يجمعون البطيخ في سهول المجيدية(طارق أبو حمدان)
المناطق الحدودية تشكو كساد الإنتاج الزراعي وارتفاع الكلفة:
مزارعو البطيخ يخسرون ما بين 50 و100 ألف دولار في الموسم
ترتفع صرخة مزارعي البطيخ والشمام في المنطقة الحدودية، خصوصاً العاملين في سهول وادي خنسا، مرجعيون، الخيام، الوزاني والماري، وهم ينظرون إلى كميات كبيرة من الشمام والبطيخ، المتروكة في حقولها طعاماً للخنازير وقطعان الماشية. وذلك من دون أن يتمكن أصحابها من تسويقها في الأسواق المحلية والعربية، بعدما تدنت أسعارها الى ما دون سعر الكلفة. الأمر الذي وضع مزارعيها في حالة اقتصادية صعبة، بحيث تراكمت خسائرهم وتضاعفت ديونهم، التي كانت قد بدأت بالتفاقم منذ عدوان تموز العام 2006.
وعلى الرغم من الصرخات المتكرّرة لمزارعي القرى الحدودية عاماً بعد عام، إلا أن صداها لم يصل الى آذان الجهات المسؤولة، التي لم تحرك ساكناً، خاصة لجهة المساعدة في حماية إنتاجهم من المضاربة الخارجية، التي تغزو الأسواق اللبنانية في عز موسم جني محصولهم، بالإضافة إلى عدم دعم وتأمين المواد الكيماوية والأدوية الزراعية التي تكويهم بنار أسعارها، والتخلي عن مراقبة تجار الجملة الذين يتحكمون بالأسعار، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة لدى المزارعين وصولا حتى الإفلاس في كثير من الأحيان.
المزارع الياس سلامة الذي كان يقطف البطيخ في سهل الخيام، يصف الموسم بالجيد هذا العام، في ظل ارتفاع الكلفة والتدني بالأسعار، وعلى سبيل المثال نحن نبيع كيلو البطيخ الى التاجر بـ300 ليرة، بينما ثمن نصف ليتر من الدواء المستعمل في الرش مئة دولار أميركي، مشيراً إلى الارتفاع المتواصل في اسعار الأدوية والمواد الكيماوية، في مقابل انخفاض حاد بأسعار الخضار والفاكهة الصيفية.
احمد المحمد الذي ينقل بشاحنته البطيخ والشمام الى تجار الجملة في صيدا وبيروت، يشير الى تدني الأسعار. إذ «كنا نبيع كيلوغرام البطيخ بـ500 ليرة واليوم أصبح بـ300 ليرة، لذلك فخسائر المزارعين تكبر في هذا الموسم ايضاً، وما زاد الطين بلة عدم تصريف الإنتاج الى الخارج بسبب الوضع في سوريا». ويضيف المحمد «ليس هناك مع الأسف أي اهتمام بالمزارع من قبل الجهات المعنية، التي عليها واجب الاهتمام بالقطاع الزراعي في هذه المنطقة، التي عانت الكثير من الاحتلال الإسرائيلي والإهمال الرسمي على مدى عقود، علماً ان هذا القطاع يشكل مصدر رزق للمئات من العائلات».
أمّا حسين مرعي (تاجر متجول)، فيتنقل منذ ساعات الصباح الأولى، من بلدة إلى أخرى، علّه يتمكن من بيع بعض من إنتاجه ليؤمن رزق عائلته. ويصف مرعي الحركة بالسيئة، فـ«ظروف الناس صعبة والأسعار المتدنية لا تعود علينا إلا بالقليل القليل، ولذلك نتوجه الى نوابنا بضرورة الالتفات نحونا قليلا وإيجاد حلول لما يعانيه المزارع في المنطقة الحدودية».
بدوره، يرفع المزارع ياسر زرقطة (من بلدة الماري)، صرخته بوجه الحكومة التي «لا تسأل، فمحصولنا يتلف في أرضه والنواب والوزراء لا نراهم إلا وقت الانتخابات، نجاهد بقوة علّنا نتمكن من خفض الخسائر وتأمين قوت عيالنا من هذا الموسم، لكن تأتينا الضربة تلو الأخرى لينتهي الموسم بخسائر كبيرة».
ويستغرب مزارعون من آل الزهران - من العاملين في سهول قرى خط التماس مع العدو الاسرائيلي، عند الأطراف الغربية لمزارع شبعا غياب دور الجهات الحكومية في مساعدة مزارعي هذه المنطقة. إذ يعتاش من هذا القطاع الهام أكثر من الف عائلة. وينتقد المزارعون «الهيئة العليا للإغاثة» التي «تجاهلت خسائر القطاع الزراعي المحققة في المنطقة، ولم تدفع حتى الآن بدل الأضرار الزراعية التي تكبدها المزارعون من جراء عدوان 2006». من حقنا، يقول المزارعون، ان «نطالب بالحماية من المضاربة على اقل تعديل، بالاضافة الى الاهتمام والمساعدة في تصريف الإنتاج، خاصة البطيخ والشمام حيث المساحة المزروعة تصل الى حدود 3000 دونم، إنتاجها حوالي 20000 طن، من النوع الجيد والممتاز، فمع بداية الموسم كانت الأسعار بين 500 و600 ليرة للكلغ الواحد. لكن مثل هذه الأسعار لم تستمر إلا لأيام عدة فقط، بحيث انخفضت سريعا الى حدود الـ250 ليرة لبنانية، تذهب منها 150 ليرة بدل نقل وعمولة لتجار الجملة، ليبقى للمزارع 100 ليرة فقط، أي اقل من الكلفة بحوالي 200 ليرة، وأمام هذا الواقع فإن خسارة مزارعي البطيخ باتت كبيرة، فكل مزارع يخسر بين 50 و100 ألف دولار في هذا الموسم، وهذه الخسارة تضاف الى خسائر الأعوام الماضية والتي بدأت خلال عدوان تموز العام 2006، بعدما تعرضت السهول والمواسم للتلف بسبب الاعتداءات الإسرائيلية».
ويضيف المزارعون «إننا ندفع اليوم فائدة الفوائد المتراكمة علينا في المصارف والتجار وفي الشركات الخاصة، التي تزودنا بالأسمدة والأدوية والأغطية البلاستيكية والمحروقات، وأننا بالمناسبة نطالب وزير الزراعة حسين الحاج حسن بالاهتمام بنا بصفتنا مزارعي خط النار مع العدو الصهيوني، كذلك نناشد الهيئة العليا للإغاثة دفع الأضرار الزراعية التي وقعت خلال عدوان تموز 2006، حتى نتمكن من تسديد بعض المبالغ المستحقة والمتكدسة علينا منذ سنوات طويلة». ويختم المزارعون بالقول «هذه الحقول الزراعية ومالكوها والعاملون فيها، والتي تتحدى العدو الصهيوني الجاثم على بعد امتار في المقلب الآخر، تستحق كل اهتمام ورعاية، فهل يلقى نداؤنا هذا آذانا صاغية لدى الحكومة».
تعليقات: