المرحوم المحامي حسين محمد ضاوي (أبو نديم)
الى استاذي حسين ضاوي
تحية وبعد...
كم كان قاسياً ان ترحل بهذا الشكل دون ان تترافع مرافعتك الاخيرة ودون ان تقول كلمتك الاخيرة!...
في كل الاحوال كنت هكذا دائماً.. تقول كل شيء وفي النهاية تترك الكلمة الاخيرة لصاحبها، علما بانه ليس لهذا الفكر من رواج بيننا لان الكلمة الاخيرة لا تكون لاصحابها بل ان هناك دائماً من يقولها عنهم.
استاذ حسين عذراً منك سأشهد فيك هذه الشهادة وانت الذي كنت تسخر من عبارات الاطراء..
أهلي الخياميون،
ان كنت الان اكتب في حضرة قضاء الله والى من هو الان في حمى الله فانني أشهد بما اعطاني الله من قبس العلم ان الخيام قد افتقدت علماً من اعلامها في مجال القانون والفكر والحكمة الرأي الحر.
لقد كان الاستاذ حسين ضاوي من المحامين اللذين اسسوا لقيم المحاماة و مهنة العدالة في الجنوب في الوقت الصعب الذي كانت تلك القيم مقامرة مع قساوة الحياة و مع افكار قامعي النهضة الفكرية لابناء الجنوب .
قد يكون لك ما لك يا استاذ حسين وقد يكون عليك ما عليك وانت في ذمة الله، لكنك كنت فارساً من فرسان أقواس العدالة وعلماً من اعلام من أمتهن حرفة القانون ومخرزا مزعجا في عين من كانوا يتلاعبون على الحقوق .
كم كان قاسياً عندما دخلت الى قاعة الخطى الضائعة في قصر العدل بعد العودة من ذكرى اسبوعك ولم اجدك هناك لأسألك عن اشكالية قانونية او استشارة قضائية!
وكم كان قاسياً ان تغيب عن قوس محكمة مرجعيون انت من كان ملكه و جزءاً منه!..
انتظرناك يوم الاربعاء اثناء الجلسات، كان الحاجب يناديك لحضور جلساتك .. "الاستاذ ضاوي .. الاستاذ حسين ضاوي"... لكنك لم تهرول الى القوس في ذلك اليوم بل كنت على موعد اخر مع الارض التي كنت تحبها لقد كنت على موعد مع الخيام التي كانت لا تغيب عن لسانك و افكارك و عصبيتك و شراسة انتقادك , لقد كانت رحلتك الاخيرة على طريق الليطاني التي تشهد على ذلك .
اذكر انك كنت احيانا" قاسيا" في قراراتك و ارائك ، ولكن كنت قاسيا" جدا" برحيلك عن أم نديم ( المربية الاستاذة شمّا) التي كانت تتوسل اليك أثناء وجودك في المستشفى و تقول لك " يا حبيبي يا حسين احكيني كلمة " ماذا كانت تريد من تلك الكلمة و هي التي كانت تستمع لكل كلماتك اخر النهار حول مدفئة الكاز في بئر العبد .
على كل قالت (الاستاذة شما) كل الكلمات التي كنت تريد ان تقولها لها وهي ترتدي ثوب المحاماة الاسود الخاص بك في يوم وداعك الاخير .
نديم و مازن و باسم وكذلك ليلى " الي خلف ما مات " .
كان صعبا" على الاستاذ مازن ان يفتح المكتب من بعدك و يجلس على كرسيك و يلبس روب المحاماة الخاص بك و يترافع عنك , لكن ما كنت خططت له قد صار , عميتابع مهنة الصعاب من دون حصر ارث كما يفعل الجنود في المعركة .
في موسم الزيتون رحلت , مررت من جانب زيتون رأس ملوك و لم أجدك , لكن في الموسم القادم اكيد سنجدك لاننا لن ننساك .
برحيلك استرجعت ما كنت قد تعلمته منك من سرعة البديهة واستحضار الذاكرة وما كنت تتالم منه من بؤس في الخيام حيث لا دور فيها لاصحاب الفكر والعلم ، ولاباء الخبرة ، وذوي التجارب المنقوشة في صخور الخيام .
في بلدة كالخيام تمر الاستحقاقات و المعضلات و الازمات و لا نجد رجالات الخيام الاكفاء يشاركون في اي منها اما إقصاءً او تجاهلاً او تعففاً من متاهات من بيدهم الامر .
بقضاء الله نؤمن يا استاذ حسين , قضاء بات مبرما لا استئناف فيه و لا تمييز , رحلت وثوب المحاماة على كتفك كما تحب , وعدتني ان نشرب القهوة سويا" بعد خروجك من المستشفى في كفيتريا العدلية ... فوزي سألني : بدك قهوة الك و للاستاذ حسين ؟ فقلت له : الاستاذ حسين في ذمة الله ....واهديتك دمعة لكن فوزي لم يقبل الا ان يحضر لي فنجانين.
الى خير معلم وخير اب وخير صديق وخير ناصح وخير محام.
استودعك الله ...
ورحمة الله عليك يا أستاذ حسين ضاوي .
بكل احترام
* خليل عباس إدريس (محام بالإستئناف)
----------------------
لمناسبة ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة المرحوم المحامي الأستاذ حسين محمد ضاوي، يقام عند الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الأحد الموافق 11 كانون الأول 2011 مجلس عزاء وتتلى آي من الذكر الحكيم عن روحه الطاهرة في حسينية بلدته الخيام.
للفقيد الرحمة ولذويه الصبر والسلوان.
..
سجل التعازي بالمرحوم المحامي حسين محمد ضاوي
صورة تذكارية تجمع المحاميين حسين ضاوي وخليل ادريس وعقيلتيهما في إحدى المناسبات
تعليقات: