قصة حقيقية على غرار الأساطير
قبل سنتين كان أحد شباب بنت جبيل أحضر فرع شجرة صنوبر كبير، (فند) له عدة فروع تتشعب منها (أغصان صغيرة)، وخطرت له خاطرة:
أن يكتب أسماء شهداء مدينته على ُمدورات خشبية، ويثبتها على تلك الأغصان، فتزيدها بهاءاً، وكان ذلك.
وكان كلما ارتفع شهيد، كان اسمه يُضاف على لوحة تتدلى من الأغصان، التي ُسميت _فيما بعد_: شجرة شهداء مدينة بنت جبيل، وكانت "الشجرة" قد ُطليت بطلاء بنيٍ داكن، يحاكي لون تراب بنت جبيل الندي بدماء شهدائها، وكان طلاء آخر عازل للحرارة، حيث كانت ُتنقل (الشجرة) من مكان لآخر خلال الاحتفالات والمناسات، التي ما برحت تصخب بها بنت جبيل منذ نصر آيار عام 2000م، وبعدها كانت تعود الشجرة لموقعها الطبيعي في قاعة الشهداء، المحاذية لمربع التحرير والصمود ..
كثيراً ما تكررت رحلات الشجرة، وكثيراً ما كنا نخاف عليها من أعين الحساد، وكثيراً ما كنا نلجأ إليها كي تعرج أرواحنا لملكوت الشهداء،
وكثيراً ما كنا نحتقر أسماءنا أمام أنوار أسمائهم، وكثيراً ما كنا نتعلم الدروس الصعبة في العودة إلى الذات منها؛ ونحن نستحضر هاماتهم الباسقة التي تستظل بها أعلى النخلات، إلى أن جاء وعد الله الصادق، ونصر الله عبده.
وكانت حرب تموز، فأضيف للشجرة أسماء شهداء وعد الله، ليصبح مجموع الشهداء المثبتة أسمائهم عليها:
(43 شهيد)، ومساء السبت الماضي ( 28/7/2007) قبل المهرجان الذي تحدث به سيد المقاومة من بنت جبيل، بينما كنا نجلس في قاعة الشهداء منتظرين خطاب سماحته مع الشاعر عمر الفرا ، وأعزاء آخرين، حيث لفتت نظره (الشاعر عمر الفرا) تلك الشجرة، فسأل عنها مستفسراً متعجباً..؟ ، فقام الحاج سليم بزي وشرح له قصتها التي لم يكن أحداً ليتوقع أنها ستشهد معجزة أيضاً.
ما حدث عصر يوم أمس الأربعاء الواقع فيه
1/8/2007 كان شبه معجزة..
إذ دخل أحد الشباب لإحضار غرض من القاعة (التي عادةً ما تكون مغلقة باستثناء المناسبات)، ليجد أن الشجرة، (الغصن المقطوع منذ سنتين) قد أورقت، ونبتت عليها غصون خضراء غضّة، والعجيب أن عدد الأوراق كان 43 ورقة بعدد الشهداء المعلق أسمائهم عليها !
والأعجب: أن الجذع الأساس انفسخ طولياً، وبدأت تترشح منه رائحة أذكى من المسك تعبق بالمكان!.
ومنذ أن ذاع النبأ؛ والمكان استحال مزاراً، يؤمه الصغير والكبير، يعج بعوائل الشهداء، وبالصحافة العربية والأجنبية، والبشر من كل حدب وصوب، ومن كل الطوائف والمشارب.
أمواج بشرية تتدفق الآن إلى بنت جبيل عاصمة المقاومة والتحرير، والكثير قد حجز قادماً من أمريكا، وأستراليا، وكندا، وأفريقيا، ودول الخليج، وغيرها من الدول.
بنت جبيل الآن أضافت إلى أسمائها المألوفة: .. "عاصمة المقاومة والتحرير، أم الشهداء، مدينة الثوار"، ..
أضافت بجدارة اسماً جديداً: عاصمة المعجزات الإلهية.
طوبى لبنت جبيل بشهدائها، وكراماتها، ومقاوميها، وطوبى لمن كان له قلب، واعتبر.
والحمد لله الذي نصر عبده.
تعليقات: