جورج غانم وديما صادق في النشرة الجديدة
من تابع الاعلانات التي روجت لنشرة أخبار «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بحلتها الجديدة، انتظر حدثاً بحجم الملايين الثلاثة من الدولارات، التي قيل انها دفعت لتجديد نشرة كانت تحتضر، عبر بث روح شابة مرفقة بتقنيات عالية وديكورات مبهرة.. لكن هل نجحت التجربة؟
امتحان الإبهار الذي وضعت «ال بي سي» نفسها أمامه، اعتمد على عناصر لم تكن بحجم الحدث، ولا جاءت على مستوى توقعات المشاهد الذي وُعد بنشرة «لم ير مثلها من قبل»: موسيقى المقدمة (الجنريك) باهتة، تلتها إطلالة فيها بعض التكلف للزميلة ديما صادق. جاءت بعدها الصورة المتحركة الغامضة غير النقية لبيروت خلف الزميل جورج غانم لتخلق نوعاً من التنافر مع غانم، الذي بدا متجهما، ومُسقطاً في قلب شاشة غير مفهومة المضمون ولا المغزى مما يعرض فيها. وجاءت القراءة السريعة بحسب المقاييس الانكليزية (ثلاث كلمات في الثانية عوضا عن اثنتين في المقياس العربي) لتضفي على المادة الإخبارية ومتلقيها في آن، جواً متوتراً جعل المشاهد بعيداً من استيعاب المضمون، واكتفى بمراقبة ما يجري على الشاشة أمامه من تتابع غير مألوف.
قد يكون دور «الحركة» داخل الاستوديو أوكل الى صادق التي رافقت غانم في تقديم النشرة. لكن المبالغة في الوقوف في أماكن مختلفة والقيام والجلوس تكراراً، نمّت عن ضياع في خطة الإخراج، وترك صادق أمام دور مبهم غير واضح الأهداف. والملاحظة الأهم هي انه لم يخل كادر واحد من المشاهد القريبة المأخوذة لأي من المقدمين المتجاورين جلوساً، من زند أو يد أو خصلة شعر تسللت الى الكادر، بسبب تلاصق الزميلين في جلوسهما الى طاولة الأخبار الصغيرة، رغم اتساع الاستوديو ورحابة مساحة الحركة لكاميرا الـ«لوما» فيه.
أما تقارير المراسلين فكانت بغالبيتها محلية، غابت وجوه المراسلين عن الظهور فيها، واكتفى المشاهد بسماع أصوات يعرفها سابقا، لكل من تانيا مهنا وبسام ابو زيد ويزبك وهبي وندى اندراوس وهدى شدياق وعبدو حلو. لكن ظهور لائحة بأسمائهم في نهاية النشرة مع ذكر سبل متابعتهم والاتصال بهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جاء كتعويض لهؤلاء عن غيابــهم المفتـعل عــن الشاشـة، الأمر الـذي ترك النشــرة أمام «نجمين» (غانم وصادق)، قد تكون ثالثتهما مقدمة نشرة الطقس كارلا حداد، التي اكتفت بنشرة محلية أمام شاشـة عملاقة، ضربت صورتها المخططة وغير النقية زرقة مماثلة لتلك التي رافقت وقفات النشرة الباقية أمام الشاشة عينها، ما يدل على سوء إخراج ودراية بالتعامل مع حرارة الصور المعروضة، فبدت زرقاء باهتـة لدى مشاهدتها عن بعد كخلفية للاستوديو، ومن ثم واضحة نقية لدى استكمال عرض الفيلم في التقارير.
التغيير طال الشكل فحسب، فانتقلت «ال بي سي» من الانبهار بالتجربة الفرنسية الكلاسيكية الرصينة الى نمط أمــيركي يعتمد على الغرافيك والحركة الدائمة، تراجعت المحطات الكبرى عن تطبيقه، لأنه يشتت عين المشاهد ويدفعه الى الملل بحسب دراسات متخصصة في هذا المجال. أما في المضمون فقد ظلت أخبار الاستقبالات والأنشطة الرسمية التقليدية حاضرة كمادة كلاسيكية لا تغيب، ولم تفلح التقارير التي اقتصرت على المحليات السياسية والاجتماعية أو المرتبطة بالتغطيات من رفع رصيد النشرة الجديدة.
قد تكون المنافسة التي فرضتها القنوات التلفزيونية المحلية وضعت «ال بي سي» بين خيارين لا ثالث لهما: الشكل الذي تقدمه «أم تي في»، والمضمون الذي تقدمه «الجديد». المقارنة قد تكون خاسرة للقناة في الحالتين، فهي لم ترفع قيمة مضمون نشرتها، ولم تصل الى نسخة مبهرة وجذابة وخالية من الأخطاء. كمال تبحث عنه «ال بي سي» يبدو أنه يحتاج الى مجهود هائل ليتحقق.
ورغم كل هذه الملاحظات يسجل للقناة أنها خاضت أخيرا المغامرة، وبذلت جهدا للتغيير. لعل الأيام المقبلة ستساهم في بلورته بصورة أفضل من حيث الشكل والمضمون، على قاعدة الاستفادة من التجربة الحية.
دينا أبي صعب
تعليقات: