مصادفة الاشتباكات المسلحة في الشياح مع زيارة نائب الرئيس الإيراني لضريح عماد مغنية.. أدت إلى تدخل برّي حفاظاً على سلامة الضيف (م.ع.م.)
تحوّلت الاشتباكات الفردية المسلّحة، في الضاحية عموماً ومنطقة الشياح خصوصاً، إلى روتين شبه يومي، وسط غياب قبضة الأجهزة الأمنية، لسبب لا يتردد أكثر من مرجع أمني في قوله علانية: «القوى السياسية تمنعنا من الدخول إلى المناطق، التي تحتضن جماهيرها».
وإذا كان أهالي الشياح يتخوفون، سابقاً، من رفع الصوت، لأن مفتعلي الاشتباكات المسلّحة محسوبون على جهات سياسية ذات نفوذ، إلا أنهم اليوم باتوا يبحثون عن شتى وسائل التواصل، لمناشدة الدولة في التدخل، قبل فوات الأوان.
وفي جولة ميدانية لـ«السفير» في الشياح، أمس، بدت نداءات أبناء المنطقة، أشبه باستغاثات تتردد في الصحراء، أو في منطقة معزولة عن ما يُعرف بالدولة: «نهار أمس (أمس الأول) عشنا يوماً مرعباً، تكرر في الليل، وأضيف إلى الأيام الخوالي، في غياب أي تدخل أمني رسمي».
وأفادت شهادات شهود العيان، إلى جانب معلومات أمنـية، أن إشكالاً مسلحاً وقع بعد ظهر أمس الأول في الشياح، بين أشخاص مقرّبين من المسؤول الأمني لرئيس «حركة أمل» نبيه بري، وبين أشخاص في «حركة أمل»، سرعان ما تطوّر إلى اشتباكات مسلحة استمرت لنحو ثلاث ساعات، من دون وقوع جرحى.
وأكد مرجع أمني لـ«السفير» أن «مصادفة زيارة نائب الرئيس الإيراني ـ على رأس وفد رسمي ـ إلى ضريح الشهيد عماد مغنية في «روضة الشهيدين»، مع الاشتباكات المسلحة أدت إلى تدخل برّي لمعالجة الأمر، حفاظاً على سلامة الضيف الإيراني».
وقبل زيارة الوفد الإيراني بساعة، وفق المرجع الأمني وشهود العيان، كانت منطقة الشياح «ساحة حرب يتنقل فيها مسلحون بثياب عسكرية، يحمل كل منهم جعبة مزودة بالقنابل. وكانت البنادق مصوّبة إلى الرؤوس، في ذروة الازدحام البشري، الذي سرعان ما ذاب واختفى من الطرق».
وأشار مصدر أمني إلى أن «السفارة الإيرانية كانت في صدد إلغاء الزيارة، عندما تعذر فض الاشتباكات في محيط الضريح، مما يدلّ على مستوى الاشتباكات الخطرة التي وقعت».
لكن بعد مغادرة الوفد، تنفس المسلحون الصعداء، وعادوا إلى ساحة الاشتباكات، التي استمرت حتى التاسعة ليلاً تقريباً، من دون وقوع جرحى. وفيما لم تتوافر معلومات موثقة حول سبب الإشكال، فقد أفاد مصدر أمني أن السبب «يعود إلى خلافات شخصية، بعد توسّع نفوذ مجموعات، على حساب مجموعات أخرى، في الشياح».
وبدا واضحاً، في جولة «السفير» أمس، أن أبناء المنطقة يعانون من «نظرية المؤامرة»، إذ اجمعوا على أن ثمة اتفاقاً ضمنياً بين المتنفذين في المنطقة، يقضي في «تصنيف كل شخص يحاول التصريح لوسائل الإعلام، عن المعاناة الأمنية التي يواجهونها، في خانة العمالة لإسرائيل، لأنه يصوّب السهام على ضاحية المقاومة!».
وإذا كانت العدسة المكبّرة، لأبناء الضاحية، تركز على الشياح لأن الاشتباكات المسلحة أضحت نوعاً من الروتين، إلا أن استخدام الأسلحة في الخلافات الفردية آخذ في التطور، في مناطق أخرى في الضاحية، لكن «في وتيرة أخفّ».
فقد شهدت منطقة حيّ السلّم، قبل ثلاثة أيام، اشتباكات مسلحة بين أشخاص من آل ع. وآخرين من آل ش.، أدت إلى إصابة كل من ح.ب.ع. (مواليد 1975)، وب.ح.ش. (مواليد 1982)، بجروح بليغة.
وأفاد شهود عيان يقطنون في المنطقة، أن القوى الأمنية «تدخلت بعد مرور نحو ثلاث ساعات، عندما تأكدت أن الاشتباكات قد انقطعت»، لافتين الانتباه إلى أن «الأهالي والأطفال أصيبوا بنوبات ذعر، وتخيلنا أننا نعيش في ساحة حرب عصابات».
وأشار مرجع أمني إلى أن «القوى الأمنية لن تخاطر مرة ثانية بتكرار حادثة مارمخايل، ونحن نتجنّب الاحتكاك في حالات مماثلة، خشية من تحوّل القوى الأمنية إلى طرف في الاشتباكات»، مطالباً «القوى السياسية في منحنا الغطاء السياسي، كي تعود هيبة الدولة... قبل خروج الأمور عن سيطرتها».
تعليقات: