عكّار: تمرّد مسلّح لـ «المستقبل»

عكّار: تمرّد مسلّح لـ «المستقبل»
عكّار: تمرّد مسلّح لـ «المستقبل»


تمرّد مسلّح في عكار



عادت أجواء التشنّج لتسيطر على منطقة عكار أمس، بعد صدور قرار القضاء العسكري بإخلاء سبيل الضباط الثلاثة والعسكريين الخمسة الموقوفين في قضية مقتل الشيخ عبد الواحد ورفيقه حسين مرعب على حاجز الجيش اللبناني في الكويخات، وإبقاء خمسة عسكريين رهن التحقيق. وفور شيوع تفاصيل القرار قطعت طريق حلبا القبيات في بلدة البيرة، جانب منزل الشيخ أحمد عبد الواحد، كما قطعت الطريق المؤدية إلى منطقة وادي خالد عند مفرق بلدة منجز، ثم أعيد فتح الطريقين مع استمرار وجود بعض المسلحين.

وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت بعض الطرقات لا تزال مقفلة بالردم والحجارة، فيما أكدت مصادر أمنية قيام بعض المسلحين بنصب حواجز دقّقت في هويات ركاب السيارات بحثاً عن عسكريين من الجيش. ولفتت المصادر إلى أن معظم المسلحين هم من أقارب الشيخ أحمد عبد الواحد، ومن أنصار عضو كتلة المستقبل النائب خالد ضاهر والقوى الإسلامية.

وعقدت لجنة متابعة قضية الشيخين أحمد عبد الواحد وحسين مرعب اجتماعاً في منزل مفتي عكار بالوكالة الشيخ أسامة الرفاعي في طرابلس، للبحث في الخطوات الواجب اتخاذها بعد إطلاق سراح قسم من العسكريين المتهمين في قضية عبد الواحد. فرغم استمرار توقيف خمسة عسكريين على ذمة التحقيق، وبينما كان الأهالي بحسب ما نقلته وسائل الإعلام «بانتظار الاجتماع بين مفتي عكار ونواب المنطقة ولجنة متابعة التحقيق وأفراد من عائلة الشيخ أحمد عبد الواحد واتحاد بلديات المنطقة لتدارس ما يحصل ولمحاولة تهدئة النفوس وتحديد كيفية التعاطي مع المسألة في هذه القضية»، نقل عن النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي قولهما إن «ما حصل يخلّ بالعدالة».

لذلك انتصف ليل الخميس ــ الجمعة ولم يتمكن سائر أهالي عكار من تحديد وجهة نشاطهم صباح اليوم، خصوصاً أن طلاب الجامعة اللبنانية في طرابلس كانوا لا يزالون على موعد مع امتحاناتهم النهائية. فحتى منتصف الليل ظلت الأخبار تتواتر عن رشقات نارية كثيفة في بلدة منجز، تبين أنها أطلقت على أشخاص كانوا متجهين إلى بلدتهم قرحة في وادي خالد، لم يمتثلوا لأوامر المسلحين بالتوقف على الحاجز الذي أقامه هؤلاء المسلحون عند مفرق منجز، فأوقفوهم بعد إطلاق وابل من الرصاص في الهواء، ولم يلبثوا أن أفرجوا عنهم. وقرابة الحادية عشرة والنصف ليلاً أفاد موقع النشرة بأن «مجموعة مسلحة بدأت تتجمع على طريق عام حلبا الجومة لقطع الطريق»، وأنه «سمع إطلاق رشقات رصاص في حلبا»، كذلك نقل الموقع أن «الجيش اللبناني أقام حاجزاً كبيراً في منطقة التليل على طريق عام حلبا القبيات».

وجرت اتصالات أمنية وسياسية تولّى الجزء الأبرز منها المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي الذي أكد ليلاً لوزير الداخلية مروان شربل أن الأمور في طريقها إلى الحل.

وكانت الحادثة التي أودت بحياة الشيخ عبد الواحد ورفيقه، أثناء مرور موكبه المؤلف من ثلاثة «رانجات» على حاجز الكويخات للمشاركة في اعتصام دعا إليه النائب خالد ضاهر رداً على قيام الحزب السوري القومي الاجتماعي بإحياء الذكرى الخامسة لمجزرة حلبا، قد أعقبها قطع الطرقات في مختلف المناطق العكارية، ثم امتدت إلى باقي مناطق الشمال لتصل إلى بيروت والبقاع. كذلك صدرت مواقف عالية النبرة دعت إلى سحب الجيش اللبناني من عكار، فأدت إلى انحسار كبير في أداء دوره ومهماته في عكار، وخصوصاً فوج المجوقل الذي عملت بعض الأوساط المتطرفة في تيار المستقبل، وخصوصاً النائب خالد ضاهر، على تحميله مسؤولية الحادثة، الأمر الذي أدى لاحقاً إلى استبدال هذا الفوج بفوج المغاوير من أجل تهدئة النفوس من ناحية، وإعادة شيء من هيبة الجيش اللبناني في منطقة عكار من ناحية أخرى. فالمنطقة أصيبت بشلل كبير، إذ بدت خارجة عن نطاق الدولة اللبنانية، الأمر الذي انعكس انكماشاً في الحياة الاقتصادية، وخوفاً في بعض البلدات المسيحية العكارية التي امتنع كثيرون من أبنائها المقيمين في بيروت وجبل لبنان عن زيارتها، خلافاً للعادة في عطل نهاية الأسبوع. وظهرت معالم ذلك الامتناع واضحة مع بداية فصل الصيف.

وبينما استمرت بعض الحملات المشككة في دور الجيش اللبناني، دخلت المعالجات على خط التخفيف من الأزمة، شارك فيها رجال دين مسيحيون ومسلمون، كما شارك فيها رؤساء بلديات عكارية ومخاتير. ولم تكن قيادة الجيش بعيدة عن تلك المعالجة، إذ زار وفد منها منزلي الشيخ عبد الواحد ورفيقه للتعزية باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات إدمون فاضل، في نهاية الشهر الماضي. وشمل الوفد مدير المخابرات في الشمال العميد عامر الحسن على رأس وفد من الضباط، كذلك حضر إلى جانب الوفد قائد سرية درك عكار المقدم ماجد الأيوبي ورئيس فرع المعلومات في عكار المقدم عبد الناصر غمراوي. وكان حاضراً في اللقاء أيضاً رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ مالك جديدة وحشد من فاعليات المنطقة. وقد جرى خلال اللقاء الذي جمع الجهات المذكورة، التأكيد على بقاء «عكار الحاضنة للمؤسسة العسكرية».

وبدا في الذكرى الأربعين لاستشهاد الشيخ عبد الواحد أن المعالجات أفضت إلى نتائج إيجابية، وكان من بين معالمها تصريح شقيق عبد الواحد الشيخ علاء بأن «المجرمين هم حفنة مأجورة لا تمثل المؤسسة العسكرية»، وأن «هذه المؤسسة ستبقى وفية لأبناء الوطن وثقتنا بها لا تهتز»، علماً بأن بعض الأصوات استمرت بالمطالبة بالتصعيد، مستهجنة ما اعتبرته «تسوية بين تيار المستقبل والجيش».

(الأخبار)

تعليقات: