إنها أمي يا سمير

كانت تحب الطبيعة عاشقة للورد  والزهور
كانت تحب الطبيعة عاشقة للورد والزهور


لعب الفقر دوراً كبيراً في مستقبل ليال عندما أخرجت من مدرستها وهي في سن مبكرة وكان السبب في ذلك عدم سداد قسط سنتها الدراسية.

ليال عاشت تجربة مريرة في بيت لم يكن يعرف معنى الإستقرار، كان كل ما فيه مجنون بسبب الفقر، أبٌ عاطل عن العمل، أمٌ تعمل بأجرٍ زهيد لعائلة ثرية، هذا الأجر لم يكن يفي بمتطلبات العائلة لكن ليال كانت تعي جيداً كيف لها أن تكون عنصراً موجوداً داخل البيت وخارجه.

ليال كانت جميلة وهذا الجمال لعب دوراً كبيراً في تغيير مجرى حياتها وأيضاً الصدفة هي الأخرى كان لها شأن في ذاك التغيير.

ليال كانت تحب الطبيعة عاشقة للورد والزهور، إعتادت قبل أن تخرج من منزلها المتواضع، هذا المنزل الذي كانت تزينه بعض من شتول الورد والياسمين أن تحمل بيدها بعض من أطباق الورد الجوري الأحمر الجميل.

وفي أحد الأيام تغير كل شيء عندما توقفت بجانبها سيارة فاخرة ونزل منها شاب وسيم عارضاً عليها أن يشتري منها ما كانت تحمله بيدها من ذاك الورد فأبتسمت له بكل رقة بعد أن تدفق الدم على وجهها خجلاً ليزيد من جمالها جمالاً وأعطته ما كانت تحمله بيدها.

وبصوتٍ ناعم تفضل ولا أريد ثمناً لذلك.

شكراً لك هل لي أن آخذك معي الى حيث أنت ذاهبة؟

شكراً لك فالمكان ليس ببعيد.

هذا الشاب لم يكن إلاّ إبن تلك العائلة التي تعمل أمها عندهم، وتتكرر الصدفة ويتكرر اللقاء، وفي كل مرة كانت الوردة هي اللغة الوحيدة والتي كانت صانعة هذه اللقاءات.

حتى الآن لم يكن يعرف كل منهم إسم الآخر، وفجاة إنقطعت ليال عن الخروج، ولازمت البيت لأسباب صحية لكن ذاك سمير لم ينقطع يوماً عن سلوك ذلك الطريق مستغرباً غياب ليال التي لم يكن يعرف شيئاً عنها أبداً حتى إسمها ولم يخطر بباله أن تكون ليال هي أبنة تلك السيدة التي تعمل في منزلهم ولم يطل بها الوقت حتى تعافت وكعادتها خرجت لشراء بعض الأشياء وإذا بتلك السيارة تتوقف بجانبها كما جرت العادة لكن هذه المرة كان اللقاء مختلفاً عندما أخذ كل منهم ينظر الى الآخر بشوق ولهفة وذهب الصمت ونطق الحب عندما قالت له أعرفك عن نفسي أنا إسمي ليال.

وانا إسمي سمير وأعمل طبياً ولم تكن هذه المرة تحمل باقة الورد بيدها لكن بسمتها له كانت تساوي كل زهور الأرض وورودها، لكنها التزمت الصمت ولا تريد أن يعرف شيئاً عن وضعها الإجتماعي ولكن هذا بالنسبة الى سمير الذي لم يكن تهمه من تكون تلك الفتاة، كان كل همه أن يراها كل يوم لا بل كل ساعة وتمر الأيام وتتعمق الصداقة وتتحول الى حب .

حتى الآن لم تكن ليال تعلم أن سمير هو إبن لتلك العائلة التي تعمل أمها في منزلهم وهنا تدخل القدر وبقوة ليقف بجانب ليال عندما صدمت إحدى السيارات أمها، مما أستدعي نقلها الى المستشفى التي يعمل فيها سمير وكان هو الذي أشرف على علاجها ولم تكن غريبة عنه أبداً لأنه كان يعلم أن تلك المرأة هي التي تعمل عندهم في المنزل.

وفي اليوم الثاني عندما حضر لمعاينتها إذ يفاجئ عندما شاهد ليال وهي جالسة على حافة سريرها فأخذته الدهشة وأخذ يسأل نفسه ما الذ أتى بليال الى هنا ومن تكون هذه المرأة وما تعني لها؟

لكنه لم يستطع أن يصبر طويلاً حتى سألها وبعفوية وللمرة الأولى ينطق ليال حبيبتي من تكون هذه المرأة لكن ليال إلتزمت الصمت ولم تجب ولا تريد أن يعرف سمير أن هذه المرأة هي أمها التي تعمل في منزلهم.

وأنفجر صمتها إلى بكاء ودموع وأصر سمير على معرفة الحقيقة حقيقة هذه المرأة من تكون ونظرت إليه والدموع من أعينها تنهمر كمطر من السماء.

وبصوت مرتعش هل تريد أن تعرف من هي هذه المرأة؟

أجل أريد أن أعرف بل مُصر على ذلك، هذا بعد أن عرفت ليال أن سمير هو إبن تلك العائلة التي تعمل أمها في منزلهم.

هل عرفت من تكون هذه المرأة إنها أمي يا سمير وهنا إبتسم سمير وأخذ ليال بيدها ونظر إليها وقال لها:

ليال سوف تكونين زوجتي وسيدة ذاك القصر وأمك سوف تبقى معنا والحب لا يعرف الفوارق الإجتماعية ولا من حواجز تبعدني عنك أو تبعدك عني.

علي عبد الحسن مهدي

تعليقات: