في العمق

ارض فلسطين سُلبت بتغطية غربية وبتغطية حكام عرب يتآمر بعضهم على بعضهم في السر وفي العلن في كل الأزمنة
ارض فلسطين سُلبت بتغطية غربية وبتغطية حكام عرب يتآمر بعضهم على بعضهم في السر وفي العلن في كل الأزمنة


محظوظون نحن أبناء كوكب الارض، المدرسة والأم التي تحملنا وبها نبض وعي يبث من مناطق خاصة فوق وجهها الجميل، فاتحاً للانسان آفاق وعي جديدة تسير به الى تطور فهم الغاية من الوجود. هناك نقاط قديمة تعود الى عشرات آلاف السنين قبل ظهور الاديان الحديثة، تبث موجات من الارض ومن كواكب اخرى تتواصل معها في سبيل تفتح وعي الانسان. من هذه النقاط الباثة: مركز الاهرامات المصرية منذ ما قبل بناء الاهرامات الباقية الى يومنا بآلاف السنين، ومركز في مكة قبل ظهور الاسلام ايضا بآلاف السنين، ومركز في مدينة بعلبك قبل اشادة القلعة الرومانية بآلاف السنين، ومركز في التيبت وآخر في المكسيك منذ ما قبل حضارة المايا وحضارة الانكا، ومراكز في اميركا الجنوبية منها في البيرو.

هذي الارض التي حضنت اجيالا انسانية يتفتح فهمها ببطء جيلا بعد جيل، وشهدت على قيام حضارات عظيمة ثم على زوالها، تشهد اليوم على سقوط مدو للقيم الانسانية وسط انقسام وتفكك داخل المجتمعات البشرية على رغم نهضة علمية تكنولوجية هائلة تخطت حدود الزمان والمكان. ومجتمعاتنا العربية في عين السقوط مذ اغتصب جزءاً من ارضنا شعب يهودي سلب ارض فلسطين بتغطية غربية وبتغطية حكام عرب يتآمر بعضهم على بعضهم في السر وفي العلن في كل الأزمنة، الا ان تآمرهم اليوم بلغ أوجه بعد انتفاضات "ربيعية" عادت بالشعوب مئات سنين الى الوراء. وهذا لا يعني انها كانت بحال افضل قبل، بل انها بلغت قلب عصر انحطاط يحكمه الجهل الممثل بانهيارات اقتصادية، اجتماعية، اعلامية واخلاقية، وبات الكذب ملك الاتصالات والتواصل، وصار التضليل المنظم سياسة تتبعها الدول العربية الغارقة في الثراء النفطي، ملبية أوامر غرب ينهار بدوره، مصدرة الجهل والصراع المذهبي الارهابي القاتل الى حيث يراد الدمار والخراب كي تظل اسرائيل بأمان، لا تعرف هي ولا غرب يحميها ولا عرب يسيرون في فلكهما كم ان هذا الامان الكاذب هش، فهناك بُعد "الحق" في مسيرة الحياة فوق كوكبنا الجميل.

ومن لبنان نسمع اليوم صوتين ينبضان ببعد "الحق": صوت البطريرك بشارة الراعي وصوت السيد حسن نصرالله. فقد أشار البطريرك في تجواله الرعائي الاغترابي الى ضرورة تخطي كل ما يفرق بيننا حتى لا نتفكك الى زوال لو تابعنا نهجنا السياسي الكيدي المتخلف، داعيا الى قيام دولة مدنية تمتص سموم المذهبية التي أكلت ماضينا وتأكل حاضرنا فلا يعود يضمنا مستقبل واحد. ودعا السيد حسن نصرالله الى انتخاب مؤتمر تأسيسي وطني، ممثلا كل فئات الشعب، تعطى له مهلة وضع برنامج بناء جديد لدولة حديثة بأبعاد مستقبلية، فلا يظل أهل السياسة عندنا "مياومين".

سياسيونا المياومون التابعون ارشاد غرب متآمر وارشاد "عرب" متخلف، سبق لهم ان ورطوا الشعب في حرب أهلية، مذهبية اطاحت كل شيء، وظلوا أمراءها الاثرياء، بينما يزدهر الفقر خارج اماراتهم. الا اننا ندرك تماما، ان ما الحياة لعبة غبية تتكرر ببلادة، ولا الشعب لعبة في أيدي زعماء نائمين في عسل دولة افتراضية، فلا بد من ان يستجيب انساننا اليوم لنداء نبض وعي جديد، لا بد!

تعليقات: