الأستاذ رياض قشمر (رئيس نادي الخيام الثقافي الإجتماعي) في حفل تدشين بناء النادي - 14 تمّوز 2012
أيهـا الحفـل الكريـم
أرحِّب بكم أجمل ترحيب في مجمع الشهيد المرحوم الدكتور شكر الله كرم الثقافي.
هذا المجمع الذي قام بعد انتظار طال أمده، وما كان ليقوم لولا اللفتة الكريمة السخية من مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية، وبعناية خاصة من راعية هذا الحفل نائب رئيس المؤسسة معالي الوزيرة ليلى الصلح حمادة، التي وعدت فوفت وتعهَّدت فصدقت، فقدَّمت لبلدة الخيام ولمنطقة مرجعيون ـ حاصبيا هذا الإنجاز الكبير الذي نفتخر به ونعتز، فشكراً لمؤسسة الوليد وشكراً لمعالي الوزيرة التي ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز الذي هو واحد من سلسلة إنجازات ومشاريع في مجال العمل الاجتماعي المدني على مساحة الوطن.
فأنَّى تلفَّتَ في أرجاء الوطن تجد هباتها السخية تتوالى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن بيروت غرباً إلى أقاصي البقاع شرقاً ، أنَّى توجَّهتَ ترى أعمالها تدلُّ عليها. لم تميِّز بين طائفة وطائفة أو بين منطقة وأخرى، فالجميع أمام ناظريها سواء، هدفها الوطن والمواطن، فقد تعالت عن الصغائر، فهي تتحرك في كافة الاتجاهات، تمدُّ يد العون حيث تدعو الحاجة.
فالمدارس والمستشفيات والمستوصفات والنوادي الثقافية والاجتماعية والرياضية حتى وصلت يدها البيضاء إلى بعض الإدارات الرسمية، لتقدِّم الدعمَ والعونَ وتسدَّ نقصاً كبيراً كان من واجبات الدولة، فحلَّت مكان وزارات عدَّة وأسهمت عبر مبادراتها إلى تأمين الكثير من الاحتياجات التنموية. فشكراً يا معالي الوزيرة وشكراً لمؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية على ما أسهمتما به.
ونحن بدورنا نقول: إنَّ نادي الخيام الثقافي الاجتماعي يسعده أن يقف إلى جانبكِ ويضع إمكاناته المتواضعة في خدمة الهدف المشترك الذي نتفق وإياك عليه، بهدف تطوير الوضع الاجتماعي الثقافي في هذه المنطقة مما يساهم في بناء وطنٍ حرٍّ مستقل، وبناء دولة يسودها القانون، بعيداً عن المحاصصة والمحسوبية والطائفية، لتتحقَّق فيها العدالة والمساواة والإنماء المتوازن.
أيهـا الأخـوة..
لقد أنجزت مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية هذا العمل الذي أُطلق عليه مجمَّع الشهيد الدكتور شكرالله كرم.
ولمن لا يعرف من هو الدكتور شكرالله كرم ، ولماذا استحقَّ هذا التكريم بإطلاق اسمه على هذا المجمع نقول:
كان الدكتور شكر الله كرم، رجلَ محبَّةٍ، عاش في الخيام حتى لحظة استشهاده، لم تشدّه مغرياتُ المدينة رغم توافر إمكاناته للعيش فيها، التصق بالناس العاديين، استقرَّ في الخبام منذ تخرُّجه من الجامعة الأميركية في النصف الأول من القرن الماضي.
كانت عيادته في منزله مشرعة الأبواب ليل نهار، لم تُقفَل في وجه مريض أو محتاج لمساعدته. كنَّا نأتيه عند الحاجة ، لم نكن نحمل مالاً ولم يكن يطلب منَّا ذلك.
لم يكن في الخيام في تلك الفترة صيدلية ، كانت خزانة الأدوية في منزله هي الصيدلية، حيث يقدِّم الدواء المتوافر مع المعاينة مشفوعةً بكلمة سلامتك يودِّع بها المريض والبسمة على شفتيه. كان مميَّزاً في تشخيصه للعلل والمشاكل الصحيَّة، حفظ أمراض القرية الوراثية معتمداً على ذاكرة لمَّاحة.
مع اندلاع الحرب الفلسطينية عام 1947 حوَّل بيته إلى مستشفى ميداني، وعندما بدأت حرب 1967 اهتمَّ بالمشاركين في معارك الجولان وجبل الشيخ.
ساهم في العديد من المستوصفات المجانية في الخيام وخارجها من البقاع إلى جبل عامل.
اختارته الخيام رئيساً لبلديتها في مطلع الخمسينيات.
وعندما بدأت الأوضاع تهتز في المنطقة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية نصحه الكثيرون بمغادرة البلدة أسوة بمن نزح إلى مناطق أكثر أمناً، فآثر الصمود بإرادته ولعلَّ في رسالته الأخيرة لأبنائه أصدق تعبير عن موقفه حيث يقول:
" أفأترك الخيامَ تحترقُ والجنوبَ كئيباً؟ مسكين إنسان هذي الحدود الجنوبية كم يتحمَّل من شقاء".
إلى قوله: "كيف أطمئِنُّ وحولي آلاف البائسين؟ إذا تركتهم فمن يقرأ ميزان الحرارة ومن يسمع نبضات قلب عليلٍ؟ لم يبقَ عندي أكثر من ذلك أعطيهم إيَّاه، أيحق لي أن أمنعه".
هذا هو شكرالله كرم، الطبيب الإنسان الذي لم يكن مسيحياً ولا مسلماً بل كان كلاهما معاً، إنساناً وطنياً فوق الطوائف والأديان، آمن بأن الدِّين لله والوطن للجميع.
وفي الساعة الثانية من بعد ظهر 17 شباط 1977 اجتاحت الخيام آليات الصهاينة محمَّلةً بالعملاء حتى وصلوا إلى منزل الحكيم وفي عيادته، وبين يديه أحد الجرحى، فصبُّوا جام حقدهم على جسده الطاهر حيث سقط شهيداً لينضمَّ إلى قافلة طويلة من الشهداء الكبار الذين عطَّروا بدمائهم تراب هذا الوطن.
من أبي الاستقلال الرئيس الشهيد رياض الصلح ، شهيد لبنان، إلى شكرالله كرم ، شهيد الخيام، إلى سلسلة طويلة من شهداء المقاومة الوطنية والإسلامية الذين وقفوا في وجه العدو الصهيوني وسقطوا دفاعاً عن استقلال لبنان وسيادته وكرامته.
فألف تحيةٍ مباركة إلى أرواحهم الطاهرة.
هذا هو شكرالله كرم الذي أطلقنا اسمه، وبكل فخر، على هذا المجمع الذي سيكون ميداناً للعمل الثقافي الاجتماعي، بالتعاون مع جميع مؤسسات المجتمع المدني في منطقة مرجعيون ـ حاصبيا.
سنعمل مع الجميع دون تحيُّز لوضع برامج مشتركة للنهوض بهذه المنطقة، أولاً بالتعاون مع بلدية الخيام ومع وزارات الدولة، وخاصة وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية، ومع كلِّ النوادي الثقافية والاجتماعية لوضع برامج تشمل دورات تدريب وإعداد وتوعية، عبر إقامة ندوات ومحاضرات ومؤتمرات هادفة الغاية منها الوقوف في وجه الآفات الاجتماعية التي بدأت تتفشَّى في هذه المنطقة وفي مقدمها آفة المخدرات، وكذلك إقامة دورات تدريبية على أعمال الكومبيوتر والخياطة والموسيقى، ودورات تعليمية لرفع مستوى التعليم وخاصة في المواد العلمية واللغات.
كما سنعمل على بث الروح الرياضية، عبر إتمام الملعب الذي بدأنا بإقامته بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية لاستقطاب عنصر الشباب إلى هذا الميدان، ونطمح إلى التعاون مع بعض الوزارات وخاصة وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية ووزارة الشؤون الاجتماعية لتأمين بعض البرامج التي يمكن أن تسهم في تقدم المنطقة وتدعم صمودها.
وأخيراً أعود فأكرِّر عميق شكرنا وتقديرنا لمؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية، ولقائدة مسيرتها الوزيرة السيدة ليلى الصلح حمادة.
كما أكرر الشكر لجميع من يدعم مسيرتنا.
وشكراً لكم لحضوركم ومشاركتنا فرحتنا في هذا الافتتاح الإنجاز .
والســلام عليكــم
...
* كلمة ألقاها الأستاذ رياض قشمر (رئيس نادي الخيام الثقافي الإجتماعي) في حفل تدشين بناء النادي - 14 تمّوز 2012
ألبومات صور حفل تدشين بناء نادي الخيام الثقافي الإجتماعي - تمّوز 2012
المهندس أحمد عطوي والأستاذ رياض قشمر والوزيرة ليلى الصلح حماده
حضور خيامي مميّز
حضور خيامي مميّز
تعليقات: