بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الخلقِ وأعزِ المُرسلين سيدِنا ونبيِنا مًحمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
مــاذا عسايَ أقولُ فيك فإن الكلماتِ تعجزُ عن وصفِكِ أيتها الشهيدةَ الطاهرةَ وأنا أعلمُ أنَّ الكتابةَ لن تفيكِ حقكِ؟...
هــا هي ذِكْرى الأَربعينِ تمُرُّ سريعاً وأنت ياأمَّـاهُ لا زلتِ بينَنا, لأنَّ الشهداءَ لا يموتون بل يبقون أحياءً عند الله تعالى.
أنت يا أمي نبعُ الحنان وحضنُ الأمان, أنت جمالٌ وإبداع, لا بلْ أنتِ كنزٌ كبيرٌ وشعاع ٌمنير.
فالأم هي إشراقةُ النورِ في حياتِنا والمعرفةُ التي تقولُ أنَّ السعادةَ الحقيقيةَ هي في معرفةِ الله وحبِّ الله.
والأمُ تبقى كما هي بعد مماتِها كما كانت في حياتِها, تبقى عطراً يفوح شذاه وأريجاً يتلألأُ في عُلاه.
أمَّــاهُ.. يا أغْلى من نورِ عيوني, دَعيني أُقَبِّلُ رأْسَكِ وأَرْشفُ من عطرِ يُمناكِ وأَمرغُ نفسي في ثرى قدميك فلقد اشتقنا إليك كثيراً.
أمَّــاهُ.. يا شمساً ما غابَت عن دُنيانا أبداً, أنتِ لنا كطائرٍ يٌغرِّد ويَصْدَحُ في جنائِنِنا فيملأُ الأرضَ والسماءَ بهجةً وسروراً.
أمَّــاهُ.. نحنُ راضونَ بقضاءِ الله, وأنتِ ترقُدين بسلام في جوارِ الأمير(ع) فطوبى لك وهنيئاً لاستشهادِكِ في سبيلِ زيارةِ أهلِ البيت(ع), كيف لا وأنتِ الآن مع زينب (ع) تواسينَها بسيدِ الشهداء أبِ الأحرارِ الإمامُ الحسينِ (ع),
كيف لا وأنتِ الآن مع فاطمةَ الزهراءِ (ع) سيدةِ نساءِ العالمين...
أُمَّــاهُ.. يا لِنُبْلِ ما قمتِ به واستشهدتِ لأجْلهِ فإنّ لكِ عند الله مقاماً محموداً فاشفعي لنا عند الله.
واعلمي يا أمي إننا نتذكَّرُك صباحَ ومساء, في آذانِ الفجرِ وعندَ الغروبِ, فـطيفُـك لايغادرُنا وبسمتُك الطيبةُ لا تزال في مخيلتِنا. ولعلَّ اللهُ إختارَكِ على هذا الحالِ ليَجْزيَكِ أَجْرَ وثوابَ ما عانيْتِ وصَبَرْتِ فإنَّ للصابرين مفازاً جناتٍ وأعناباً.
واعلَمي يا أُمي إنَّنا على نفسِ النهجِ الذي علّمْتِنا مُسْتمرُّون ألا وهو حبُّ أهلِ البيتِ والخوفُ من الله عزّ وجلّ. ولا يهمُّنا أَوَقَعْنا على الموتِ أمْ وقعَ الموتُ علينا لأَنَّنا على حقٍ ومن هو على حق يكن الله معه. وهذه الدنيا كما قال الإمامُ علي(ع): الدُنيا ساعةٌ فاجْعَلْها طاعة, وأنتِ قد أطعتِ الله عزَّ وجلّ حقَّ طاعتِه فكان أَن وافَتْكِ المنيةُ وأنتِ تؤدِّين واجبَ الزيارات الشريفة.
وإني أحبُّ أنْ أَذكرَ بعضاً من أبياتٍ لأميرِ المؤمنين (ع) هي:
النفسُ تبكي على الدُّنيا وقد عَلِمَتْ
أنَّ السلامةَ فيها تَرْكُ ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعدَ الموتِ يسكُنُها
إلا التي كانَ قبلَ الموتِ بانيها
فإنْ بَناها بخيرٍ طابَ مسْكَنُها
وإنْ بَناها بشرٍ خابَ بانيها...
وأنتِ يا أُمي قد بنَيْتِ مسْكَنَكِ بالأَعْمالِ الفاضلةِ, رَحِمَكِ الله وأسْكَنَكِ فسيحَ جناتِه وحشرَكِ مع مُحمدٍ و آلِ مُحمد (ص).
وإنا لله وإنا إليهِ راجعون.
وعظَّمَ الله لكم ولنا الأجْرَ والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
ياسر حسين العيتاوي
572012
(كلمة ألقيت في أربعين الشهيدة أم علي عيتاوي)
سجل التعازي بالمرحومة الحاجة زينب عبدو علي إسماعيل "أم علي عيتاوي"
تعليقات: