مع شركة الاتصالات السعودية لتشتري منه الأخيرة حصة إضافية من شركته «اوجيه تيليكوم»، بمبلغ يفوق الـ2.8 مليار دولار
هل وصلت المشكلة المالية للرئيس سعد الحريري إلى نهايتها السعيدة؟ منذ أسبوعين، بدأت المعلومات الإيجابية ترد من أرض الحجاز، مبشّرة بأن الرئيس الحريري توصل إلى اتفاق مبدئي مع المعنيين في المملكة العربية السعودية، ينهي أزمته المالية التي بدأت نُذُرها منذ سنتين، واستفحلت خلال الأشهر الستة الماضية. الديون على الحريري تراكمت حتى تجاوزت مليارين ونصف مليار دولار، على حد قول مقربين منه. وبعض هذه الديون مستحقة لبعض إخوته والمقربين من والده، الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أما البعض الآخر من الديون، فمتصل بعمل شركة سعودي أوجيه والفوضى التي دبّت فيها خلال السنوات الماضية.
الحل بات قريباً جداً، على حد ما يؤكد أكثر من مصدر قريب من الحريري. ويتمحور الحل حول بيع جزء من ملكية شركة «أوجيه تيليكوم»، التابعة لشركة «سعودي أوجيه»، المملوكة بدورها لآل الحريري. و«أوجيه تيليكوم» هي مشغّل لخدمات الاتصالات على أنواعها، من هاتف خلوي وشبكات هاتف أرضي وإنترنت، في أفريقيا والسعودية وتركيا ولبنان. وأبرز استثمارات أوجيه تيليكوم موجودة في تركيا، حيث تملك شركة الحريري 55 في المئة من شركة «تورك تيليكوم» المشغلة لخطوط الهاتف الثابت والمالكة بدورها لـ81 في المئة من ثالث أكبر مشغل للخطوط الخلوية في تركيا. كذلك تملك «أوجيه تيليكوم» 75 في المئة من ثالث أكبر مشغل للهاتف الخلوي في جنوب أفريقيا، إضافة إلى شركة «سيبيريا» التي تقدم خدمات الإنترنت في لبنان والسعودية والأردن.
وفي بداية عام 2008، باع الحريري 35 في المئة من أسهم أوجيه تيليكوم لشركة الاتصالات السعودية (STC)، مقابل أكثر من مليارين ونصف مليار دولار. وتلك الصفقة سمحت للحريري بتسديد جزء كبير من الأموال العائدة لشقيقه البكر بهاء، الذي قرر الحصول على حصته مما ورثه أفراد العائلة عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري. (بقيت الأملاك العقارية للرئيس رفيق الحريري، المقدرة بنحو 3 مليارات دولار، في محفظة واحدة من دون تقسيمها على الورثة).
لكن مشكلات الرئيس سعد الحريري تفاقمت بعد تلك الصفقة. البطء السعودي المعتاد في تسديد الأموال للشركات التي تنفذ إنشاءات في المملكة فاقم من ديون شركة أوجيه، على حد قول أحد أفراد العائلة. وبحسب مصدر آخر، إن فارق المال السياسي الذي كان ينفقه الحريري في لبنان زيادة عما تدفعه السعودية، زاد من المشلكة المالية، وخاصة في ظل اضطرار الحريري إلى تسديد أجزاء إضافية من حصة شقيقه بهاء.
ومنذ خروجه من بيروت في نيسان الماضي، يسعى الرئيس الحريري إلى حل المشكلة التي وصلت إلى حد خانق خلال هذه الفترة. وهو عمل على خطين: الأول توفير التمويل لشركة أوجيه للإنشاءات، بهدف تمكينها من تنفيذ المشاريع الضخمة التي نالتها من المملكة السعودية. وقد نجح أخيراً في الحصول على قرض وصلت قيمته إلى 800 مليون دولار.
أما الخط الثاني، فتمثل بعرضه جزءاً من الحصة الباقية له في شركة «سعودي تيليكوم». وبحسب مصادر مطلعة، دخل الحريري في مفاوضات مع شركة الاتصالات السعودية (STC) لبيعها جزءاً من حصته. وخلال التفاوض، تضيف المصادر ذاتها، ورده عرض قطري، فتدخل السعوديون لتأكيد رغبتهم في شراء الأسهم المعروضة للبيع. وفيما يقول مصدر مقرب من الحريري إنه سيبيع كامل حصته الباقية في شركة «أوجيه تيليكوم»، أكدت مصادر مقربة من عائلة الحريري أن التفاوض مع السعوديين يدور حول بيع ما بين 25 و30 في المئة من أسهم الشركة، لقاء مبلغ مالي يفوق المبلغ الذي حصل عليه الحريري عام 2008. وبحسب المصادر ذاتها، وصل التفاوض إلى مرحلته النهائية.
وبناءً على ما تقدم، لن يعود الحريري مالكاً لشركة «أوجيه تيليكوم»، بل سيصبح الشريك الثاني فيها. وتتوقف مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة تيار المستقبل عند المشكلة التي ستنشأ لدى الحريري على المدى البعيد؛ إذ إن شركة «أوجيه تيليكوم» هي «الدجاجة التي تبيض ذهباً» للرئيس السابق للحكومة. وبالتالي، تضيف المصادر، لن يكون بمقدور رئيس تيار المستقبل البذخ كما كان يفعل سابقاً، وسيكون عليه الالتزام أكثر بالمال السياسي الذي توفره السعودية. وترى مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل أن حل الأزمة المالية لشركة أوجيه ولسعد الحريري شخصياً لن يحل كل المشكلات المالية التي يعانيها التيار ومؤسساته والشركات التابعة له. وفي الأصل، تضيف هذه المصادر، لن تظهر نتائج المخارج التي يجري البحث بها حالياً قبل بداية العام المقبل على أقرب تقدير. وترى تلك المصادر أن الحل النهائي لا يزال بانتظار تدخل الملك السعودي، ليعطي توجيهاً نهائياً لكيفية التصرف مع الحريري. فهل يكون التعامل معه كشخص مضطر إلى البيع، فيمنحوه سعراً تجارياً متدنياً، أم يتعاملوا معه على أساس منحه «عَطاءً» سياسياً وعدم التضييق عليه بالسعر؟ في مقابل كل ما ذكر، ورغم الأزمات العاصفة مالياً في شركات آل الحريري، من الإعلام إلى الأمن، يبقى المخوّلون رسمياً التصريح في تيار المستقبل متمسكين بقول الآتي: ليست لدينا أي مشكلة مالية.
تعليقات: