المازوت الأحمر إذا دُعم... فإبريق زيت
تتكرّر قصة «إبريق الزيت» مع البقاعيين مطلع كلّ عام، مع بداية العمل بقرار دعم المازوت الأحمر، المخصص للتدفئة، إذ يحتكر التجار والشركات هذه المادة، ما يؤدي إلى فقدانها من المحطات، ليجد البقاعيون أنفسهم أمام خيارين: إما القبول بسرقة حقهم في الدعم، ودفع ثمن صفيحة المازوت 30 ألف ليرة، بدلاً من 26000 ليرة، أو مواجهة البرد القارس.
وتكبر هذه المشكلة كلما اشتدّ البرد، ووجد البقاعيون أنفسهم مهدّدين بعاصفة ثلجية ما، إذ تتكشف عورات «آلية» الدعم التي أقرّت من أجل المواطن، لكن لم يصله منها إلا القليل.
نلتقي أبو انطوان ملو، القادم من جولة طويلة على مختلف محطات الوقود في مدينة زحلة. «فتلت شي عشر محطات وما لقيت نقطة مازوت أحمر» يقول الرجل، من دون أن يعرف سبب عدم وجودها، إلا أنه استطاع أن يؤمن صفيحتي مازوت أخضر بسعر 31 ألف ليرة.
الأمر لا يقتصر فقط على مدينة زحلة، بل انسحب أيضاً إلى قرى البقاعين الأوسط والغربي، ومنطقة راشيا الوادي. هذا الوضع يترجمه الشجار الذي دار بين المواطن خالد عبد الكريم وعامل إحدى المحطات في تعنايل (البقاع الأوسط) عند طريق الشام الدولية، إذ رفض الأخير أن يعبّئ الغالون سعة 10 ليترات، بحجة أن المازوت الأحمر مقطوع. يقول عبد الكريم بعصبية وهو يلعن «الفقر وساعته»: «كل مرة بنقول يمكن هالمرة يكونوا صادقين، وأن الدولة ستقدّم الدعم للمواطن المسكين، ومثل العادة بيطلع الدعم لزيادة أرباح التجار».
«اللبناني بيطلعلو من دعم المازوت، متل اللي ما بيطلعلو من الجمل إلا أذنه». بهذه العبارة يعبر محمد ساطي، من بلدة كامد اللوز في البقاع الغربي، عن اعتراضه على آلية الدعم، التي ما إن يعلن عنها حتى يبدأ «مشوارنا مع فقدان المازوت، اللي الله منعم عليه بيشتري كل الكمية التي يستهلكها، في فصل الشتاء». مستغرباً ذلك لأن «من يحتاج اليوم إلى مازوت التدفئة المدعوم هم الغالبية الكبرى من ذوي دخل الحد الأدنى، الذين لا تسمح لهم قدرتهم المالية، سوى بشراء حاجتهم اليومية من المازوت».
وفي هذا الإطار، يقول جهاد، العامل في إحدى محطات المحروقات في شتورا، إن الكمية المحددة المتفق عليها بينهم وبين الشركة، منذ إقرار الدعم لم تعد تأتي كاملة، بل يأتي نصفها، إضافة الى أن 70% من الكمية «نبيعها للفانات والشاحنات»، العاملة على المازوت، بدلاً عن الأخضر، لكونها أرخص.
نقيب أصحاب المحطات في لبنان سامي البراكس، أكد تفاقم أزمة المازوت المدعوم. ويعيد فقدانه من السوق إلى عدم وجود أصول عادلة في التوزيع. «المفروض عند إقرار الدعم أن يعوم السوق في البضاعة، لأن المحطات والمواطنين مروا في فترة انتظار لإقراره». ويلفت إلى ضرورة رفع الضريبة المضافة عن المازوت الأخضر، كي لا تذهب كميات الأحمر المخصصة للتدفئة، إلى استهلاك المولدات والآليات. وعن اتهام أصحاب المحطات بأنهم يحتكرون المازوت المدعوم، قال «هناك محطات تدعي وصول نصف الكمية المتعاقد عليها مع الشركة، وهناك من يدعي أن الكمية كلها لم تصله».
محطات ترفض التسلّم!
يلفت نقيب أصحاب المحطات سامي البراكس إلى أن هناك عدداً من المحطات التي ترفض تسلّم المازوت، لأنه يعدّ «مخسراً» لهم، بسبب الجعالة، وخصوصاً بعد وقف عمل «البيك ــ آبات» المسجلة على اسم المحطة كنقل مشترك، ما لم تكن تحمل لوحة عمومية، ثمنها اليوم تجاوز الـ50 مليون ليرة». ويرى أنه على الدولة أن تعرف إلى أين يذهب فارق الدعم، طالما أنها تقدّر الكمية المستهلكة يومياً بـ5 ملايين ليتر، وأمام وزارة الطاقة حلان: إعادة النظر في آلية التوزيع للوصول إلى آلية تضمن حق المحطات والمواطن، وضرورة إعادة النظر في كلفة الجعالة.
البقاعيون أنفسهم أمام خيارين: إما القبول بسرقة حقهم في الدعم أو مواجهة البرد القارس
تعليقات: