ثمة من افتتح بستانه للمزارعين مجاناً
يضرب كساد غير مسبوق موسم الليمون الحاصباني في العام الحالي، واضعاً تلك الزراعة في دائرة الخطر، مع تضافر عوامل عدة باتت كافية لجعل المزارع الحاصباني يفكر جدياً بالتخلي عن بساتينه، بلا أسف على عنايته الطويلة التي أمضاها في تربية تلك الأشجار التي خذلته. ومع تجاهل الجهات الرسمية المعنية في القطاع الزراعي مطالب المزارعين، راحت أتعابهم هدراً، بعدما استنزفوا الدفع المالي على مزروعاتهم عشرات السنين، وكانت الضربة القاضية - إلى جانب تخلّي الدولة عنهم - في ارتفاع كلفة العناية من حراثة وتقليم وأسمدة وأدوية، تزامناً مع انخفاض حاد في الأسعار، إذ وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الليمون إلى أقل من نصف كلفة قطفه وتسويقه.
وتنتشر خمسة آلاف دونم من بساتين الليمون المروية عند ضفتي نهر الحاصباني، موزعة ثمارها بين «أبو صرة»، و«الكلمنتين»، والحامض، و«البوملي». ويتباهى المزارع هنا بنوعية الإنتاج، خصوصاً أنه يعتمد على الأسمدة الحيوانية، بدلا من الكيماوية، في ظل توافر السماد وبكميات كافية في المنطقة. ويجمع مزارعو ليمون حوض الحاصباني على ان الأسعار انخفضت هذا العام انخفاضا مريبا، إذ تدنت الى ما دون الكلفة، حيث أصبح ثمن صندوق الـ«أبو صرة» (20 كيلوغراما) ما دون السبعة آلاف ليرة، والليمون الحامض بحدود ستة آلاف ليرة، أي ما يوازي أجرة قطفه تقريباً.
ومع تدني الأسعار الى ذلك المستوى، يبقى الطلب محدوداً. يقول المزارع فواز أبو عمار إن «ما تم تصريفه حتى الآن لا تتعدى نسبته عشرين في المئة من الإنتاج، والكمية الباقية لا تزال على الأشجار، أو سقطت أرضاً بسبب الأحوال الجوية العاصفة خلال الأسابيع القليلة الماضية». ويضيف أبو عمار: «كلفة العناية بالدونم، من حراثة وتقليم ورش وثمن أدوية وسماد، يصل الى حدود الخمسة آلاف ليرة. والإنتاج هذا العام لا يوازي الكلفة، ومشكلة المشاكل تكمن في تخلي الجهات المعنية عن المزارع، ليبقى وحيدا يقلع شوكه بيديه».
ويعرب المزارع رفيق الحرفوش، عن أسفه «لهذا الكساد الحاصل في موسم الليمون، حيث كمية كبيرة من الثمار تلفت بعدما أدت الرياح إلى سقوطها خلال العاصفة الأخيرة. ومثل ذلك الوضع فرض على المزارع التخلي عن قطف الثمار، لتتلف على أمها، فالليمون في الحاصباني بات زراعة خاسرة وتكبد المزارع المزيد من الأعباء، ونعمل على تصريف القليل منه في السوق الحاصباني، وبكميات قليلة، لأن أجرة القطاف والنقل إلى أقرب حسبة في صيدا والبقاع، يوازي ثمن الصندوق تقريبا». أما سامر نمور، فقرر، وسط ذلك الكساد المستشري، فتح بستانه أمام كل أصدقائه، داعياً الجميع إلى التزود بما أرادوا من الليمون دون مقابل. يقول نمور: «بهذه الطريقة نخفف عناء أجرة القطاف، ولتكن الثمار هبة يستفيد منها كل من أراد، أفضل من بقائها على الأشجار أو تلفها».
تعليقات: