كفرشوبا ترتوي من خزانات مياه الأمطار: مواطنة تؤمن مياه الشفة من بئر قديمة في كفرشوبا
تفاقمت بشكل قاس أزمة مياه الشفة في بلدة كفرشوبا، بعد انقطاع متواصل دخل شهره الثاني، جعل «الأهالي يكفرون بالوضع الشاذ في ظل التجاهل الرسمي»، بحيث يتجه القسم الأعظم منهم لترك البلدة والنزوح مجددا للمرة الخامسة، ليس خوفا من قذائف العدو، بل بسبب تغاضي الجهات المعنية في «مؤسســة مياه لبنان الجنوبي»، وتخلي وزارة الطــاقة عن مهماتها، بعدما تقاعسوا وتخــلفوا عن معالجة الوضع الرديء المتمثل بانقطاع المياه، الذي تعانيه البلدة الصادمة والصابرة على خط الدفاع الأول. وقد بات شغل الأهــالي الشاغل تأمين المياه لمنازلهم من مصادر بعيدة، بأسعار مرتفعة للصهريج، الذي تراوحت كلــفة النقــلة الواحدة منه بين 45 و50 ألف ليرة. وهــم القابعون فوق خزانات جوفية كبيرة تؤمن للدولة العبرية، معظم حاجياتها من المياه العذبة.
«أهالي كفرشوبا ضاقوا ذرعا من أزمة مياه خانقة وغير مبررة، تتكرر عاما بعد عام»، كما يقول رئيس البلدية الدكتور قاسم القادري، «فبالرغم من سلسلة وكثافة المراجعات والمناشدات للجهات المعنية عبر مراسلات خطية ومقابلات وجاهية، فالجواب كان وما زال المزيد من الإهمال وعدم الاكتراث واللامبالاة». فلم تسجل أي خطوات جدية تخفف ولو بشكل بسيط عناء المشكلة، علما بأن أهالي البلدة لم يتأخروا يوما عن دفع ما عليهم من فواتير المياه والكهرباء. فبلدية كفرشوبا، كما يضيف القادري «دفعت ما توجب عليها خلال السنوات التسع الماضية لشركة كهرباء لبنان، والمبلغ المدفوع بلغ نحو 227 مليون ليرة لبنانية».
القادري يربط مشكلة مياه كفرشوبا بجملة أسباب، منها التقنين الكهربائي وضعف التيار والأعطال في المحولات ومضخات المياه، التي تغذي خزان البلدة الرئيسي من البئر الارتوازية في حلتا. ويوضح أن «تدفق المياه إلى البئر الرئيسية في كفرشوبا، يمر في 3 مراحل ضخ كلها بحاجة للكهرباء، تبدأ بالضخ من بئر حلتا الرئيسي إلى خزان شانوح، من شانوح إلى خزان عذرائيل، ومن عذرائيل تصل أخيرا إلى خزان كفرشوبا، لتوزع المياه بعدها بالجاذبية إلى مشتركي البلدة». تلك الدورة الملزمة للمياه، تنجز جميعها بالطاقة الكهربائية المفقودة في أكثر الأحيان. ولحل تلك المعضلة بشكل جذري، «طالبنا الجهات المسؤولة بربط محطة الضخ في حلتا بمحطة الوزاني، التي تتغذى بالتيار على مدار الساعة، ولم نلق آذانا مصغية. كذلك كلفت البلدية خبير مضخات مياه، لفحص المضخات الأربع المستعملة في مشروع المياه هنا. وقد أشار في تقرير أعده الى ضرورة استبدال تلك المضخات الأربع باثنتين فقط، لكن مؤسسة مياه لبنان الجنوبي لم توافق». وهدد القادري بـ «وقف دفع ما يتوجب على البلدة وأهلها من فواتير كهرباء ومياه، مع وضع خطة لتحركات شعبية سلبية واعتصامات حضارية في أكثر من مكان، عل ذلك يحرك الجهات المسؤولة ويحثها على إعطائنا الحد الأدنى من حقوقنا»، لافتاً إلى أن «قطع طريق حاصبيا - مرجعيون مؤخراً من قبل الأهالي، كان أول الغيث، فلا يجوز أن نحرم من أبسط حاجاتنا وحقوقنا، في هذه البلدة التي عانت الكثير من الحرمان في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، علما بأن مساحة واسعة من أرضها ما زالت محتلة، فليعطونا ماء بقدر ما قدمنا دماء، ليعطونا ساعات كهرباء بقدر ما أمضى أبناء البلدة من أوقات طويلة في عتمة السجون الإسرائيلية، وبقدر ساعات التشرد والعذاب».
«أهالي البلدة، بما خبروه من غياب للدولة ومؤسساتها على مدى العقود الماضية»، كما يقول المختار محمد قصب، «توجهوا بغالبيتهم لبناء آبار اصطناعية كما يسمونها، وهي عبارة عن خزانات لتجميع مياه الأمطار، تتسع لأكثر من خمسين مترا مكعبا من مياه الشتاء، حيث يقومون في فصل المطر بتنظيف أسطح المنازل لتجميع المياه ومن ثم مد الأنابيــبب من السطح إلى داخل تلك الآبار أو الخــزانات لتمتلئ مع نهاية فصل الشتاء، بمياه نــظيفة صالحة للشرب والإستهلاك المنزلي». وعبر تلك الطريقة وجدوا حلاً مرحلياً لأزمة المياه المزمنة، لكن مع حلول الصيف وعودة المغتربين اليها، وازدياد ساعات تقنين الكهرباء، تتفاقم تلك المشكلة بعدما تفرغ الآبار من محتواها». وتقول ابنة البلدة المواطنة أم وليد العقيبة بعفوية: «لقد عدنا إلى أيام العين والجرة، لكن ذلك لا يلبي الحاجة المرتفعة للمياه، لنلجأ إلى الصهاريج التي ارتفعت أسعارها، فيا ليت الله يهدي المعنيين، ليراجعوا ضمائرهم ويعيدوا لنا مياهنا».
تعليقات: