الثلوج تغطي جبل الشيخ ومزارع شبعا.. ماذا تخفي تحتها؟
الجنوب يترقب المناورات المتعددة على الحدود وسط تزايد احتمالات الحرب الإسرائيلية على إيران
ما هي حقيقة أن تحت قمم جبل الشيخ تجري الإستعدادات لمعركة تعد بتغيير شكل الشرق الأوسط المعاصر؟!
ماذا يريد الاحتلال الإسرائيلي أن يخفي عن الأعين خلف جدار يقيمه على «بوابة فاطمة»؟
هل يُمكن القول أن الجنوب مقدم على أوضاع معيّنة تطال كل ما يُمكن أن تطاله مما سبق وأن عايشه وعرفه على مدى السنين التي مرّت من عمر الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وأن ثمّة تحركات وتصريحات وأقاويل تطال، بل ترافق الكثير الكثير من الإستعدادات التي تقوم بها قوات الاحتلال من خلف الخط الأزرق، الفاصل للحدود مع فلسطين المحتلة ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيتين؟
لقد شهدت الفترة الأخيرة من الأسابيع الماضية، سلسلة من الإجراءات، رافقتها بعض التصريحات لمسؤولين إسرائيليين عن نوايا عدوانية ظاهرة، أثارت الكثير من البلبلة والهواجس لدى لبنان، وطبعاً المقيمين بالذات في المنطقة الجنوبية..
وبات الجنوبي يتساءل بكثير من القلق والريبة، إزاء ما تقوم به قوات الاحتلال من استعدادات متزامنة، تتخللها مناورات بحجم كبير وملفت لـ "سيناريوهات" متعدّدة، حول ما يُمكن أن يندرج في إطار الخطط العسكرية لاعتداءات محتملة يقوم بها الاحتلال، وتطال لبنان بصورة عامة، والجنوب بصورة خاصة..
لقد اعتاد اللبنانيون بصورة عامة وبالذات الجنوبيين، مثل هذه النوايا العدوانية أولاً، والإعتداءات بعدها التي تعقبها وتطال وطاولت البشر والحجر، في إطار السياسة المحروقة التي تعتمدها الإعتداءات العدوانية الإسرائيلية، وعاشوها وعانوها ودفعوا الكثير من الغالي والنفيس في الأرواح والممتلكات والأرزاق..
وليس توجساً ولا استنتاجاً، أن يشعر المواطن الجنوبي بما يدور حوله، وبما يُمكن أن تتفاعل به الأحداث الجارية، بل هي باتت واقعاً يتلمسه الجنوبي بحكم التجارب العديدة التي مرّت عليه لسلسلة الحروب والإعتداءات التي مرّت منذ أكثر من 64 عاماً من عمر الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية من جهة، ولبعض الأراضي اللبنانية من جهة أخرى، والتجربة هنا سيدة الأحكام، واستخلاص النوايا والأفكار وما يُمكن أن يعقبها من تحركات واعتداءات.
في هذا السياق، يُطرح السؤال الكبير نفسه عن ما يُمكن أن تخبئه أو تأتي به الأيام من وراء كل التحركات والتحرشات والظواهر الجادة والمكلفة، التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي على الحدود؟
لعل الملفت في هذا السياق، في ما تتمخض عنه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين من ربط أي إشكال أو حادث تتعرض له المؤسّسات الإسرائيلية، أو محاولات استهداف مسؤولين إسرائيليين في أي مكان في العالم، حيث يركّزون على اتهام "حزب الله" من جهة، ولبنان بصورة عامة، وهي حجج واتهامات باتت مع الأيام معروفة، بل مكشوفة النوايا العدوانية والخبيثة تجاه لبنان.
والملاحظة شديدة الوضوح، هي أن هذه الاتهامات، وهذا التركيز في ذلك كثر في الآونة الأخيرة، وتعددت، بل تلاحقت حتى من دون مبرّر ولو ظاهر في طبيعة مثل هذه الأحداث.
وفي إطار وقائع "مؤتمر هرتسليا"، الذي عقد مؤخّراً حول ما تسميه "إسرائيل" "خريطة التهديدات"، وتمحور حول وضعها في الشرق الأوسط وتناول "الربيع العربي" والتحولات الحاصلة في الشرق الأوسط، وبالذات ما يتعلق بتغيّر أنظمة في دول عربية، وكانت فيها التصريحات الأبرز حول إيران و"حزب الله" وسوريا.
بناء جدار إسمنتي
وفي هذا السياق، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك في خطابه في المؤتمر عن "أن "حزب الله" مستمر في تقوية نفسه بالتسلح بصواريخ تُغطي "إسرائيل" وبعض مئات الصواريخ التي تغطي جنوب إسرائيل". وبالنسبة لـ "إسرائيل" فإن حكومة لبنان تتحمّل مسؤولية كل ما يأتي من أراضيها، أو ما يحدث في داخل أراضيها. ونحن لا نريد سوى الهدوء في الجبهة الشمالية، لكن في حال التصعيد، فإننا لن نتردّد في ضرب البنى التحتية اللبنانية".
وفي إطار الحديث عن حرب محتملة تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الشرق الأوسط، ذكر تقرير بريطاني "أن الحدود الجنوبية للبنان سوف تكون الجبهة الأمامية للنزاع المتزايد عمقاً بين الكيان الإسرائيلي وإيران، وأن هناك تحت قمم جبل الشيخ المغطاة بالثلوج حالياً، تجري الاستعدادات على قدمٍ وساق من أجل معركة تعد بتغيير شكل الشرق الأوسط المعاصر".
وعلى طول الحدود للخط الأزرق الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، يُلاحظ الجنوبيون الكثير الكثير من التحركات الإسرائيلية التي تشير إلى استعدادات إسرائيلية مكثّفة ومتواترة لما يُمكن أن يندرج في إطار الحرب العدوانية المحتملة، التي يُخطط لها العدو الإسرائيلي.
ففي مطلع شهر شباط الماضي نقلت قيادة "اليونيفل" إلى الجيش اللبناني، عزم الجيش الإسرائيلي البدء بتشييد جدار اسمنتي فاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بين الحدود الشمالية وبلدة كفركلا – قضاء مرجعيون، يمتد على طول 800 متر من نقطة "بوابة فاطمة" باتجاه جنوبي وصولاً إلى مدخل بلدة العديسة المحاذية، وشمالاً باتجاه حدود سهل الخيام.
ويتحدث المخطط عن ارتفاع يتراوح بين 4 و7 أمتار لهذا الجدار، وذلك بحجة حماية المواقع الإسرائيلية العسكرية، وممّر الآليات من مرمى الجانب اللبناني، ومنع الاحتكاكات المباشرة بين الأهالي ودوريات العدو.
وفي هذا السياق، تعمل الفرق العسكرية والمدنية الإسرائيلية، بشكل يومي على معاينة المكان المزمع إقامة الجدار الاسمنتي فيه، على حدود "بوابة فاطمة" في كفركلا، وتتكثف المشاروات العسكرية بين قوات الاحتلال و"اليونيفل" لوضع اللمسات الأخيرة على المشروع، حيث تشهد الحدود زيارات استطلاعية ميدانية للمراقبين الدوليين، بهدف التأكد من علامات الخط الأزرق، واعداد التقارير، ورفعها إلى قيادة قوات الطوارئ الدولية في الناقورة.
وقام نحو 15 عنصراً من الاحتلال الإسرائيلي ومختصين مدنيين، بمؤازرة 4 سيارات جيب عسكرية وسيارتين مدنيتين، قبل ظهر أمس الأول (الاثنين) بمعاينة مكان الجدار الفاصل، على بعد أمتار من "بوابة فاطمة"، حيث استخدم جنود الإحتلال الخرائط وأجهزة GPRS، وقاموا بتحديد نقاط وعلامات في تلك المنطقة.
وفي المقابل، راقب ضباط وأفراد من الجيش اللبناني وقوات "اليونيفل"، ما يقوم به جنود الاحتلال في الجانب المحتل.
حرب عدوانية إسرائيلية
في خضم هذه الوقائع، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك في النوايا العدوانية الإسرائيلية، التي تتمحور كلّها في التحضير والاستعداد لحرب عدوانية على إيران، بهدف منعها من إمتلاك قوة نووية، تشكّل بما تعترف به "إسرائيل" تهديداً لوجودها على الخارطة العربية.
وفي محور هذه العملية، تحسب سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحساب للقوّة الصاروخية لـ "حزب الله"، حيث تتوقّع بأن الحرب الإسرائيلية على إيران، لا بد أن تضع في حساباتها تدخل "حزب الله" بقوته الصاروخية، التي تصل - كما تقول التقارير الإسرائيلية ذاتها – "إلى حوالى 40 ألف صاروخ، بعضها يطال "إسرائيل" في وسطها، والبعض الآخر يطال كل مواقعها".
وثمة ملاحظات ملفتة للنظر والإهتمام، بل والدراسة العميقة، التي لا بد من وضعها في الحسابات إزاء ما يجري على الساحة الإسرائيلية من تحركات، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الدولي، خاصة وأن الحديث عن احتمالات الحرب الإسرائيلية على إيران، تأخذ مدى كبيراً من التحركات الدولية، في إطار ما تتكشف عنه الأمور من أن القادة الإسرائيليين سيتفردون بهذه الحرب على إيران، من خلال إعتبار القوّة الإيرانية ومدى تناميها إلى إمتلاك القوّة النووية، يتعلق بالدرجة الأولى ويطال وجود "إسرائيل" على الخارطة، وحيث أن المسألة لا تتعلقُ بالمصالح الأميركية أو الأوروبية بشكل مباشر.
وفي هذا الإطار، تتركّز تصريحات باراك على "التفرد بقرار الحرب من دون ضرورة إطلاع أميركا أو مشاركتها في هذه الحرب".
ولكن، هل يُمكن لـ "إسرائيل" أن تقوم بمثل هذه الحرب التي تطال وجودها بعيداً من المعرفة الأميركية بموعد هذه الحرب، في الوقت التي تتحدث فيه معلومات عن أن التنسيق تام وكامل، بل ومستمر بين مختلف القيادات الإسرائيلية من جهة، وقيادات الجيوش الأميركية وبالذات حول مثل هذه الحرب.
ولعل كثرة الحديث في هذه الأيام عن تحضير "إسرائيل" لاحتمالات الحرب على إيران، أنها تتم وسط زيارات لافتة للقادة الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة الأميركية، وخاصة زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي باراك، التي أعقبتها زيارة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ولقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، في هذه الأيام التي تحتدم فيها الحركة الإنتخابية للرئاسة الأميركية في نهاية هذا العام، وتحتدم فيها التصريحات بين المرشحين "الديمقراطيين" و"الجمهوريين" لكسب ودّ المنتخب الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تأتي تصريحات الرئيس أوباما من الوقوف إلى جانب "إسرائيل" ودعمها المطلق في التحركات السياسية والعسكرية، التي تجعلها متفوقة بالمطلق على المقوّمات الإيرانية. وهنا مكمن الخطر الأكبر على لبنان والجنوب منه تحديداً، حيث تعتبر الترسانة الصاروخية لـ "حزب الله" في لبنان، من ضمن المواقع التي تطالها الحرب على إيران.
وهكذا، كلما زادت الأحاديث عن إحتمالات حرب إسرائيلية على إيران، كلما زادت إحتمالات التخوف والتوجّس اللبناني من جهة أخرى، حيث تقول معلومات "أن هذه الحرب لا بد أنها مدمّرة بشكل عام، لأنها تنطلق لدى كل الأطراف من مبدأ نكون أو لا نكون"... والعياذ بالله.
\"جنود الاحتلال الإسرائيلي عند السياج الشائك على بعد أمتار من بوابة فاطمة\"
\"دورية للاحتلال خلف الشريط الشائك، وفي الجانب اللبناني دورية راجلة لقوات الطوارىء الدولية\"
\"فريق من المراقبين الدوليين يُعاين الحدود بالقرب من الشريط الشائك\"
تعليقات: