الأهالي محرومون من أراضيهم منذ نحو 40 سنة
يتساءل، أهالي بلدة العباسية، في «اليوم العالمي للتخلص من القنابل العنقودية والألغام»، عن الأسباب التي حالت، دون إقدام فرق نزع الألغام المحلية والدولية المتعددة الجنسيات والمتنوعة الأسماء، على نزع الألغام التي خلفها العدو الصهيوني في خراج بلدتهم، عبر حقل مترامي الأطراف يصل إلى حدود المنازل، ينكد عيش الأهالي ويعيق عودتهم ويلحق بهم وبممتلكاتهم الكثير من الأضرار.
يشير أهالي البلدة إلى أن حقل الألغام المتاخم للسياج الحدودي الشائك، يقع عند الطرف الشرقي المحرر من بلدتهم، يحدّه غربا جامع العباسية، وعند طرفيه الشرقي والشمالي حقول زراعية. وكانت عدة ألغام في الحقل قد انفجرت منذ العام 2000. وأدت إلى مقتل المواطن بركات الأحمد من عين عرب، وعنصر من سلاح الهندسة في الجيش اللبناني، وجرح ثلاثة مواطنين آخرين، بالإضافة إلى تضرر الجامع والمنازل المجاورة، ونفوق عدد كبير من رؤوس الماشية والأبقار، وعشرات الخنازير والحيوانات البرية، ناهيك عن عدم تمكن أصحاب الأرض من الوصول إليها واستغلالها منذ نحو 40 سنة.
ويتجاوز طول الحقل 1,5 كيلومتر، وعرضه يتراوح بين مئة وخمسمئة متر. وتقدر الجهات المختصة في نزع الألغام احتواءه على أكثر من خمسة آلاف لغم متنوعة الأحجام، معظمها ألغام كبيرة ضد الآليات، كان جيش الاحتلال قد زرعها بعيد احتلاله للمنطقة إبان حرب العام 1967. وقد استغرب رئيس «لجنة عودة أهالي العباسية» محمد شهاب «تجاهل الجهات المعنية حقل الألغام، بعد 12 عاما على التحرير، فهو يهدد الحياة العامة في المنطقة، خاصة المصلين في المسجد المجاور»، لافتاً إلى أنه «يحدّ من عودة الأهالي إضافة إلى منعهم من استغلالهم لأرضهم». ولفت شهاب إلى أنه «بعد سقوط ضحايا مدنيين، ونفوق الكثير من الماشية بسبب انفجار ألغام في الحقل، وبعد سلسلة مراجعات قمنا بها مع الجهات المعنية لنزع ألغامه بعيد التحرير، لمسنا تجاوباً محدوداً، إذ عملت فرق هندسية تابعة للجيش اللبناني، وأخرى دولية، على تنظيف الطرف الغربي للحقل، لكن العمل توقف بعد إنجاز مساحة بسيطة لم تتجاوز خمسمئة متر مربع، ولا يزال العمل متوقفا حتى اليوم، من دون أن نعرف الأسباب».
ويشير المواطن شهاب شهاب إلى استغراب الأهالي «لعدم إقدام الجهات المعنية، على نزع ألغام حقل العباسية، بالرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بأهالي البلدة، الذين يعتاشون من الزراعة وتربية الماشية»، مشيراً إلى أن «لغما ضد الآليات، انفجر الأسبوع الماضي، وتسبب بنفوق عدد من الأبقار، إضافة إلى اضرار مادية بالجامع، والعديد من المنازل المجاورة». وناشد «الجهات المسؤولة، العمل سريعا على نزع ألغام الحقل التي باتت تهدد السكان وتنكد عيشهم».
من جهته، لفت رئيس «جمعية الرؤية للرعاية والتنمية والتأهيل»، المنسق العام لـ«برنامج مصابي الألغام والقنابل العنقودية» في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتور ناصر أبو لطيف لـ«خطورة الحقل المحاذي لأراض زراعية ومنازل ومراع للماشية»، داعيا إلى وضعه «على سكة الاهتمام لجهة نزع ألغامه بالسرعة القصوى، حفاظا على السكان وممتلكاتهم ومساهمة في عودتهم إلى بلدتهم واستغلالهم لأراضيهم الزراعية».
وفي النبطية (عدنان طباجة)، ولمناسبة «اليوم العالمي للتخلص من القنابل العنقودية والألغام» كذلك، رأى النائب ياسين جابر أنه «يتوجب على الأمم المتحدة الضغط على إسرائيل، لتسليمها الخرائط للأماكن التي زرعتها بتلك القنابل في الجنوب والبقاع الغربي خلال عدوانها على لبنان في تموز 2006»، لافتاً إلى أن ما سلمه العدو من خرائط لليونيفل غير كاف، ومعدوم الجدوى، ويفتقد إلى الدقة لا بل هو لأماكن وهمية غير تلك المناطق التي ألقى عليها ملايين القنابل العنقودية خلال عدوانه المدمر على لبنان». واعتبر جابر أن «تلك القنابل ما تزال تشكل احتلالا مدفونا في الارض تعيق حركة التنمية وعمل المزارعين وتقف عائقا أمام وصولهم إلى أراضيهم لاستثمارها»، مشيراً إلى أن تلك «القنابل أدت منذ انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان في 14 آب 2006 إلى استشهاد أكثر من 50 مواطنا جلهم من المزارعين فضلا عن اصابة 205 مواطنين بجروح واعاقات دائمة».
وأضاف جابر في بيان للمناسبة أمس: لقد «ألقت إسرائيل خلال عدوانها نحو 4 ملايين قنبلة عنقودية أزيل منها 400 ألف قنبلة، ما يستدعي تضافر الجهود المحلية والدولية لاستكمال عملية تنظيف الأراضي من تلك القنابل»، ما يتطلب من الدول المانحة ومن الأمم المتحدة «رفع مستوى التمويل لعملية إزالة القنابل العنقودية الاسرائيلية من الجنوب، خصوصا أن ضعفه أدى إلى تراجع الفرق العاملة في نزع القنابل من 111 الى 45 فرقة».
تعليقات: