زيت الزيتون اللبناني ثروة مهدورة. (سعيد معلاوي)
أزمة تصريف الزيت تتكرر والشجرة تنتشر بعشوائيّة
موسم قطاف الزيتون في الدول الاوروبية المطلة على البحر الابيض المتوسط مشهد احتفالي كامل، نظراً الى ما يمثله انتاج هذه الشجرة، سواء أكان بأسعارها المرتفعة ام بقيمتها الغذائية العالية. لكن الامور ليست على هذه الحال في لبنان، فموسم الزيتون يكاد ان يشكل هماً و "وجع رأس" يضاف الى هموم سكان القرى والبلدات اللبنانية المنتجة للزيتون ومعاناتهم من اجل تأمين بيع المحصول بسعر عادل. ولو كانت الامور على سوية في لبنان لأمكن القول ان ازمة تصريف الانتاج يجب ان تكون هماً للحكومة والمؤسسات المعنية.
ازمة مزارعي الزيتون تتكرر مع كل موسم، إذ يطالب المزارعون الجهات الرسمية والخاصة بمساعدتهم في تصريف انتاج زيت الزيتون المكدس في الخوابي والصفائح في اقبية البيوت القروية، ويشاع في منطقة حاصبيا ومرجعيون مثلاً ان ثمة 70 الف تنكة زيت زيتون لا تزال في اقبية المنازل والبيوت تنتظر من يشتريها ولا من يسأل. ورغم كل المراجعات والزيارات والمناشدات الى الزعماء والسياسيين والنواب واصحاب الشأن وحتى السفارات الاجنبية الا ان الامور لم تتغير والزيت لا يزال ينتظر من يشتريه قبل فوات الاوان. وعلى لسان الاهالي، ان الجيش اللبناني كان صاحب الهمة دائماً في شراء انتاج زيت الزيتون لتأمين حاجة مطابخه وتأمين الغذاء للعسكريين، لكن اعتكاف الجيش عن هذه المهمة حتى اللحظة ولاسباب غير معروفة ادى الى استمرار ازمة المزارعين وتفاقمها، خصوصاً ان ثمة عائلات قروية كثيرة تنتظر غلة الزيت لكي تتدبر امورها واحوالها المعيشية الصعبة.
"هل يفوق حجم العرض حجم الطلب؟"، سؤال لا يملك احد جواباً عنه، بسبب غياب الاحصاءات الدقيقة، سواء أكان لدى وزارتي الزراعة والاقتصاد او اي مرجع احصائي اخر، وكل ما يتوفر من معلومات بجهد خاص يشير الى ان عدد اشجار الزيتون في لبنان وصل في العام 2000 الى 14 مليون شجرة، اما انتاج الزيتون فقد قفز من 32 الف طن في العام 1999 الى 200 الف طن في العام 2000. وتعني الارقام هذه ان قطاع الزيتون من الزراعات الصاعدة بقوة في لبنان، اذ يعمد المزارعون وملاك الاراضي في الارياف الى زرع الالاف من النصوب في الاراضي البور او تلك المستصلحة كل سنة من دون اي تخطيط او رؤية مستقبلية لكيفية التعامل مع انتاج الزيتون لاحقاً وما اذا كان يكفي الانتاج اللبناني او يفيض عنه وما هي الاسواق الصالحة لتصريفه، وهذه العملية تتم من دون اي رعاية رسمية لهذا القطاع المرتبط بشكل وثيق بالصناعات الغذائية التي تنصب جهود الدول على تنميتها وتطويرها وارشادها ضمن خططها المستقبلية.
يحتسب المزراعون ثمن وحدة الزيت من خلال احتساب تكلفة الانتاج في مختلف المراحل، بدءاً من حراثة الارض الى التشحيل والتقليم واليد العاملة في موسم جني المحصول وصولاً الى معاصر الزيت، لتبدأ من بعدها عملية البيع التي تنعقد عليها كل امال المزارعين وملاك كروم الزيتون، سواء اكانوا من كبار المالكين ام من صغارهم.
لكن تبقى التكلفة الابرز والاقسى هي وجود منافس للزيت المحلي، زيت الزيتون الاجنبي المستورد، وفي مقدمه الزيت السوري الذي يجتاح الاسواق اللبنانية ويستهدف المستهلك الفقير الذي يقبل عليه بسبب تدني اسعاره مقارنة مع سعر الزيت اللبناني ذي التكلفة العالية نسبياً.
في اوروبا ينزل المزارعون الى عواصم الدول ويلقون بغلالهم ومحاصيلهم في الساحات الرئيسة من اجل لفت النظر الى وضعهم وتردي احوالهم، اما في لبنان فالمزارعون يهرعون الى الزعامات الطائفية والاقطاعية طلباً للمساعدة ولكن احداً لا يهتم والزيت مكدس في الخوابي والاقبية.
بيار عطاالله
تعليقات: