مكتبات لبنان تحتاج إلى التشبيك الإلكتروني والمهارات الوظيفية

«الأميركية» تقترح للمرة الأولى التعاون مع «اللبنانية»

تنظم «جمعية السبيل» «الاسبوع الوطني للمطالعة» حتى 3 أيار المقبل، في المكتبة العامة لبلدية بيروت في الباشورة

زينب ياغي

اقترحت المتخصصة في علوم المكتبات الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية سوزان بيري على أساتذة توثيق وموظفين في مكتبات لبنان، إحاطتهم علما بالمواقع الإلكترونية للمكتبات في ولاية كارولينا الشمالية... ثم أضافت اقتراحا أكثر إثارة، وهو إحاطتهم علما بمواقع مكتبات مدينة نيوورك وهي «من أهم المكتبات التي يمكن أن ترونها في حياتكم».

عرضت بيري اقتراحها خلال المؤتمر الذي عقدته «جمعية المكتبات وعلوم المعلومات» في بيروت، أمس، فبرز في كلامها، وفي كلام المشاركين في المؤتمر، الفارق الكبير في كيفية التعامل مع عالم الكتب، فلا تواصل الكترونياً مثلا بين المكتبات الجامعية في لبنان وبين المكتبات العامة، ولا تواصل بين المكتبات الجامعية نفسها، ولا تواصل بين مكتبات الفروع داخل عدد من الجامعات، ولا سيما داخل الجامعة اللبنانية.

يضاف إلى المشكلة تلك، النقص الحاصل في المهارات التقنية للعاملين في المكتبات، فأعلن رئيس جمعية المكتبات الدكتور فوز عبد الله أن الهدف الرئيسي من المؤتمر هو كيفية الوصول إلى ربط مكتبات المدارس، والجامعات، والمكتبات العامة، بشبكة معلوماتية واحدة، في عالم يشهد تطورات مذهلة في مجال المكتبات الإلكترونية والافتراضية والرقمية و«المهيبرة». وقال إن في لبنان والعالم العربي كفاءات علمية وإمكانيات مادية، ولكن لا يمكن تحقيق الطموحات أو جزء منها، إلا بوجود سياسة واضحة ودعم مادي من المؤسسات الحكومية. وأكد على ضرورة تقليص الفجوة الرقمية في العالم العربي من خلال الاستثمار في شبكات الاتصالات، والاهتمام بالبنى التحتية التابعة لها، وحصول المواطن على خدمة الربط بشبكة المعلومات العالمية، من أجل الوصول الحر إلى الإنتاج الفكري العلمي، والتوثيق البحثي العلمي العالمي مجاناً. وذكر بتأكيد عدد من الباحثين أن أكثر من 25 في المئة من الدوريات المحكمة، أصبحت متاحة مجاناً على الإنترنت.

وأعلن عبد الله أن الاتحاد الدولي للمكتبات والمؤسسات اختار خلال المؤتمر الذي عقد في غوتنبرغ - السويد في آب العام 2010 «جمعية المكتبات في لبنان» من أجل دعمها وتطويرها لمدة عامين، وكانت حصيلة ذلك ثلاث ورش عمل، على أن تعقد الورشة الأخيرة أوائل حزيران المقبل. وستظهر نتائج الورش من خلال إعداد هيكلية وأنظمة جديدة لجمعية المكتبات، ومجاراة المستجدات التقنية ورعاية شؤون القائمين عليها.

وللمرة الأولى تبدي «الجامعة الأميركية» انفتاحاً على التعاون المكتبي مع الجامعات الأخرى في لبنان، فأعلن مدير المكتبة لقمان محو، وجود عوائق تقنية، «لكن ذلك يجب ألا يحول دون عملنا بعضنا مع بعض، لا من أجل توفير الوصول إلى المزيد من المعلومات فحسب، بل من أجل استخدام الموارد المتاحة استخداماً أفضل أيضاً». وتحدث عن بعض التدابير البسيطة التي يمكن تطبيقها، وتحدث اختلافاً في نوعية الخدمات، مثل استخدام برامج EAS، وهي برامج تعنى بتنظيم الملفات ودخول مواقع جديدة، مؤكداً عدم البقاء جماعات مغلقة بعضها على بعض، كما كانت الجامعة الأميركية. وأبدى استعداده للتعاون في تنظيم عمل المكتبات، وتدريب العاملين، والتنسيق مع جمعية المكتبات، في أي مبادرة تصب في مصلحة المكتبات.

وعرض محو ستة تحديات، أبرزها تعزيز الخدمات الأساسية للمكتبات، من دون النظر إلى زيادة فعلية في الاستثمارات المالية، لأنه كما هو معروف فإن الموارد دائما محدودة، وقد تمكن من زيادة عدد ساعات فتح المكتبة، فوصلت إلى خمس عشرة ساعة يوميا، خلال فترة الامتحانات، وأحيانا على مدار السنة، مع إعطاء بدلات الساعات الإضافية، وزيادة مساحات القراءة والمقاعد، والتخلص تدريجا من أجهزة الكومبيوتر القديمة على مدى ثلاث سنوات، وتطوير العديد من أدلة البحث. وتعمل إدارة مكتبة الأميركية مع «المؤسسة الشرقية للدراسات» على تطوير قاعدة بيانات الصحف كي تصبح متاحة للجميع. وستطور قاعدة بيانات رقمية لنحو سبعمئة مجلة عربية. وتم تحويل نحو 60 ألف صورة إلى نسخ رقمية.

وتسعى المكتبة الى تطوير الكادر البشري، مثل تدريب الموظفين العاملين في المكتبات على المهارات الأساسية في استخدام الكومبيوتر وتصميم المواقع الإلكترونية، والتواصل مع اختصاصيين في تكنولوجيا المعلومات. وقد نظمت نحو خمسمئة دورة تدريبية، لكن المشكلة، وفق محو، هي في خسارة الموظفين المؤهلين، بسبب عدم إعطائهم الأجور التي تعرض عليهم خارج لبنان، ومن الصعوبة استبدالهم. وقال إن الإدارة تتوجه للتعامل مع موظفين يحملون شهادات من جامعات لبنانية، وليس فقط من الجامعات الأميركية.

وفي ترشيد استخدام الموازنة، أوضح أن الموازنة زادت بين العامين 2009 و2011 بنسبة 10 في المئة فقط، بينما تمكن من شراء عدد الكتب نفسه، وزيادة قاعدة بيانات الكتب الإلكترونية من خمس عشرة إلى مئة وثمانين ألف كتاب. وزاد عدد الصحف الإلكترونية من 49 ألفاً إلى 87 ألف صحيفة، وتم شراء النسخ الإلكترونية من الصحف الأجنبية، بعدما كانت متوافرة على ميكروفيلم.

وتحدثت سوزان بيري عن الاحتمالات المتاحة أمام الأكاديميين للتعاون في ما بينهم، فقالت إنها بدأت عملها في قريتها الصغيرة في ولاية مساتشوتس الأميركية، ويبلغ عدد سكانها ستة عشر ألف شخص، فأخذت تتعرف إلى مكتبة المدرسة، ثم مكتبة الجامعة، ثم المكتبة العامة في القرية نفسها، ووجدت أن لديها صلات الكترونية مع مكتبات الولاية، وأنها قادرة على الوصول إلى الكتب والصحف، تماماً مثل سكان المدن الكبرى.

هنا، أكدت بيري ضرورة التشبيك الاجتماعي، بالإضافة إلى المهارات الفنية التي يمكن الوصول إليها عبر ورش العمل أو مساعدة زملاء لنا.. أو مع التشديد: الاستعانة بخبراء تكنولوجيا المعلومات.

وعرضت صوراً الكترونية عبر الشاشة لمواقع مكتبات في كارولينا، وفيها مركز تعلم استثنائي، وقاعات قراءة مميزة، وأمكنة مكتظة دائما بالطلاب، كما فيها زوايا صغيرة يحبها الطلاب كثيرا. وقالت إذا كنا بحاجة إلى تلك المعلومات فإننا بحاجة إلى خبراء تكنولوجيا المعلومات للوصول إليها، مضيفة: نحن في عالم نحتاج فيه إلى التواصل بطريقة ذكية في عالم الوسائط المتعددة، لذلك دُعي خبراء تكنولوجيا المعلومات إلى غداء، وعندما قال أحدهم: ربما يمكننا مساعدتكم، فاعتبرت ذلك إنجازا مهما، وبدأ التخطيط مع المسؤول عن تكنولوجيا المعلومات في الجامعة لوضع خارطة أو خطة، وأخيرا تم طلب الدمج بين خبراء تكنولوجيا المعلومات وبين المكتبات، وكانت تجربة مميزة.

وطرح عدد من أساتذة التوثيق في الجامعة اللبنانية، مشكلة افتقاد الطلاب المهارات التقنية وليس النظرية، فأوضحت الدكتورة دولا عيسى أن الجيل الجديد حاضر لتلقي المعلومات، لكن ما حصل هو تغيير نظام الاختصاص خلال الأربع سنوات إلى LMD ولدى الجامعة حاليا مشروع تعليم الطلاب التوثيق عبر برامج الكومبيوتر. وتوجهت الدكتورة مود اصطفان الاختصاصية في تدريس المكتبات في كلية الإعلام إلى لقمان محو قائلة: لقد بدأ تدريس اختصاص الماجستير في الكلية، ونود أن تكون أكثر ليونة في المساعدة، فأجاب محو: انه يذهب كل صيف للتدريس في الجامعات الأميركية، وربما يجب عليه التدريس في لبنان.

زينب ياغي