من انواع الفطر اللبناني
ينتظر البعض موسم الفطر في كل عام في لبنان. الا ان قلة تعرف أن الفطر انواع كثيرة، وأن بينها ما هو سام. يشكل الفطر عوالم خاصة يفترض الحذر في «فك شيفراته»، بين ما هو سام وما يستحق عناء قطافه، وما بينهما من أنواع كثيرة لا تزال خارج التصنيف العلمي كثروة طبيعية، من المفترض مقاربتها توثيقا وتعريفا بعيداً من بعض الموروثات الشعبية الماثلة الى اليوم كأن يعتبر كثيرون أن «الرعد يجلب الفطر!».
«الفطر غدار»
المواطن اللبناني خَبِر الفطر وأنواعه بالتوارث جيلاً بعد جيل، لكن المشكلة اليوم أن ثمة حلقة مفقودة وجيلاً لا يعرف عن الفطر الا ما ندر، فيما عالم الفطر يتطلب الخبرة والعلم والمتابعة، ولهذا السبب يحذِّر رئيس «نادي طرقات الإجر (القدم) المخفية» الخبير في مجال العلوم الطبيعية شمعون مونس، الجيل الجديد الذي ابتعد آباؤه عن الطبيعة الى «ضرورة الانتباه الى انواع الفطر الموجودة»، ويرى أن «العلاقة بالفطر تمثل تجربة بشرية. ومن يقطف الفطر عليه ان يكون متيقظا وحذرا لأن الفطر غدار. فالجميل منه يكون في الغالب من الانواع الشديدة السمية».
ويشير سمير ابو رافع وهو من مقتفي آثار الفطر إلى أن «الموسم يبدأ في شهر ايلول ولكن ننتظر أن تكبر أكثر ثمار الفطر»، لافتاً إلى «اننا لا نقترب الا من الفطر المعروف ونبتعد عن الانواع التي لا نعرف عنها شيئا ومن بينها انواع يمكن استهلاكها لكننا نؤثر عدم المغامرة».
الفطر والتغيرات المناخية
في الظروف العادية يبدأ موسم الفطر في لبنان مع بداية موسم الامطار، ولذلك فهو يتأثر بالتغيرات المناخية، ويشير مونس إلى أن «الفطر يمكن أن ينمو ويظهر في هذه الفترة في الاماكن الشديدة الرطوبة، ويحتاج الى حرارة معينة من 15 درجة مئوية وما فوق والى معدل رطوبة 80 و90، أما عملية قطف الفطر فتبدأ من 20 تشرين الثاني في لبنان، ولكن هذا العام بدأت في غير موعدها».
ولفت إلى أن عالم الفطر يختلف عن عالم النبات، إذ ليس للفطر تناسل (كلوروفيلي) فهو لا يتحرك وهو كالحيوان يحتاج الى مواد مغذية، وهذه المواد هي انواع من نفايا الغابة، لهذا نجده دائما في الاحراج، ولا سيما وسط الاشجار التي تتساقط اوراقها بكثرة فيتغذى عليها، وهناك علاقة رحم بين الفطر والشجرة لانه يقتات على مخلفاتها وعلى مادة (الازوت) الموجودة في الهواء»، وأشار مونس الى أن «الفطر هو من نوع خيوط عنكبوتية تمتد تحت الارض فتهيأ الظروف لظهور الفطر، وللفطر البذور بين الطبقة الخارجية والسفلية، وبعض أنواعه تكون بذوره في داخله وتنتقل هذه البذور في الهواء مسافات بعيدة».
حذار «فطر الذباب»
وقال: «للفطر رائحة، ولكل نوع رائحته منها الكريهة ومنها الحسنة، ومن هنا استطيع ان اميز بين الفطر الذي يمكن تناوله كطعام والفطر السام»، ولفت مونس الى أنه ليس ثمة «معايير واضحة لمعرفة انواع الفطر الصالحة للطعام ولهذا يجب الانتباه لأنه تسجل في لبنان حالات تسمم ووفاة».
وقال مونس: «في لبنان، أجدادنا سموا الفطر بحسب نوع الشجرة التي ينمو تحتها، ومنها: فطر السنديان والزبدي والليموني وفي العراء ينبت الفطر الفرنسي المتداول استهلاكه في المطاعم اللبنانية، وهناك ثلاثة أنواع من الفطر في لبنان: الاول الذي يؤكل، الثاني الخشبي والثالث هو السام. فالخشبي لا يؤكل، ويوجد فطر قاتل يسمى فطر الذباب»، واشار الى «وجود ثلاثة انواع سامة تتسبب بالموت السريع ومنها ما يحتاج الى معالجة تتطلب تبديل دماء الشخص ثلاث مرات ونوع يتسبب بضرب الجهاز العصبي».
وروى مونس أن «فطر الذباب السام كان اجدادنا يقومون بغليه ووضع منقوع المياه في اوعية خاصة لمكافحة الذباب»، وعن الفرق بين الفطر المدجن والبري قال: «إن المدجن ينمو على سماد معقم عضوي او مصنع».
الفطر ثروة حرجية
وأشار الى ان «الفطر غني بمادة Carbohydrate وتساوي نسبته ما هو موجود في الخبز والبطاطا وغني بمادة البروتين بأكثر مما هو موجود في اللحم، وفي الفطر معادن غير موجودة في اي نوع نبات آخر»، ولفت الى ان «قطف الفطر يتطلب استخدام سكين كي لا تتضرر جذوره بما يضمن نموه في السنة المقبلة، وعندما يقطف يوضع في سلال ويتم تنظيفه من الرواسب»، مشيرا الى أن «الفطر البري سعره اغلى ما بين 3 او 5 مرات عن الفطر المدجن»، ورأى ان «الفطر ثروة حرجية بامتياز، وحتى أن ثمن ما نحصل عليه من الفطر البري على مساحة متر مربع ثمنه يفوق سعر متر الارض عينه بمرات عدة».
تبقى الاشارة إلى ضرورة أن تولي المؤسسات العلمية اهتماما بالفطر في لبنان، وما يمثل من أهمية في النظم الايكولوجية للغابة التي ينمو فيها لمعرفة تفاصيل أكثر عن الفطر وعدم اعتباره مجرد «نبتة» طفيلية تغتذي على حيوات أخرى، فضلاً عن الاستفادة من الفطر البري كإنتاج يمكن تسويقه وتصديره بعلامة امتياز لبنانية، شرط عدم تسبب تجارته بانقراضه، كما يحصل عادة مع بعض النباتات الطبية.
أنور عقل ضو
فطر خيامي (ينبت بمحيط الركايز)
تعليقات: