الشاعر شوقي بزيغ
لاشك ان التقديم حين يكون شعريا فانه يجمع بين فتنة المعنى وأناقة المبنى و حين يكون التقديم شعريا نقديا وسيريويا فهو بالتأكيد سيعطي للقارئ/المستمع مفاتيحا لقراءات أخرى متعددة من زوايا مختلفة ، وهذا ما حدث في أمسية الشاعرة المغربية وفاء العمراني
في قصر الاونيسكو ببيروت بدعوة من الحركة الثقافية في لبنان والتي حضرها النائب مروان فارس ورئيس الحركة بلال شرارة والملحق الثقافي في السفارة السعودية ولفيف من الكتاّب والمثقفين ،حيث قدمها الشاعر شوقي بزيغ تقديما بعيدا عن الاحتفاء التقليدي او التقديم الاستعراضي الممنهج ، فقد سلط الضوء على العديد من جوانب سيرة العمراني
مقسّما حديثه عنها الى أجزاء ابتدأها بالسرد السير ذاتي الذي تضمن عدة محطات جمعته مع الشاعرة في محافل شعرية مختلفة مرورا بقراءة نقدية رصينة في قصيدة العمراني تسلط الضوء على سيميائية اللغة والجسد وذلك التشاكل والتناسج الذي يفضي للقصيدة لتولد جسدا نابضا من الرموز التي أجادت الشاعرة توظيفها بلغة شعرية ميزتها من خلال ما أنشدته من القصائد ،ولعل إلقاءها المتناغم مع النصوص كان مكملا آخر للقصيدة اذا ما اعتبرناه عضوا مهما في جسد القصيدة حيث أكدت على متانة هذه العلاقة بالنسبة لها قائلة وهي تتوقف للحظات لتسترد أنفاسها بعد قراءتها إحدى القصائد على المنبر (اعذروني فالإنشاد عندي كالعبادة اوالصلاة ) .
من بين أكثر القصائد تأثيرا كانت ثلاثية الغياب التي اهدتها للشاعر الكبير محمود درويش وفي هذه القصائد التي تدور حول ثيمة الغياب و(الغريبة) / الذات الشاعرة التي تخاطب هذا الغياب من زوايا ومواضع شتى تحمل الكثير من التساؤلات حول الغياب والحضور وما بينهما من انتظار وفي كل جزء من أجزاء هذه الثلاثية التي حملت عناوين (سرير الغياب) ، (ربيع الغياب ) ، (كرسي الغياب) ، كانت الشاعرة تتخذ موضعا جديدا لمخاطبة الغائب ومحاورته وعتاب قلبه الذي خذله في النبض ، ولا تنتهي ثيمة الغياب في هذه النصوص بل تمتد الى نصوص اخرى اتضحت فيها مثل قصيدة (ذكراي منه الغياب ) اذ تتضح طقوس الأنثى في مواجهة الغياب مرة اخرى .. الفكرة والخوف الكامن في بواطن النصوص وهو غياب لايختزله الرجل فحسب بل يحمل غيابات لمفردات أخرى مثل غياب الوطن الذي اتضح في قصيدة ( غربة الأوطان ) التي اختزلتها الشاعرة بقولها (غربتي سكني .. وقصيدتي وطني )
وهو افصح مايمكن ان يصرح به الاغتراب الذي لايحتويه وطن سوى بيت المحبرة .. وبياض الورق .
* بيروت – رشا فاضل
تعليقات: