محمد سليم العلايلي
كان اللبناني محمد سليم العلايلي، ابن الخامسة والعشرين عاماً، عائداً إلى منزله في مدينة «6 أكتوبر»، ليل الخميس الماضي، عندما صادف حاجزاً أمنياً للشرطة المصرية.
تربط محمد سليم صداقة متينة بالضباط المسؤولين عن الحاجز، وضباط آخرين. فهو حفيد شهيد الصحافة اللبنانية سليم اللوزي، وابن الزميل وليد العلايلي، مدير مكتب مجلة «الأفكار» اللبنانية في مصر.
دعاه المسؤولون عن الحاجز للانضمام إليهم. ترجل الشاب من سيارته الرباعية الدفع، ووقف إلى جانبهم. وفيما كانوا يتجاذبون أطراف الحديث، تمكنت سيارة حديثة الطراز بيضاء اللون، من تخطّي الحاجز، بعدما اصطدمت بأحد الضباط.
استقلّت مجموعة أمنية من الحاجز سيارته، وقاد هو بسرعة لمطاردة السيارة الهاربة. ولمّا وصلوا إلى محاذاة السيارة المُطاردة، محاولين توقيفها، شهر شابان رشاشيّن، وسددا طلقات نارية في اتجاه السيارة وإطاراتها.
وبينما كان يحاول فرض سيطرته على السيارة، سدّد مطلقا النار دفعة ثالثة من الرصاص، اخترقت جسده، في المقتل. استقرّت السيارة في القرب من رصيف الشارع.
وسط تدفق الدماء المسرعة، أوقف عناصر المجموعة الأمنية المصرية سيارة «تاكسي»، حاملين محمد سليم إلى «مستشفى دار الفؤاد».
بعد مرور نصف ساعة، وبينما كان الشاب قابعاً في غرفة الطوارئ، تم إبلاغ الأب بالنبأ: «ابنك محمد سليم في الطوارئ، وثمة صعوبة للحصول على دمّ يتطابق مع فئة دمه (+AB)».
كانت الرصاصات قد أصابت رئتي محمد سليم، وفق نتيجة تشريح الجثة، ما سبّب نزفاً خطراً. استنفر الأب والأقرباء والأصدقاء، باحثين في كل مكان استطاعوا إليه سبيلاً، عن دماء تحمل فئة الشاب ذاتها.
بعد مرور أكثر من ساعتين تقريباً، بحثاً عن فئة الدم النادرة، توقف قلب محمد سليم عن ضخ الدماء. وفي الليلة ذاتها، وسط صدمة خبر الموت، نقل الأب جثمان ابنه من مصر، إلى مسقط رأسه في صيدا.
يحاول الأب، في حديثه مع «السفير»، عدم الانحياز في تحديد موقفه من الجريمة، متحدثاً بأسلوب صحافي: «أفاد الضباط، في محضر التحقيق، أن محمد سليم هو من طلب منهم أن يستقلوا سيارته. ربما تكون إفادتهم صحيحة، لأن ابني شاب شجاع وصاحب نخوة، وربما تكون إفاداتهم غير صحيحة».
لكن، في الحالين، وفق الأب، لم يكن «منطقياً أن يطلب العسكر، من شخص مدني، أن يستقلوا سيارته في مطاردة. وليس معقولاً، في الوقت ذاته، أن يوافقوا على طلب شخص مدني، في المساعدة بمهمة أمنية. وفي حال طلبوا منه السيارة، يتعين أن يمنعوه من مرافقتهم، حتى لو طلب هو ذلك».
مع ذلك، لا يريد والد محمد سليم إلقاء اللوم على الضبّاط. هو يريد أن يرى اسم ابنه في الشارع الذي قُتل فيه، تخليداً لذكراه. هو يريد للشارع، الذي حمل الدماء ذات ليلة، أن يحمل اسم الابن الذي كان يستعد للتخرج من الجامعة، بعد أيام.
تعليقات: