كمواطنة، «كلام الناس» مَرّ على أعصابي.
خُصصت الحلقة الأخيرة من «كلام الناس» لمناقشة خلفيات وتداعيات جريمة اغتيال المغدورين زياد غندور وزياد قبلان. انه الحدث الدموي البشع في اكثر اللحظات السياسية احتقاناً التي يمر بها البلد. ومع ذلك لم يألُ المقدم مارسيل غانم جهداً في اعتماد اسلوب حواري رفع منسوب الاحتقان، عبر الاصرار على سؤال حول تسييس الجريمة، وتوجيه اصابع الاتهام الى حزب او فريق سياسي معين في لحظة غليان كبرى.
وإذا كان يحق لغانم ان يطرح السؤال، من باب مهني، لكن المبالغة هي ان ينسج على المنوال ذاته طوال الحلقة.
وللمرة الاولى، ولإحساسهــم بالخطر ربما، توحدت مواقف السياسيين المتحاربين منــذ فــترة على جبهات وسائل الاعلام. فتحدث هاتفياً بعض المسـؤولين من موالين ومعارضين ساعين الى التهدئة، والى اعتبار الجريمة فردية وليست سياسية لحين يقول القضاء كلمته. لكن غانم كان يصر على طــروحات تصــعيدية. ولا نبالغ اذا قلنا ان بعض اسئلتــه كان يجـلدنا كمواطنين، الى ان بتنا نشعر بالتهديد حتى ونحن داخل منازلنا.
«هل تخشون من ان يهجم مشيعو المغدورين على الضاحية الجنوبية؟»، سؤال طرحه غانم على النائب حسن فضل الله من كتلة الوفاء للمقاومة. وهو ينطوي على تهمة مبطنة بأن الفاعلين هم من اهالي الضاحية! فكيف يتورط في مثل هذا الافتراض؟
من جهتــه، وفي سيــاق آخر، اكد فضل الله ضــرورة الالتزام بالمســؤولية الوطـنية من قبل السياسيين والاعلاميين على حد ســواء، حاملاً في ذلــك رسـالة مبطنة الى غانـم. لكن الاخير مضى في اسلوبه الذي أحسســناه يصب الزيت على الـنار، طالباً منه الرد على النائب وائل ابو فاعــور (14 آذار) الذي اتهم الفــريق الآخر بإشاعة الاجــواء الراهنة. وقد قفز غانم بذلك عن كلام رئيس كتلته النائب وليد جنبلاط نفسه الداعي للتهـدئة وامتصاص الفتنة.
«هل هناك غضــب الآن في بيروت، او اجواء غضب وفتنة.. ودعــوات للثأر؟»، سؤال آخر طرحه غانم على الوزير حسن السبع. فكرة السؤال مشــروعة، لكن كان بالامكان اعتمـاد اسلوب اكثر إيجابية من مثل «هل اجواء بيروت هادئة ام متوترة؟». كما انه استلهم من قرار اقفال المدارس والجامعات من اجل الحداد سؤالا «هل تخشون عودة التوتر بين صفوف الطلاب في الجامعات»؟.
بدا واضحاً التناقض الذي وقع به مقدم البرنامج، عندما قرر عدم تلقي اتصالات هاتفية من المشاهدين، وذلك كما قال «لعدم تفجير الاحتقان عبر الشاشة»، وهذا امر يسجل له. لكنه في المقابل عوّض بنفسه غياب تلك الاتصالات. أليس الاجدر بأن ما سرى على المشاهدين كان يجب ان ينسحب عليه، وان ما طلبه منهم كان يجب ان يبادر هو الى تطبيقه؟
لا احد ينكر على غانم استخدامه للادوات المهنية، وحقه في المساجلة، لكن ألا يفترض في اكثر اوضاع البلد حراجة وسخونة، اعتماد التوازن بين الاصول المهنية والمسؤولية الوطنية؟
مارسيل غانم.. غلطة الشاطر بألف!
تعليقات: