الجنوب بلا مغتربين هذا الصيف




لا أثر للمغتربين الجنوبيين حتى الآن في قراهم وبلداتهم، ولا أثر لسياراتهم وعجقتهم التي تملأ، كالعادة، الشوارع والمطاعم والمتنزهات القليلة. إنها الأوضاع الأمنية في لبنان وسوريا، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية التي يعانيها معظم المغتربين في بلاد الاغتراب التي أخّرت المغتربين عن زيارة وطنهم الأم. في بنت جبيل، حيث يزيد عدد المغتربين على ثلاثين ألف نسمة، لم يصل أحد بعد. هذا ما يلفت إليه أحد أبناء البلدة، علي بيضون، مرجحاً أن يكون السبب هو «الأوضاع الاقتصادية الخانقة في الخارج، فالمهاجرون إلى أميركا وأوستراليا، لم يصل منهم أحد حتى الآن بسبب الكلفة المالية الباهظة للعودة، بالإضافة طبعاً إلى ظروف البلد غير المشجّعة». بناءً عليه، «لن تشهد بنت جبيل حركة تجارية أو اقتصادية صيفاً، حتى إن القلة التي ستعود منهم، ستفعل ذلك لأسباب ضرورية، غير سياحية. وهؤلاء عادة لا يقيمون في بنت جبيل بل يمضون فرصتهم في بيروت» يتابع بيضون.

أما المغتربون المقيمون في الخليج العربي، فقد حُرموا العودة برّاً إلى قراهم، كما كان يفعل معظمهم، ولا سيما الشبان الذين يفضّلون التنقل بسياراتهم إلى لبنان. يقول وائل ترمس، من بلدة طلوسة (قضاء مرجعيون): «كان المغتربون يفضلون العودة برّاً في الصيف، فيجمعون عائلاتهم في سياراتهم الحديثة ويعبرون طريق السعودية إلى سوريا ثم لبنان، موفّرين بذلك كلفة الانتقال بالطائرات، فلا يضطرون إلى استئجار السيارات، لكن الأوضاع في سوريا حرمتهم العودة، وبالتالي سيضطرّ معظمهم إلى عدم الاصطياف في لبنان، نظراً إلى الأوضاع المالية الصعبة». ترمس يرى بدروه أن «من سيأتي منهم، سيكون من رجال الأعمال الأغنياء أو مضطراً لذلك، لكن من دون أسرته».

يوافق قاسم تميم، من بلدة شقرا (قضاء بنت جبيل) على القول إن عدم قدرة المغتربين في دول الخليج على العودة إلى لبنان برّاً ستؤثر؛ «لأن معظم مغتربي شقرا والقرى المجاورة مقيمون في الخليج العربي ولا سيما دولة الكويت، وأوضاعهم المادية متوسطة، وهم اعتادوا العودة برّاً، وكما نرى لم يأت أحد منهم حتى الآن بسبب الأوضاع في سوريا»، لافتاً إلى أن «العودة في الطائرة أمر مكلف، وسيضطر العائدون إلى استئجار السيارات هنا بعدما كانوا يملأون البلدة بسياراتهم الكويتية». هذا الواقع شجّع العديد من أبناء المنطقة على افتتاح مكاتب لتأجير السيارات، مستغلين الحاجة إليها هذا العام.

ويتوقع محمد سويدان، من بلدة دير سريان، انعكاس عدم عودة المغتربين على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، «يكفي أن عدداً من المغتربين القليلين العائدين هم من الذين استُغني عن خدماتهم في دولة الإمارات بسبب انتمائهم المذهبي، فقد اعتدنا كل عام أن نشهد حركة اقتصادية في البلدة كما نشهد أعراساً كثيرة لشباب الاغتراب الذين يقصدون القرى للزواج من بناتها، وهذا سيتضاءل كثيراً؛ لأن المغتربين لم يأتوا حتى الآن إلى المنطقة». ويرى سويدان أن «عدم مجيء المغتربين في شهر حزيران، يعني أنهم لن يأتوا في الصيف؛ لأن معظمهم يفضل صيام شهر رمضان في بلاد الاغتراب، وهم كانوا يأتون قبل شهر أو أكثر من شهر الصوم للعودة خلاله إلى الدول التي يعيشون فيها».


تعليقات: