فلسطين في اليونيسكو خطوة على طريق الاندماج الدولي الكامل
النصر التاريخي الذي حققته فلسطين باعلان اليونسكو بأغلبية ساحقة انضمامها إلى المنظمة الدولية، يؤكد ان العالم ولا سيما منظماته الدولية لم يعد يدور في فلك القطب الأوحد أمريكا وإنما يحاول الإفلات منه.
فالذي جرى في اليونيسكو له شبيه في مجلس الامن الدولي والنتيجة واحدة ان الموقف الامريكي من أي قضية هو وجهة أمريكية قد تلاقي تأييدا أو اعتراضا من الآخرين ولم تعد كما كانت قرارًا نافذًا له حصانته الدولية. وعلى الرغم من أن الفعل الأمريكي في العالم لا يزال قويًا الى حد ما الا انه يصاب بالوهن والتراجع وهذه مسألة يجب التوقف عندها خصوصًا وان الإدارة الامريكية برهنت بوقفها المساعدات عن المنظمة الدولية عن "بلطجة" ما يلجأ اليها عادة الذي يشعر بان الأمور تجري بعكس ما يريد هو. وليس من باب المصادفة ولا العبث ان تصوت معظم دول العالم 107 دول لصالح حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في اليونسكو، فيما صوتت 14 دولة ضد عضوية فلسطين، وامتنعت 52 دولة عن التصويت. ويعزز فوز فلسطين في اليونيسكو من فرص الاعتراف الكامل بها بدولة في الامم المتحدة. وتعد "اليونيسكو" أول منظمات الامم المتحدة التي سعى الفلسطينيون لعضويتها الكاملة منذ تقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بطلب العضوية الكاملة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر الماضي. ومسارعة أمريكا الى معاقبة اليونيسكو بحجب التمويل عنها لأنها اقرت بقبول عضوية فلسطين، فهذا لا يخرج عن سياق سياسة الانحياز الى اسرائيل التي هي أيضا عاقبت اليونيسكو واوقفت مساهماتها المالية في ميزانيتها. ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أو ما يعرف اختصاراً باليونسكو (unesco)، هي وكالة متخصصة تتبع منظمة الأمم المتحدة تأسست عام 1945. وهدف المنظمة الرئيسي هو المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة لإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية. وتحاول المنظمة النهوض بحرية التعبير وحرية الإعلام باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية عن طريق اليوم العالمي لحرية الإعلام في الثالث من مايو من كل سنة. ومن الطرائف التي يحاول الرئيس الامريكي باراك أوباما لتبرير موقفه هي ان "ان قبول عضوية فلسطين سيعرقل التسوية السلمية". واي تسوية سلمية؟ يتحدث عنها الرئيس الامريكي والتي يعرف "الابله" جنازير الجرافات التي تستمر ببناء المستوطنات حطمتها بعدما "اعدمتها" المواقف الأسرائيلية السياسية الرافضة لاعطاء الفلسطيني أدنى الحقوق. ويعتبر بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إن قرار حكومته تسريع البناء في المستوطنات حق أساسي وليس عقابا على منح فلسطين العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو". وقال نتانياهو للكنيست: "نحن نبني في القدس؛ لأنه من حقنا والتزامنا وليس عقابا بل كحق أساسي لشعبنا في البناء في عاصمته الأبدية"على اي حال. يعني قبول فلسطين عضواً في اليونيسكو تجسيدا للمبادئ التي تنادي بها هذه المنظمة، ولا سيما في مجالات الثقافة والتراث والتربية القويمة على أسس الحق والعدل. كما تزيد من التعاون بين الشعوب. خصوصا وان فلسطين لها عمق تاريخي في التراث الحضاري الانساني والديني والقيم الانسانية المكافحة منذ عقود طويلة من اجل الحق والعدالة. وفلسطين ليست شعبا يناضل من أجل استعادة حقوقه الإنسانية فقط بل أصبح عنوانًا للحرية الحمراء المصبوغة بدماء الالاف من الشهداء. ولذلك تجد فلسطين معظم العالم يناصرها. وكما قال الرئيس محمود عباس فان التصويت لمصلحة فلسطين يشكل انتصاراً للحق والعدل والحرية ومما لا شك فيه أن قبول فلسطين عضواً في اليونيسكو لا تتمثل بالحصول على مقعد في هذه المؤسسة الدولية المهمة فحسب، وانما ما يمكن ان يستتبع هذا من طلب الانضمام الى 16 وكالة من وكالات الأمم المتحدة، على طريق اندماج الكامل لفلسطين في المنظمات الدولية جميعها وبالتالي تصبح فلسطين كاملة العضوية في المجتمع الدولي ومصدر اثراء فكري وثقافي للانسانية العالمية
* حسين عبدالله - كاتب لبناني من الخيام
(عن جريدة عمان العمانية)
تعليقات: