بعد «تزايد السرقات» وزحمة السير الخانقة في شحيم: «سوق الجمعة» تتحول إلى نقمة على إقليم الخروب؟

سوق شحيم الشعبية أمس («السفير»)
سوق شحيم الشعبية أمس («السفير»)


بات المرور في الشارع الرئسي لبلدة شحيم، التي تعتبر عاصمة إقليم الخروب وكبرى بلداته، عملاً شاقاً ومرهقاً، ويحسب له ألف حساب، خصوصاً أنه يشكل هاجساً كبيراً لدى أبناء منطقة الإقليم وأهالي البلدة يوميا، وعلى وجه الخصوص يوم الجمعة، بسبب «سوق الجمعة الشعبي». ويقام السوق على جوانب الطريق، ويتخذ منها مسرحاً له لعرض شتى أنواع البضائع والسلع الشعبية. وغالباً ما تغص الطريق بالسيارات والشاحنات والباصات، لكونها المنفذ الوحيد الذي يربط قرى وبلدات الإقليم مع بقية المناطق.

وبينما لا يزال البعض يعتبر السوق رمزاً تراثياً للبلدة، يتسبب اليوم بشتى أنواع العذابات لكل عابر، ولكل من يقصد الإقليم. وقد تحول السوق وفق كثيرين إلى نقمة، للعديد من أصحاب المحال المحيطة به ولأهالي الاقليم، بعدما كان في الماضي نعمة، حيث يعتبرون أن سلبياته باتت أكثر من إيجابياته، لما يحدثه من زحمة سير خانقة في وسط الطريق العام الشريان الحيوي الوحيد مع الشوف الأعلى والبقاع صعوداً، ومع صيدا والجنوب وبيروت لناحية الساحل، فضلاً عن الروائح الكريهة للنفايات، ومخلفات البضائع والسلع المهترئة التي تعرض في السوق بأسعار زهيدة من لحوم وفراريج وأسماك وغيرها.

وقد بدأت الأصوات ترتفع في شحيم مع التمدد السكاني والعمراني، بضرورة وضع حد للمعاناة، فكان أن انقسم الشارع في شحيم بين مؤيد لبقائه، ورافض لوجوده، والمطالبة بإلغائه تحت شعار «ما من حاجة لاستمراره بفعل توافر جميع السلع والبضائع في المحال في البلدة». لكن ذلك الوضع بات يخلق حالاً من الرفض العارم للسوق، لا سيما مع تطور أساليب الحياة وتوافر وسائل النقل والسلع والبضائع، بشكل كبير في جميع المؤسسات. وهنا تعتبر المحال أنه يلحق أضراراً وخسائر كبيرة بأرزاقها من الناحية الاقتصادية، نتيجة توجه الأهالي إلى «سوق الجمعة»، لشراء حاجاتهم المتعددة. وتسعى البلدية لحل المشكلة، التي وضعتها في صلب اهتماماتها، لكنها لم تفلح، نظراً لافتقار شحيم للمشاعات والساحات، لكنها قامت بمحاولة منذ مدة للتخفيف من وطأة السوق. ونقلت قسما منه إلى قطعة الأرض التي اشترتها البلدية فوق «خلية أبي بكر الصديق» وسط البلدة. إلا أن المشكلة بقيت على حالها لكون قطعة الأرض غير كافية، إذ تبلغ مساحتها 400 متر مربع. فبقيت أعداد كبيرة من البسطات على جانبي الطريق، حيث تشهد إقبالاً كبيراً عليها. فكان أن اعتبره البعض أنه مكان للتلاقي بين أهالي البلدة والأصدقاء والعائلة الواحدة. كما بات السوق هاجس أهالي المنطقة وعابريها، لا سيما أن طريقها تشهد زحمة سير في الأيام العادية، إذ يتجنب عديدون المرور بها يوم الجمعة، بسبب السوق.

ويقول رئيس البلدية الرائد المتقاعد محمد بهيج منصور: «يعود السوق إلى أيام الآباء والأجداد، عندما كانت وسائل النقل غير متوافرة حين كان عدد السكان محدوداً، والبضائع غير متوافرة آنذاك. وكانت تنقل بضائع «المونة البلدية» من القرى والبلدات المجاورة على «الدواب» لتعرض في سوق الجمعة، الذي يقام على أطراف الطريق». أضاف: «السوق تراثي، ومن مميزاته، استخدام ثور كل نهار خميس، والتجوال به في الشارع الرئيسي لتعريف الناس أنه سيتم ذبحه في سوق غد الجمعة، وذلك لعدم وجود لحامين». ورأى منصور «أنه مع تزايد السكان وكثرة الأبنية والسيارات، وتطور الحياة، وتوافر البضائع والسلع في جميع المحال والسوبرماركت، لم يعد هناك من حاجة للتموين، فانقسم الأهالي في شحيم بين مؤيد للسوق لكونه تراثا قديما، ومن يرفضه بفعل عرقلة السير في البلدة. لذا بادرت البلدية للتفتيش عن حلول للمشكلة، فنقلنا قسماً منه إلى قطعة الأرض التي اشترتها البلدية شرق السوق، لتحويلها إلى موقف للسيارات الذي ستشكو منه شحيم، لكن تلك الخطوة لم تحل المشكلة، حيث بقيت البسطات تعرض بضائعها على جوانب الطريق العام». وأكد أن «المشكلة التي نعانيها، هي مشكلة زحمة السير التي يسببها السوق». وقال: «نحن بصدد بناء مبنى للبلدية من ثلاث طبقات، على أن يضم مواقف للسيارات، ونستخدم إحدى الطبقات يوم الجمعة للسوق. وبذلك يكون محصورا ضمن طبقة وفي وسط البلدة عند مفرق البرجين»، لافتاً إلى أن «حل المشكلة صعب في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى «طريق مجاز شحيم الذي يربط مدخل شحيم الغربي مع منطقة مرج علي عند أطراف بلدة داريا، من شأنه أن يخفف كثيرا المعاناة على العابرين». وأكد أن «البلدية تراقب السوق باستمرار، عبر لجنة السير، وعبر لجنة الصحة من خلال فحص اللحوم ومراقبة البضائع والتأكد من صلاحيتها، بالإضافة إلى إطلاق حملات التوعية».

من جهته، اعتبر مختار شحيم فؤاد وجيه فواز أن السوق «أصبح مشكلة لإقليم الخروب وليس لشحيم فقط، لجهة ما يتسبب به من إقفال الطريق العام الرئيسية والتي هي مركز توزيع لعدد من طرق الإقليم»، مشيراً إلى أنه «يتسبب لأهالي شحيم بقطع أرزاقهم حيث يقصد الزبائن والأهالي السوق ولا يدخلون المحال»، مؤكدا أن سلبياته متعددة وخطرة، خصوصا لجهة انتشار عمليات السرقة»، معتبراً أنه «ليس تراثا بل عادة»، داعيا إلى إقفاله نهائياً، نظرا للأضرار التي يحدثها.

تعليقات: