حفلات التكريم المتكررة ظاهرة فاقعة تستدعي التساؤل عن المكاسب

تكريم من جامعة الحكمة منح للدكتور رياض سلامة تقديراً لانجازاته.
تكريم من جامعة الحكمة منح للدكتور رياض سلامة تقديراً لانجازاته.


موضة فاقعة هي حفلات التكريم، التي لا توفّر أحدا من سياسيين وإعلاميين وأدباء، وغيرهم ممن يستحقون أو لا يستحقون... فترى الجامعات والجمعيات والبلديات والمؤسسات والنوادي ان حفلات التكريم تشكّل "محوراً" أساسياً لنشاطاتها، فلا نعود معها نعرف من يكرّم من.

نقد هذه الحال الذي يصحّ وصفها بـ"ظاهرة فاقعة" في مجتمعنا، يأتي من باب حصد أرباح مالية أو معنوية للجهة المكرِّمة أو المكرَّم، مع الإشارة إلى أن لقاءنا مع الجهات المذكورة في هذا التحقيق لا يأتي من باب انتقادها، إنما للتعرّف إلى المعايير المعتمدة منها في اختيار المكرّمين وكلفة الحفلات والدروع.

جامعات

يؤكد المستشار الإعلامي لجامعة الحكمة ومدارسها جورج سعد أن الجامعة والمدرسة "لا تكرّمان سوى قدامى تلامذتها أو طلابها الذين احتلوا مراكز أو حققوا إنجازات مهمّة. التكريم الوحيد خارج هذا الإطار كان لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي منحناه دكتوراه فخريّة".

حصرت رئيسة الجامعة الأميركية للعلوم والتكتولوجيا في الأشرفية هيام صقر معيار اختيار المكرّمين بـ"النبوغ"، "إذ نريد أن نثبت للعالم أن لبنان ليس بقعة جغرافية محدودة إنما هو منتشر في العالم عبر نبوغ أبنائه. إن مرور طلابنا بالتماثيل الموضوعة في باحة الجامعة سيجعلهم يفتخرون بأصولهم". وأوضحت أن الجامعة كرّمت كلاً من "جبران خليل جبران، ومايكل دبغي، وسعيد عقل وغسان تويني، وقد أقمنا احتفالا تكريميا لكلّ من هؤلاء ووضعنا له تمثالا في حديقة "النبوغ اللبناني" في الجامعة. ونخطط لتكريم 6 شخصيات إضافية في السنوات المقبلة، منها حسن كامل الصبّاح والأخوان رحباني وشارل مالك". ولفتت إلى أن الجامعة كرّمت كذلك "مخائيل نعيمة ضمن لقاء مع مستشرقة روسية حدّثتنا عن مرحلة من حياته قضاها في روسيا". والكلفة المادية للتكريم، وفق صقر، "ليست قليلة، مع العلم أن من نكرّمهم أسمى من التكاليف. يفوق التكريم أحيانا الـ50 ألف دولار بالنسبة للتماثيل، وقد صممنا لبعض الشخصيات تمثالين، الأول وضعناه في الحديقة والثاني في مسقط رأسهم"، مؤكدة أن هدف التكريم "تربوي وأكاديمي وليس لأي غاية أخرى".

بدورها لفتت مديرة العلاقات العامة في جامعة بيروت العربية زينة العريس إلى أن "الجامعة لا تنظم حفلات التكريم بكثرة، فقد أقمنا هذه السنة استثنائيا تكريما لإعلاميين بارزين ولصحف يومية بارزة لبنانية وعربية. كرّمنا تحديدا الصحف التي نتواصل معها، والتي تهتم بنشر بحوث علمية أو مقابلات مع تلامذة قاموا بإنجاز علمي".

وأكدت أن الجامعة تعتمد على ثلاثة معايير في التكريم "أولا قيمة الشخص، وتأثيره في المجتمع والعلاقات والتعاون القائم بيننا". وأوضحت "أن عمر الجامعة هو 52 عاما، كرّمنا خلالها مرتين الإعلاميين، وأحيانا نقوم بتكريم شخصيات عبر منحها دكتوراه فخرية. حفل التكريم كان عبارة عن درع قدمناها للمؤسسات الصحافية وعشاء، ونحن لم نحمّل الطالب الكلفة بل تولت الإدارة دفع التكاليف".

وأوضحت "اننا لا نستخدم التكريم من الناحية التجارية أو الاستهلاكية، إنما كلمة شكر لمن ساهم في دفع المجتمع الى الأمام". أما اختيار المكرّمين فيتم عبر لجنة تضمّ "رئيس الجامعة والأمين العام وبعض المختصين الذين يضعون معايير الإختيار".

مؤسسات

أكّدت مسؤولة التسويق في "مبادرة تكريم" رومي شاهين أن "تكريم" تكرّم المبدعين العرب غير المعروفين وتسلّط الضوء على انجازاتهم ضمن عشر فئات هي: تعزيز السلام، والأعمال الخيرية والخدمات الإنسانية في المجتمع، وامرأة العام العربية، والمساهمة الدولية الإستثنائية في المجتمع العربي، والإبتكار في مجال التعليم، والمبادرين الشباب، والتنمية البيئية المستدامة، والإنجاز العلمي والتكنولوجي، والإنجاز الثقافي والقيادة البارزة في الأعمال. الهدف من التكريم هو "إعطاء صورة إيجابية عن العرب، وتنوير الشباب، مع منحهم الأمل بالغد".

حتى الآن نظمت المؤسسة حفلين، الأول في لبنان والثاني في قطر، "وسيجول الحفل في كلّ العواصم العربية". لكل فئة لائحة معايير خاصة بها وتتوقف عند نقاط إبداعية وإنسانية في مسيرة المكرّم. وعن عملية الإختيار أوضحت "اننا لا نملك الكفاءة لنقرّر ما إذا كان الشخص مؤهلا لأن يكرّم أم لا. لذا ألّفنا لكل فئة لجنة خاصة من متخصصين يدرسون الملفّات. تختار اللجنة ثلاثة أسماء للتصفيات وهذه تعرض أمام لجنة أخيرة مؤلّفة من أشخاص لا يزجّون بأسماءهم إلا في مبادرات رصينة، كالملكة نور الحسين والأخضر الإبراهيمي ومحمد البرادعي وحنان عشراوي وكارلوس غصن وغيرهم. مع الإشارة إلى أن كثراً يحاولون دفع المال للانضمام إلى اللجنة لكننا نرفض".

أما عن التمويل فقالت: "لدينا رعاة، شركات إقليمية أو عالمية تكون أهدافها متطابقة مع أهدافنا. فإحدى الشركات كانت تهتم العام الماضي بجائزة المرأة، وقد عملت مع الفائزة وأرسلتها إلى مؤتمرات ونشاطات، وهذا يساعد المكرّم في دعم مشروعه اذ قد تتبناه مؤسسة معينة فيفيد محيطه أكثر".

بدوره أوضح فريد الدكّان مؤسس "مؤسسة فريد الدكّان للدراسات والبحوث القانونية" أنه أنشأ المؤسسة إلى جانب مركز طبي بناء لطلب والدته "بعدما توفي أخي رامي الدكّان ضحيّة حادث سير على أوتوستراد جونيه بسبب عدم وجود جسر للمشاة أو إنارة، وهدفنا من ذلك تحويل مأساتنا الشخصية حملة توعية إنسانية". وتهدف المؤسسة إلى "تحقيق التثقيف الذهني للأفراد في مختلف المجالات القانونية لمعرفة الحد الأدنى من حقوقهم وواجباتهم تجاه الدولة. كما نعمل على تطوير قانون سير عصري وحضاري". خلال سنة وشهرين من تأسيسها، كرّمت المؤسسة 25 شخصية، أبرزهم البطريرك نصر الله بطرس صفير، نايلة تويني، مارسيل غانم، رباب الصدر، زياد بارود، ابرهيم نجار وغيرهم. وفي جوابه عن الفائدة التي تعود بها هذه التكريمات على قضية رامي الدكان قال: "تكريمهم يدعم المؤسسة فكريا وثقافيا وإجتماعيا، فبتكريمهم نبني دعائم للمؤسسة حتى نفيد من خبراتهم".

تعليقات: