نجحت حرب يوليو في افقاد اسرائيل اهم ورقة كانت تستند اليها في معاركها مع العرب عبر السيطرة الجوية واكتساح الارض خوفا . لكن ما حدث في الحرب الاخيرة هي ان 12 الف طلعة جوية اسرائيلية فشلت في وقف ضرب عمق اسرائيل بصواريخ حزب الله . وهو ما يبقى مدار مناقشة في الوسط الاسرائيلي وعلى اعلى المستويات وقد جاء كلام امين عام حزب الله الاخير في مقابلة تلفزيونية ليزيد من القلق الاسرائيلي وفق مصدر في حزب الله الذي قال ان نصرالله تعمد توجيه هذه الرسالة لكي يبقي الاسرائيليين في حالة ارباك . وعلى هذا الاساس فإن خطر صواريخ «حزب الله» أظهر مدى انكشاف الجبهة الداخلية الاسرائيلية على حد تعبير المعلقين الاسرائيليين ، وهذا كان مدار بحث لتقارير مخابراتية قدمت امام هيئة جمعت 11 وزيراً اسرائيليا لمناقشة مدى استعداد الجبهة الداخلية لمواجهة محتملة مع سوريا بعد تجربة لبنان . وهذه المناقشات تترافق مع نتائج التقرير الخطير الذي نشره مراقب الدولة الاسرائيلية عن أداء الحكومة والجيش في معالجة الجبهة الداخلية في حرب لبنان الثانية يجب ان تقض مضاجع كل مواطن اسرائيلي. ويقول التقرير انه فقد يكون اثار محملة بالكوارث اذا ما اندلعت في المنطقة حرب اخرى. ويكشف المراقب النقاب عن نقاط خلل خطيرة ومنها ان الحكومة لم تجر تقويما شاملا للوضع عما يجري في الجبهة الداخلية حتى اليوم الـ 19 من الحرب؛ وان قيادة الجبهة الداخلية امتنعت عن تجنيد عشرات الاف رجال الاحتياط الذين كان بوسعهم ان يساعدوا السكان في ضائقة؛. ويفضي التقرير الى الاستنتاج بأن الجبهة الداخلية الاسرائيلية ليست محصنة كما ينبغي. وقد يكون الاسرائيليون سمعوا او لديهم معلومات من ان دمشق استلهمت الكثير الكثير من حرب يوليو التي اسقطت نظرية التفوق الجوي الاسرائيلي عبر منظومة صواريخ قادرة على الوصول الى العمق الاسرائيلي في حين ان منظومة صواريخ اخرى حولت الميركافا الى قطعة حديد محترقة. وبناء على معلومات نائب لبناني معارض التقى الرئيس السوري بشار الاسد فإن الاخير اخبره ان دمشق تعلمت من تجربة لبنان وانها تستعد لحرب مع اسرائيل بشبكة صواريخ بر بر من شأنها ان تكرر الانتصار على الدولة العبرية . وينقل النائب اللبناني ايضا عن الاسد قوله ان سوريا الان ليست سوريا كما كانت في السابق فباستطاعتها ان تدخل في حرب مع اسرائيل . وبناء على ذلك ربما ادرك الاسرائيليون ان الخطر أوسع وأكثر تعقيداً خصوصا اذا شارك «حزب الله» في مواجهة مع سوريا بشبكة صواريخه الجديدة الموزعة على كل لبنان لان الجبهة الشمالية لن تتعرض وحدها للقصف بل معظم الاراضي الاسرائيلية على قاعدة ما بعد ما بعد حيفا . ويأخذ الاسرائيليون على محمل الجد احتمال استخدام السوريين في اية حرب مواد كيماوية. لكن الاسرائيليين يقولون ان الأهم والأخطر من ذلك كله ان الجيش لا يملك رداً هجومياً او دفاعياً سريعاً ومضموناً يستطيع خلال ساعات او ايام معدودة وضع حد لهجمات بالصواريخ. وتقول التقارير الاستخبارية الاسرائيلية ان السوريين يملكون مئات المنصات لإطلاق الصواريخ الثقيلة التي يصل مداها الى 250 كيلومتراً وتحمل رأساً متفجراً زنة 120 وحتى 500 كيلوغرام من المواد المتفجرة الكيماوية. تضاف الى ذلك مئات الصواريخ الثقيلة والمتوسطة التي يملكها «حزب الله»، ولا يملك الجيش الاسرائيلي اي رد مضمون عليها. من المحتمل ان تستخدم هذه الصواريخ ضد قواعد الجيش الاسرائيلي التي سيؤثر ضربها في عملية تعبئة الجنود الاحتياط، ومن شأن ذلك ان يعرقل شن عملية برية كبيرة لإسكات الصواريخ. من دون ان نأخذ في الاعتبار آلاف الصواريخ القصيرة المدى التي ستسقط على مستوطنات الجليل وعلى هضبة الجولان. الا ان الاسرائيليين لايسقطون احتمال عدم وقوع الحرب بحيث لا دلائل على ان سوريا و»حزب الله» سيبادران الى شن الحرب مع ان التجربة التاريخية تدل على انه في كثير من الأحيان تنشب الحروب نتيجة تضافر عناصر تؤدي الى التصعيد او نتيجة فهم خاطئ لنيات الطرف الآخر او نتيجة تقديرات خاطئة لرد الطرف الآخر
تعليقات: