تنظيف آثار الحريق في كفر رمان أمس
مسلسل التعدي على الحريات العامة يعود إلى منطقة النبطية
محاولة إحراق متجرين لبيع المشروبات الروحية في كفر رمان
ما إن وضعت قضية منع بيع المشروبات الروحية في عدد من المحال التجارية في منطقة النبطية أوزارها في نيسان من العام الفائت، بعد الضجة التي أثارتها، وما خلفته من تبعات في الشارع بين مؤيد لتلك الخطوة ومعترض عليها، حتى عادت لتطل برأسها من جديد، إثر محاولة إحراق محلي المواطنين نبيل صالح وحسن أبو زيد لبيع المشروبات الروحية في بلدة كفررمان أمس.
فقرابة الساعة الثالثة إلا ربعاً من فجر أمس، رصدت إحدى كاميرات المراقبة المركزة فوق مدخل محل صالح حضور شابين ملثمين إلى أمام المحلين المستهدفين، وبحوزتهما كيس من الخيش بداخله إطار مطاطي عمدا إلى سكب مادة البنزين عليه وإشعاله بين مدخل المحلين، بعدها لاذا بالفرار. ويبدو أن حال الطقس لم تساعد على نفاذ النيران إلى داخل المحلين، ما أنقذ محتوياتهما من المشروبات الروحية من الحريق، فيما أدت النيران إلى تلوث واجهتيهما وأغراضهما بالدخان الأسود. وقد عمل أصحابهما على تنظيفهما وإزالة آثار الحريق من أمامهما صباح أمس. صاحب أحد المحلين نبيل صالح، لم يتهم أي شخص أو أي جهة بمحاولة إحراق محله، لأن ذلك من واجب الأجهزة الأمنية التي يجب عليها معرفة الفاعلين ومن وراءهم. وكان يتمنى لو أن الملثمين حضروا في النهار، وسألوه عن غايتهم من إحراق المحل، مشيراً إلى أن الفاعلين صغار في السن كما بينته كاميرا المراقبة. وسأل صالح: «هل يوجد قانون يمنع الناس من بيع المشروبات الروحية؟، وإذا وجد هذا القانون فليطلعونا عليه؟، وبما أننا حائزون على تراخيص من الدولة، فهذا يعني أن وضعنا قانوني مئة في المئة ونحن تحت القانون وليس فوقه».
وأوضح حسن أبو زيد أن محله يشكل مورد رزقه الوحيد مع عائلته المؤلفة من أربعة أشخاص، ولا عمل لديه سواه، وهو سيستمر في فتحه وبيع المشروبات الروحية فيه كالمعتاد، وأن محاولة إحراقه لن ترهبه وتثنيه عن هذا الأمر وإلغاء تجارته. ويرى أن من واجب الأجهزة الأمنية والسياسية المعنية التوصل إلى معرفة الفاعلين وما هي خلفياتهم ومن دفعهم لارتكاب هذا العمل.
وفي البلدة، استنكر رئيس «نادي التحرر في كفررمان» يوسف سلامة الاعتداء، مؤيداً «الحريات العامة لجميع أبناء البلدة والتأكيد على صيانتها، والحق لكل واحد منا بالعمل في المهنة أو التجارة التي يراها مناسبة، شرط أن تحظى بالمواصفات القانونية»، معتبراً أن الاعتداء «ليس من شيم أهالي كفررمان، وهي المعروفة بتعدديتها السياسية والحزبية والثقافية والاجتماعية»، مطالبا بـ«وضع حدٍ لخفافيش الليل وعدم السماح لهم باللعب بأمن المجتمع الذي لا يجوز لأي كان العبث فيه في هذه الحقبة السياسية المحلية والإقليمية الحرجة، كي نتمكن من مواجهة التحديات التي تواجهنا في الداخل والخارج».
وكانت منطقة النبطية قد شهدت في تاريخها الماضي والحاضر محاولات عدة لمنع بيع المشروبات الروحية، الأولى تجلت إبان استلام إحدى الجهات السياسية زمام الأمور في منطقة الجنوب بعيد عام 1985، وحتى عودة الدولة إليه في بداية التسعينيات. وقد تمثل المنع حينذاك بمصادرة الحواجز الرئيسية للجهة المذكورة المشروبات الروحية الآتية إلى الجنوب عبر السيارات أو الأفراد. أما المحاولة الثانية فكانت في شهر نيسان من العام الفائت، عندما عمد عدد من أهالي النبطية إلى توزيع بيان طالبوا فيه بإغلاق أحد محلات بيع الخمور والمشروبات الروحية بالقرب من «ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية»، معتبرين ذلك «حفاظاً على قيمهم الدينية والأخلاقية» كما ورد في البيان. وحدا ذلك بصاحب المحل إلى إغلاقه، ونقله إلى بلدة كفروة، ومعه أغلق العديد من المحال الأخرى التي عاد بعضها إلى مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي، بعدما هدأت الضجة حول الموضوع في وقتٍ لاحق.
وسبق ذلك بأشهر عديدة قيام بلدية النبطية بإصدار قرار منعت بموجبه بيع المشروبات الروحية ضمن النطاق الجغرافي للمدينة، لكن القرار لم يحظ بإجماع أعضاء المجلس البلدي، غير أن قراراً أصدره محافظ النبطية القاضي محمود المولى دعا فيه إلى الالتزام بالقوانين التي تفرض على مواطني منطقة النبطية ما تفرضه على سائر المواطنين في المناطق الأخرى، مشيراً إلى أنه «لا يحق منع البيع إلا إذا كان أصحاب تلك المحال يخالفون القانون أو يبيعون الخمر لمن هم دون السن القانونية، وأن من حق صاحب كل محل يحمل رخصة قانونية أن يفتح دكانه ما دام يلتزم بالمعايير القانونية المرعية الإجراء، لكن بالرغم من ذلك فقد آثر معظم أصحاب محال بيع المشروبات الروحية إقفال محالهم في المنطقة، تخوفاً من الانعكاسات السلبية التي قد تطالهم».
أما المرة الثالثة فكانت أمس، من خلال محاولة إحراق المحلين المستهدفين في بلدة كفررمان، والتي لاقت إدانة واستنكار الكثير من أهالي كفررمان وفعالياتها، مثلما سبقـــها من إدانات واستنـــكارات سابقة إثر تعـــرض أصحاب محلات مماثلة في مدينة النبطية لمحاولة الترهيب والإقفال من قبل مجهولين العام الفائت.
تعليقات: