حفظ الطاقة وكفاءة الإستخدام

حفظ الطاقة = حفظ المال
حفظ الطاقة = حفظ المال


اتجاه لتبني خيار وضع قانون شامل وجديد لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها

هل ينجح «مشروع التدقيق الطاقوي الإلزامي» للإدارات الرسمية.. كنموذج؟

كلما تأزمت قضية الطاقة الكهربائية في لبنان، كلما تضخم الطلب على الفيول، وتطلب الأمر فتح الاعتمادات الجديدة المتضخمة باستمرار، وكلما زادت ساعات التقنين ومسارب الهدر... نعود إلى السؤال الذي طرحناه منذ سنوات: أين أصبحت التشريعات والقوانين والحوافز التي تدعم مفهوم ترشيد استهلاك الطاقة وتشجع استخدام الطاقات المتجددة في لبنان؟ وما مدى وعي اللبنانيين لمثل هذه المفاهيم؟

مشروع «المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة»، أجرى دراسة اقتصادية اجتماعية جديدة لتقييم سلوك المواطن اللبناني تجاه مفهوم ترشيد استهلاك الطاقة. وقد بينت الدراسة أن 72٪ من اللبنانيين يشتركون مع المولدات الخاصة، وهم بالتالي يتبعون نظام دفع الفاتورتين، بمعدل وسطي يبلغ 58 ألف ليرة لبنانية شهريا لشركة كهرباء لبنان، و44 ألف ليرة لبنانية شهريا للمولدات. أي بما يتجاوز ثلث الحد الأدنى للأجور. وقد بينت الدراسة أيضا أن 75٪ من المستطلعين يعتبرون فاتورة الكهرباء غالية جدا، ويبدون استعدادهم باعتماد إجراءات لترشيد استهلاك الطاقة.

إلا أن اللافت أكثر في الدراسة، (الذي نأمل أن يكون صحيحا) أن 85٪ من المستطلعين يهتمون بالسلع والأدوات والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة! مع الإشارة إلى ان 2٪ فقط من الشعب اللبناني يملكون وحدات تعمل على الطاقة الشمسية.

قام المركز أيضا بدراسة للسوق اللبناني، لمعرفة الأدوات والأجهزة الكهربائية المتوفرة، وقابلية السوق لاستيعاب الأدوات البديلة الموفرة للطاقة. وقد شملت الدراسة 175 معرضا ومحلا لبيع الأدوات والأجهزة الكهربائية، وقد تبين غياب الملصقات (labels) عن كفاءة الطاقة عن الأجهزة الكهربائية في لبنان، وان السوق لا يزال يغلب عليه الطابع التجاري، ولم يفتح على هذا النوع من الأدوات.

إلا أن المشروع الاهم الذي أطلقه المركز، والذي جاء بالتعاون مع وزارتي الطاقة والمالية، هو الوصول الى مرحلة إلزامية أن تخضع جميع مباني الادارات والمؤسسات الحكومية الرسمية «للتدقيق الطاقوي الالزامي»، الذي يمكن أن يحقق وفرا في فاتورة الطاقة تتراوح بين 10 و30 ٪. وتكون هذه المشاريع بالتالي نموذجية، وتعبر عن تبني الدولة اولا لمفهوم ترشيد استهلاك الطاقة، بحيث يساعد ذلك على التحكم والسيطرة على الطلب بدل السعي لإنشاء معامل إنتاج جديدة.

وتشمل عملية التدقيق الطاقوي دراسة كل الأجهزة الكهربائية ومصابيح الإنارة الداخلية والخارجية والسخانات وأجهزة التبريد وأماكن العزل الحراري... وتدل على مواقع الهدر، وتصدر مجموعة توصيات تكون قابلة للتنفيذ. كما يمكن تعميم هذه التجربة على المصانع والمستشفيات والمدارس.

ويذكر ان المشروع بدأ بإقرار المواصفات القياسية للأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة بالتعاون مع مؤسسة ليبنور. وقد تم إقرار المواصفات القياسية للمصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة ولأجهزة الطاقة الشمسية لتسخين المياه... على أن تقر باقي المواصفات قبل نهاية هذا العام.

وتجدر الإشارة أيضا إلى ان هذه المواصفات ستكون اختيارية في المرحلة الأولى، بانتظار أن تتحضر الأسواق وتتأمن المختبرات اللازمة، بحيث تتحول هذه المواصفات إلى إلزامية.

ولكن ماذا عن التشريعات والقوانين المواكبة؟ وأين أصبح قانون الطاقة الجديد ـ الموعود، الذي سيطرح للمناقشة هذا الاسبوع مع «حزب البيئة اللبناني» وخبراء؟

وما كانت حصيلة الدراسات ومسح القوانين الموجودة حول الطاقة؟

«السفير» تسلط الضوء، للمساهمة في فتح النقاش حول جوهر قضية الطاقة في لبنان، والحلول المقترحة لتوفير وحسن استخدامها.

يؤكد منسق العلاقات العامة في مشروع «المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة» زياد الزين، أن هناك فريق عمل في المشروع يحضر، بالتعاون مع أحد الخبراء القانونيين، لدراسة قانونية تشمل العديد من النواحي، على أن يكون الهدف الرئيسي منها، العمل على ولادة «المركز اللبناني المستدام لحفظ الطاقة»، والذي من المزمع أن يكون الجهة الوحيدة المخولة، المرتبطة بوزارة الطاقة والمياه والتي يفوّض إليها تحقيق معدلات تخفيض سنوية في الطلب على الطاقة ومن ثم تخفيض نسب انبعاثات غازات الدفيئة.

الجوانب التي ستغطيها الدراسة القانونية

يقوم فريق العمل حاليا بمراجعة التشريعات والقوانين المحلية ومقارنتها بعدد من التشريعات الإقليمية والدولية المتعلقة بالطاقة خاصة تلك التي تعنى بترشيد استهلاكها واقتراح تعديلات النصوص المناسبة بما يساهم في حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها.

كما يقوم بإعداد مسودة اقتراحات لإعادة النظر في الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السلع والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة بما يسمح بنفاذها إلى السوق اللبناني. وتحديد الأسباب الموجبة ومسودة النصوص القانونية المعدة لضمان إنشاء المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة وتحديد أنظمته، هيكليته وآليات تحقيق أهدافه... بالإضافة إلى إعداد تقرير تفصيلي يتضمن تصنيف واعتماد وتوصيف وظائف مشروع المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة المزمع إنشاؤه. وإعداد الأسباب الموجبة لمشروع قانون حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها. وإعداد مشروع قانون حفظ الطاقة الذي يوحد المصطلحات في ما يتعلق بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها والذي ينص على إنشاء المركز.

مسح بالتشريعات الموجودة

في الإطار نفسه، أجرى الخبير القانوني للمشروع مسحا لجميع التشريعات ومشاريع التشريعات اللبنانية المتعلقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها في محاولة للوقوف على ما هو موجود من تشريعات لتحديد الموقف منها، إن لجهة تعديلها أو لجهة تجاوزها والسعي لقانون حفظ الطاقة. وقد تبين أن التشريعات المتعلقة بترشيد استهلاك الطاقة المتوفرة حاليا لم تلحظ الجوانب الجدية المتعلقة بهذا الموضوع. فعلى الرغم من حداثة «قانون البيئة»، على سبيل المثال، فإنه لم يتعرض للمواضيع المتعلقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها بحيث لم يكن هذا الموضوع مطروحاً بتاريخ مناقشته وإقراره. إلا أنه يمكن الاستفادة من تمويل بعض النشاطات المتعلقة بحفظ الطاقة من خلال الصندوق المتعلق بالبيئة المنصوص عليه في المادة التاسعة من القانون المذكور التي نصت على أن الصندوق «يساهم في نشاطات الوقائية التي لها أثر على البيئة العامة» وحيث ان النشاطات المتعلقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها لها أثر على البيئة العامة فإنه يمكن دعم نشاطات المشروع الحالي من خلال الصندوق المتعلق بالبيئة المنشأ بموجب القانون.

أما «مشروع قانون تنظيم وزارة الطاقة والمياه»، فهو يتحدث عن دائرة الترشيد الطاقوي ومهمتها، تأمين العلاقات العامة مع المواطنين والمؤسسات الأصلية وإعلامهم بكل يمت بهم الحفاظ على الموارد الطاقوية وترشيد استعمالها. ومعالجة المعوقات التي تحد من معالجة الهدر في إنتاج واستهلاك الطاقة. وتشجيع إنشاء مشاريع نموذجية لترشيد وتحسين مردود استهلاك الطاقة. بالإضافة الى دائرة تشجيع وتطوير المكاتب الخاصة ومهمتها، تشجيع وتطوير أعمال المكاتب الخاصة التي تعنى بأعمال الترشيد الطاقوي والتنمية المستدامة.

أما «مشروع قانون الطاقة» الذي أعده مكتب (IPP Energy )، فهو الذي أشار لأول مرة إلى تعريفات محددة لمصطلحات حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها وإلى اعتبار كفاءة الطاقة وحفظها من ضمن مبادئ سياسة الطاقة في لبنان.

كما تتم مراجعة «المرسوم التطبيقي لقانون البناء»، لكونه يتضمن النصوص المرعية الإجراء حالياً والمتعلقة مباشرة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها، وقد وردت المواد المتعلقة بهذا الموضوع، في المادة الثامنة، التي نصت على السماح بتنفيذ أعمال العزل الحراري ومنع النش شرط أن لا يتجاوز علوها خمسين سنتمتراً عن سطح الطابق الأخير. والمادة التاسعة التي تتحدث عن «وقوع النظر»، والمقصود بها المسافات التي يشترط مراعاتها لشبابيك الغرف حتى تصلها إنارة كافية بما يؤدي حتماً إلى خفض استهلاك الطاقة بسبب وجود ما يكفي من إنارة نتيجة مراعاة التراجعات القانونية التي تسمح بدخول ضوء النهار.

أما المادة الثانية عشرة، المتعلقة بأعمال العزل، فهي لا تدخل في حساب معدل الاستثمار السطحي وعامل الاستثمار وعدد الطوابق والارتفاع الأقصى لأعمال النش والعزل الحراري التي لا يتجاوز علوها خمسين سنتمتراً عن سطح الطابق الأخير. في حال وجود حائط مزدوج العزل لا تحتسب ضمن معدل الاستثمار السطحي وعامل الاستثمار العام مساحة الجدران الخارجية.

تبني خيار وضع قانون شامل للطاقة

خلاصة البحث، ومن خلال مسح تلك التشريعات، خرج فريق العمل بملاحظات عدة أهمها: عدم وجود أصل فكرة «حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها» لدى المشترع اللبناني. وتبعثر النصوص التشريعية وعدم خدمتها لغرض حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها بشكل مباشر. وعدم وحدة المصطلحات المستخدمة. ووجود نية لوضع نصوص متعلقة بحفظ وكفاءة الطاقة.

بناء على ذلك، رأى فريق العمل، أنه بدلاً من اللجوء إلى تعديل أو إقرار بعض النصوص الخاصة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها وذلك بتعديلات متفرقة في العديد من التشريعات، لا بد من وضع قانون شامل ومتكامل لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها.

ويرى الفريق، أن قانون حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها ضمن خيار وحدة التشريع يمكن أن يتضمن تنظيم حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها ويشمل التخطيط الطاقوي (الخطة الوطنية لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها). ومركز حفظ الطاقة.

على أن يكون تمويل مركز حفظ الطاقة من مساهمة مالية تلحظ في قوانين الموازنة العامة. بالاضافة الى الرسوم المفروضة والمتعلقة بخدمات التدقيق الطاقوي. والاغاثات والهبات والوصايا. والغرامات والتعويضات التي يحكم بها أو يتفق عليها. وعائدات وفوائد الأموال. والريع الناتج عن بيع خدمات تقديم الدراسات في مجال حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها.

كما يمكن أن يتضمن المبادئ الأساسية لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها. والمواصفات والمقاييس المطابقة للمعايير العالمية وخاصة الأوروبية، ورقابة كفاءة استهلاك الطاقة.

وحوافز ترشيد استهلاك الطاقة، بعد إعادة النظر في عدد من الرسوم والضرائب (تخفيضها) للسلع والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة.

أما حول كيفية تقييم الأثر الطاقوي، فيقترح الفريق على الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص إجراء دراسات التدقيق الطاقوي وكفاءة استخدام الطاقة للمشاريع المستهلكة للطاقة. تحدد في مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء كميات الطاقة المستهلكة التي تلزم مستهلكها إعداد دراسة تدقيق طاقوي.

-------------------------------------------

المبادئ الأساسية لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها

- مبدأ المكافأة على حفظ الطاقة.

- مبدأ الاحتراس الذي يقضي باعتماد تدابير فعالة ومناسبة بالاستناد إلى المعلومات العملية وأفضل التقنيات من أجل حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها.

- مبدأ إلزام من يستخدم وسائل الطاقة غير كفوءة بالدفع.

- مبدأ تفادي تفاقم أزمة استخدام وسائل استهلاك طاقة غير كفوءة.

- مبدأ المشاركة القاضي بأن يكون لكل مواطن الحق في الحصول على المعلومات المتعلقة بحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها وفقاً للقوانين والأنظمة مرعية الإجراء.

- مبدأ التعاون الذي يقضي بأن تتعاون الإدارات العامة والمحلية والمواطنون على حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها (دراسات السيطرة على الطلب مع كهرباء لبنان أو غيرها من الشركات الخاصة والمؤسسات العامة الأخرى).

- مبدأ الاعتماد على المحفزات الاقتصادية كأداة مراقبة وتنظيم من أجل دفع المستهلك لاستخدام تقنيات ومعدات لحفظ الطاقة.

- مبدأ تقييم الأثر الطاقوي كوسيلة للتخطيط والإدارة من أجل حفظ الطاقة وكفاءة استخدامها.

- مبدأ اعتماد المواصفات القياسية المطبقة عالميا للأجهزة الموفرة للطاقة.

 لمبة توفير للطاقة
لمبة توفير للطاقة


تعليقات: