بابا، بابا، بي، بابا،
إيه حبيبتي عايشة، شو بكي حبيبتي؟
بابا، (تلامس رموش عينيها، لقد غلب عليها النعاس، لعلّها أرادت أنّ تسأل أباها بعض الإسئلة قبل الخلود إلى النوم)... بابا، حكيلي، حكيييلي، حكيلي عن سوريا.
نعم حبيبتي! عن مين؟ سوريا؟ (يتبسم والدها، ويحمل أبنته عائشة، ويضعها في حضنه. عائشة يا أحبتي هي إبنة الثلاثة سنوات). ماذا تريدين أن تعرفي عائشتي؟
ترفع رأسها الصغير وبعذوبة الطفولة تسأل عن الأسد والحيوانات التي تتقاتل معه. في النهار لقد سمعت عائشة بعض الأحاديث في البيت التي بها تناول الكبار الموضوع السوري، وهي الان تستفسر من أبيها عن ما سمعت.
حبيبتي عائشة،
في سوريا يا حبيبتي الأسد في مملكته هوجِم من حيوانات مفترسة، ذات أنياب شرسة، وقلوب متوحشة قاسية، أسمائهم إنسانية، لكن أجسادهم وعقولهم تختزن جينات حيوانية شرسة.
بابا، شو يعني تختزن؟ تختزن يا حبيبتي هي مثل مملوءة. نعم، بابا، شو يعني مملوءة؟ متلنة حبيبتي متلنة.
تضع رأسها على صدر أبيها، كفّي بابا كفّي.
يتنهد والدها بلطف، الأسد يا حبيبتي في معركته ضد هؤلاء الحيوانات يحمي أمة نبينا محمّد (ص)، وخطه ورسالته. لإن هؤلاء القتلة يمثلون أعداء الأمة وعملائهم، في هذة اللحظات، الطفلة عائشة غفلت على صدر أبيها. ولكن، والدها يكمل حديثه لنفسه.
في معركة سوريا يا حبيبتي، الإسلام المحمدي يواجه الكفر الأموي، الإنسان العربي الأصيل يواجه المتعرب العميل، الشرق ولطفه يواجه الغرب وشراسته. في معركة سوريا يا حبيبتي، المسيحي الشرقي يواجه الصليبي المتغطرس، في معركة سوريا يا حبيبتي، المقاومة تواجه إسرائيل المحتلة. لا يغرّنك أحد بأن ما يجري في سوريا هي معركة شعب ضد نظام، هذا أفل، وأصبح من الماضي البعيد. معركة سوريا يا عائشتي هي معركة الوجود والمستقبل. هي معركة الحرية ضد الظلم والملك. هي معركة أن تكوني أنتي وأخواتكي وجيرانكي حرة في وطن حر تنتخبين رئيس بلدكي ونواب دولتكي، وبين أن تكوني مستعبدة لأمير أو سلطان أو ملك عميل.
يا حبيبتي، الأسد هو رمح الله في هذة المعركة والحيوانات التي تقاتله هي مجموعة مغبونة جعلت نفسها بجهل وقود نار الفتنة للحالم الذي يريد أن يصبح أمبراطور العربان
شو نمتي؟ عايشة، عايشة، يالله منيح نمتي بتريحي أمك شوية. يضع الأب أنفه على حفاض أبنته ويستنشق نفساً، يداعب أبنته بلطف، "يحرق حريشك ريحتك بتفطس مثل الأس..." أنتفضت عائشة كارهة وصف وتشبيه أبيها لها بهذا النكرة. بعنفوان عائشي مخلوط بجبروت زينبي، قالت لأبيها، هذا عميل نجس نكرة مصطنعة.
تجمّد الأب، وردّد ورائها، نعم يا عائشتي، نعم يا زينبتي، إنّ هذا هو نكرة مصطنعة.
فتح ماء حمامه وطهّر أبنته، سائلاً نفسه متى سنطهّر لبنان من نجاسة عملاء أعدائه.
بمحبة،
* د. ابراهيم محمد خريس
تموز ٢٨، ٢٠١٢
تعليقات: