راع يمرر أغنامه من سوريا إلى لبنان في خراج الكنيسة الحدودية
استهلاك نحو 120 ألف رأس غنم خلال شهرين
لطالما شكلت تجارة المواشي المهربة من سوريا، منافسة قوية في الأسواق المحلية، نظراً للفارق الكبير في الأسعار مع تلك الموجودة في لبنان أو المستوردة إليه من دول عربية وغربية، "فضلاً عن نوعيتها"، حيث يسود اعتقاد لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين أن اللحوم السورية أفضل من غيرها، وهو ما كان يفسر الطلب المتزايد على تلك السلعة في الأسواق اللبنانية من قبل الزبائن، الذين كانوا يستغلون فرصة زيارة سوريا لشراء اللحوم على وجه الخصوص.
لكن الأوضاع الأمنية المتوترة في سوريا، والإجراءات الأمنية الاستثنائية، التي اتخذها الجيشان اللبناني والسوري على الحدود الشمالية، والتي حدّت نوعا ما من عمليات التهريب، حرمت "الذواقة" من تناول اللحوم السورية، وكذلك أصحاب الدخل المحدود من الحصول على تلك السلعة بأسعار تتناسب وإمكانياتهم المالية، بعدما وصل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم في إلى نحو ثلاثين ألف ليرة لبنانية، وزاد الكيلوغرام من لحم العجل على خمسة عشر ألفاً. إلا ان المساحة الشاسعة للحدود المشتركة بين لبنان وسوريا، وانفلات الأمن جزئيا في بعض المناطق السورية القريبة من الحدود اللبنانية وتحديداً من محافظة الشمال، فضلاً عن عوامل داخلية سورية تتعلق بالوضع الاقتصادي المتردي الناتج عن الحصار المفروض دوليا عليها، أعاد تنشيط حركة التهريب وتحديداً المواشي، التي بدأت تصل إلى الشمال بكميات كبيرة وتباع بأسعار زهيدة، الأمر الذي حول محال بيع اللحوم المنتشرة على طول الطريق الساحلية الممتدة من مدينة البداوي، وصولاً إلى عكار، مروراً بمنطقة المنية إلى مقصد للزبائن من الشمال وبيروت، الذين يتوافدون طوال أيام الاسبوع، وفي أيام العطل لشراء اللحوم وتخزينها، مستفيدين من تدني سعر الكيلوغرام، الذي بيع بداية بثلاثة عشر ألف ليرة لبنانية مع عضمه، وبستة عشر ألف ليرة لبنانية "مجروما من العضم"، قبل أن يعود ويرتفع في الأيام الحالية، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام بين سبعة عشر الفا وعشرين ألف ليرة.
وتتركز عملية بيع اللحوم السورية في المناطق، التي لا يزال الجزارون فيها يعتمدون على ذبح المواشي في محالهم، وليس في المسالخ كما هو حاصل في المدن، وهو أمر له إيجابياته وسلبياته في آن. وبعملية حسابية بسيطة، استهلك نحو مئتي محل لبيع اللحوم في المنطقة خلال الشهرين الماضيين، نحو مئة وعشرين ألف رأس عنم مهربة من سوريا، بمعدل متوسط يبلغ 10 رؤوس في اليوم.
وتتضارب المعلومات حول كيفية وصول ذلك العدد الكبير من المواشي إلى لبنان، وأسباب تراجع الأسعار، بين من يعتبر السبب ناتجا عن تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا، وتراجع قيمة العملة السورية مقابل بقية العملات، واضطرار المعنيين في سوريا إلى غض النظر عن عملية تهريب المواشي، وبين من يعتقد بوجود عمليات سرقة داخل سوريا لأعداد كبيرة من المواشي وتحديدا من خانات مدينة حمص، في حين يؤكد خالد (تاجر مواش) أن السبب يعود لوجود كميات كبيرة في سوريا من المواشي تناهز الـ 20 مليون رأس غنم، وعدم وجود أسواق لتصريفها، فضلا على أن وجود المواشي في الأيام الحالية في المزارع، لا يفيد أصحابها لكونها تأكل ولا يزيد وزنها، وبالتالي فان بيعها بأي سعر يكون أفضل من الاحتفاظ بها.
ومهما كانت الأسباب، التي أدت إلى انخفاض أسعار اللحوم، وتلك التي عادت ورفعتها جزئيا، فإن السوق تشهد حركة إقبال لافتة، ساهمت في تنشيط الحركة الاقتصادية وفي دعم تلك السلعة بما جعلها متاحة للموطنين كافة. ويقول أصحاب محال بيع اللحوم على طريق البداوي "نحن نشتري المواشي من التجار السوريين، الذين نقلوا كميات كبيرة منها إلى لبنان، والسعر بالنسبة لسوريا طبيعي جداً، لكن في السابق كانت هناك صعوبة في نقل المواشي من سوريا إلى لبنان"، لافتين إلى أن "سبب ارتفاع الأسعار مجددا بشكل بسيط يعود لصعوبات في نقل المواشي".
تعليقات: