أحد حوادث السير على طريق الموت في راشيا
مطالبـات بتضمينهـا معاييـر السـلامة المروريـة
كثرت النعوت التي أطلقت على الخط الدولي الممتد بين مثلث راشيا ضهر الأحمر الرفيد حتى المصنع، لكن الصفة الأبرز التي تنطبق على واقعه، وكما بات شائعا بين أبناء المنطقة «خاطفة الأرواح «، صفة لا تخرج عن كونها تتشابه وصفات كل الأتوسترادات السريعة في لبنان، التي تحمل معها يوميا الضحايا والجرحى في صفوف المواطنين، والناتجة من أسباب متعددة إلا أن الموت واحد، والمسؤول واحد هو غياب الدولة بكل أجهزتها إداراتها.
وتأتي تلك الحوادث نتيجة فقدان الطريق للمواصفات الفنية اللازمة، بدءاً بغياب الحاجز الوسطي الذي يفصل بين الإتجاهين، وغياب الحماية الجانبية، واختفاء المحددات الفوسفورية والإنارة الليلية، إلى جانب المعايير القديمة للتخطيط القائم منذ أربعينيات القرن الماضي، وما يتخلله من منعطفات حادة ومتقاربة ومنحدرات قاسية ومسلكيات متهاوية غير مستوية، بحيث لم تتبدل على الرغم من توسيع وتعبيد تلك الطريق أكثر من مرة، ومن الأسباب الأساسية التي لا يمكن إغفالها استفحال السرعة غير المسؤولة، في ظل غياب المراقبة والمحاسبة لردع المخالفين للأنظمة والقوانين.
الأوتوستراد الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى شريان حيوي بين الجنوب والبقاع، وبين الجنوب والدول العربية عبر نقطة المصنع الحدودية، تم توسيعه وتعبيده في العام 2002 من دون إجراء أي تعديلات أو تبديلات على مساره ومخططه القديم، باستثناء زيادة خجولة طرأت على عرضه ليصبح تسعة أمتار، على الرغم من أن هناك مخططا جديداً وضعته وزارة الأشغال منذ أكثر من عشر سنوات، يشتمل على تغيير مسار الطريق لإخفاء المنعطفات والمنحدرات، وإقامة حاجز وسطي، وتوسيعه إلى حدود 18 مترا، واستــبدال مسلكيته التي تمر داخل القرى، بمسلكية غير متعرجة بعيدة عن القرى.
تلك الحوادث أخذت تثير استياء واحجاج المواطنين، الذين لم يتوانوا عن نقل معاناتهم إلى رؤساء بلديات القرى والبلدات الواقعة على جانبي الطريق، من أجل دعوتهم الى مراجعة المسؤولين المعنيين بذلك الأمر، وحثهم على وضع خطة من شأنها الحد من الأخطار، التي باتت تهدد المواطنين وسلامتهم العامة، وإعطائهم مهلاً محددة، وإلا فالناس لن يسكتوا على استمرار «الموت المجاني»، كما قال أبو ربيع فرحات، وهم على استعداد للنزول إلى الشارع للتعبير عن رفضهم لهذا الاستهتار بأرواح الناس، واستخدام كل الوسائل السلمية التي يسمح بها القانون للفت أنظار المسؤولين في الدولة لتلك المعاناة.
عضو «رابطة مخاتير راشيا» المقدم المتقاعد حسن بتديني عزا أسباب ارتفاع نسبة الحوادث القاتلة على الطريق، إلى غياب التخطيط السليم القائم على تعدد المنعطفات الحادة وقربها بعضها من بعض، وانتشار المنحدرات الناتئة والمهاوي الفجائية، وفقدان معايير الحماية والسلامة العامة من الفواصل الوسطية إلى المحفزات الضوئية والمحددات الفوسفورية، فضلاً عن «التهور في القيادة عند كثيرين، وخاصة عنصر الشباب»، مؤكدا على مقولة ان «الرزق السائب يعلم الناس الحرام، خصوصا في ظل غياب استعمال القوانين لردع المخالفين والمتهورين». بتديني أكد على «ضرورة ملاحقة مخالفي القوانين، وعدم التهاون معهم، وتسيير دوريات ونصب الرادارات على هذه الطريق وتنظيم المحاضر، وإشعار المواطن أن السرعة الزائدة هي السبب الأساس في ارتفاع نسبة الموت المجاني». وطالب بتديني المسؤولين المعنيين بتطبيق معايير السلامة العامة، والسعي نحو استبدال الطريق «بتنفيذ المخطط الحديث الذي وضعته وزارة الأشغال العامة، حيث أبعدت مسار الطريق عن القرى، وحدّت من وجود المنعطفات والمتعرجات والمهاوي فيه، وزادت من عرضه الى حدود 18 متراً»، معتبراً أن «الأتوستراد تحوّل منذ سنوات إلى شريان حيوي لأبناء الجنوب والبقاع، باعتباره الأقرب مسافة والأسهل مساراً في التواصل»، فضلا عن كونه «المسلك الوحيد الذي يمكن الركون إليه واستخدامه من قبل الشاحنات والقاطرات، بدلا من سلوك طريق ضهر البيدر عند انقطاعها بسبب تراكم ثلـوج أو لأسباب أخرى».
تجدر الإشارة إلى أن آخر الضحايا التي حصدت أرواحهم تلك الطريق عماد القادري وزوجته مايا من بلدة الرفيد، والطفلة حنان حجازي من بلدة خربة روحا، ووليد جهاد عمار من بلدة ينطا، وأمين مغامس من بلدة كوكبا، وبلال حسين عساف من جب فرح، وبارع الأصيل من العقبة، وفاديا شومان، والطفلة نبيلة يوسف عامر، وعلي زيتون، ومبارك أحمد طالب وجمعيهم من بلدة الصويري، وامرإة من عائلة زاكي من بلدة راشيا.
تعليقات: