أحلى ما في فاكهة العناب أن شجراته لا تحتاج لكثير عناية، إذ يمكن زراعتها في مختلف أنواع التربة. ثمة ميزة أخرى أنه لا يصاب بالامراض كغيره من
لم تتطور زراعة فاكهة العناب كفاية في لبنان. لا يزال حضورها خجولاً، وإن كانت مطلوبة ومحببة لدى المستهلكين هنا. ولهذا ينصح الاختصاصيون بتوسيع المساحات المزروعة بها بسبب ميزاتها الكثيرة وأمراضها القليلة وفائدتها الطبية
تكاد لا تخلو حديقة منزليّة من أشجار العناب، ولو بأعداد قليلة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، لكن، مع ذلك لم تتطور زراعتها خارج تلك الحدائق، وبقيت معزولة ومهمشة، رغم أنها «محببة لدى المستهلكين اللبنانيين، ورغم أيضاً كثرة الطلب عليها، الذي يصل في بعض الأحيان إلى مستويات مذهلة»، بحسب ما تشير إحدى الدراسات التي أعدتها مجموعة من الاختصاصيين في مجال التنمية الاقتصادية.
هذه الفاكهة التي عرفها الصينيون أولاً وكتبوا فيها القصائد الشعرية لم تأخذ «الصيت اللازم في لبنان»، يقول ابراهيم الترشيشي، وهو صاحب مشتل لبيع نصوب العناب في شتورا. ينتقل الترشيشي للحديث عن أنواع العناب ومميزاته، فيشير إلى أن «هناك نوعين: الأول برّي معروف وتتناقله أيدي المزارعين من جيل إلى آخر منذ آلاف السنين، وذلك من خلال قلع أغصان صغيرة تفرّخ حول جذوع الأشجار القديمة، ومن ثم غرسها في التربة لتنمو على نحو طبيعي من دون الحاجة إلى تطعيمها مجدداً، وقد يصل ارتفاع أشجارها عند اكتمال نموّها إلى ما بين 8 و10 أمتار، على أن يجري تشحيلها سنوياً للحدّ من ارتفاعها، والحفاظ عل جودة إنتاجها الذي يراوح في الموسم الواحد ما بين 30 و 40 كلغ». ويضيف «ثمار هذا الصنف تشبه حبات الزيتون من حيث الحجم واللون». أما النوع الثاني، فهو «المهجّن الذي يستورد من الخارج، وتشبه حباته ثمار البلح أو الإجاص من حيث الحجم واللون أيضاً، لكنه خال من الأشواك المسننة الموجودة في شجرات النوع الأول». ويكمل ناصيف أبو رحال، صاحب أحد بساتين العناب، شرح الفارق بين العناب البري والأجنبي، فيقول إن «جذور الأول تمتد تحت الأرض بكثافة وتؤثر سلباً في غيرها من جذوع الأشجار المثمرة، فيما لا توجد هذه المشكلة مع النوع الأجنبي». ويلفت إلى «ضرورة جني الثمار في فترة نضجها، تجنباً لفسادها عند الجفاف». تقنياً، يوضح المهندس الزراعي جاد منصور، أن شجرة العناب «قوية الجذور والأغصان، ولا تفتك بها الأمراض والآفات، لكنها تخشى على نحو خاص من ازدياد الرطوبة، لأنها قد تتعرض لهجمات حشرات القمل أحياناً وتترك عليها آثار وخز، كما أنها تبقى عرضة للعصافير التي تعشق طعمها اللذيذ». أما ميزاتها، فهي أنها «لا تحتاج إلى كثير من العناية، ويمكن زراعتها في مختلف أنواع التربة في مواقع بعيدة عن الظلّ»، يضيف منصور ناصحاً بزرع هذه الفاكهة «في الأراضي البعل والمناطق الجرديّة».
أما عن إنتاجها، فتبدأ به «من السنة الرابعة وتدخل مرحلة الإنتاج الفعلي بحلول السنة العاشرة، بحيث يصل محصول الواحدة منها إلى حدود 20 كلغ، ليرتفع تدريجياً وفقاً لنجاح نموها والطبيعة المناخيّة التي تعيش فيها»، يتابع منصور.
من جهة أخرى، تلحظ دراسة الاختصاصيين أن تطوير هذه الزراعة يحتاج إلى عدة عوامل، منها «الريّ في الأوقات المناسبة وتنويع الأصناف على نحو يتناسب مع حاجة المستهلك وترويج المنتج في أكبر عدد ممكن من نقاط البيع، وتصنيع بعض المنتجات منها، إضافة إلى التوزيع مباشرة من قبل المزارع وتقليص عدد الوسطاء». وتطرقت الدراسة إلى العمل على «ترغيب» الناس فيها «كأن يقوم المزارع بتخصيص عبوات صغيرة من عصير العناب، وبتوزيعها مجاناً في المتاجر الكبرى في المدن، حيث أصبحت هذه الفاكهة منسيّة». وتخلص الدراسة إلى أن الهدف الأساسي من كل ذلك هو العمل على إدخال زراعة جديدة في التركيبة الزراعيّة اللبنانيّة.
وللإنسان نصيبه من فوائد فاكهة العناب، إذ يجمع خبراء التغذية على أنها غنيّة بفيتامينات «إي» و«سي»، وتحتوي على مادة نيترو ستيلبين التي تساعد على معالجة الكولسترول، كما تعمل على خفض نسبة الدهون الثلاثيّة بالدم. ويمكن استخدام مكونات العناب أيضاً لمكافحة السعال والربو والجدري والحصبة والقروح المعوية والدمامل والبثور ووجع الكليتين والمثانة ووجع الصدر وطرد البلغم من الجهاز التنفسي، إضافة إلى أنها تخفف من أوجاع الرأس ومرض الشقيقة. هذا فضلاً عن أنها تؤكل طازجة ومجففة، وتدخل في عالم صناعة الحلويات وإعداد عصير الفاكهة.
يذكر أن العناب عرفه الصينيون منذ 2500 سنة على الأقل، وأدخلوا ثماره في صناعة الأدوية الطبيّة، وورد ذكره في قصائدهم الشعريّة. أما تاريخياً، فتتحدث الكتب الدينيّة عن أن الجنود الرومان صنعوا من أغصانه تاجاً من الشوك، ووضعوه على رأس السيد المسيح يوم سار على درب الجلجلة.
تعليقات: