الوزير الأسبق ميشال سماحة
سماحة ليس رجلاً أمنياً.. والمطلوب شاهد الزور "ميلاد كفوري". حطيط يشرح المستويات الأربع للحرب على المنطقة (التفاصيل الميدانية)
الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر يمتلكان شجاعة الإقدام وشجاعة الإحجام، وقد يردان الصاع صاعين في قضية تلفيق فرع المعلومات.. ما سربه الأخير عن الوزير الأسبق ميشال سماحة مجرد "إخبار" ليس إلا، والمطلوب إحضار شاهد الزور الجديد "ميلاد كفوري".
الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي؛ العميد الركن المتقاعد أمين حطيط، يكشف لجريدة "الثبات" خفايا الصراع الإستخباري السياسي الإعلامي الاقتصادي في المنطقة، وينقل للقراء الأعزاء آخر التطورات الميدانية في سورية.
لا يكترث العميد حطيط كثيراً بالمعطيات المُسربة من قبل فرع المعلومات في قضية الوزير الأسبق ميشال سماحة، يضعها ضمن إطار "الإخبار" لا "التحقيق"، والفرق بينهما شاسع بحسب رأيه، يقول: "التحقيق يقوم به رجل موثوق يبحث عن حقيقة، والإخبار يقوم به خصم يريد أن يدين الشخص الآخر، ومكتب المعلومات هو في حالة خصومة سياسية مع فريق سياسي، وهو ينتمي إلى فريق 14 آذار، من هنا، إن كل ما يقوم به هذا الفرع، يندرج بالنسبة لفريقنا السياسي تحت عنوان "الإخبار"، وضمن سياق العراضات الإعلامية الدونكيشوتية"، ويضيف: "يشوب "إخبار" فرع المعلومات في قضية سماحة ثلاث نقاط ضعف ووهن، الأولى تبدأ بطريقة التوقيف بحد ذاتها، لأن مداهمة منزل سماحة جريمة موصوفة بحسب القانون اللبناني، وبالتالي على مرتكبيها محاكمتهم لمخالفتهم قواعد أصول المحاكمات الجزائية، الوهن الثاني في القضية يظهر من خلال الضخ الإعلامي البالغ الخطورة، إذ إنه بغضون 4 ساعات طُرحت سبع فرضيات متناقضة، الافتتاحية كانت بنفي العمالة لـ"إسرائيل" للإيحاء بشيء مريب، تلتها سيناريوهات محاولة اغتيال النائب خالد الضاهر، ثم النائب معين المرعبي، ثم العمل لتفجير إفطارات إسلامية، ثم التسويق لاغتيال البطريرك بشارة الراعي في زيارته إلى قضاء عكار، ثم لإحداث خلاف وفتنة بين السنة والمسيحيين، ثم أخيراً لتحط رحالهم على مسألة نقل التفجيرات".
سألناه عن مغزى تبديل فرع المعلومات لهذه السيناريوهات المسربة للمحطات التلفزيونية بهذه السرعة، يشرح العميد حطيط: "الهدف من الهجمة الإعلامية الشرسة خلق بيئة تتبنى توجههم السياسي الافتراضي، وفرض واقع شعبوي للضغط على القضاء والسلطة السياسية لإصدار قرارات ضد سورية، وهذا ما تلقفه فريق 14 آذار، فالضخ الإعلامي مع تسريب الروايات البوليسية المختلفة هدفهما أخذ الرأي العام تجاه ما يسمى "الانهيار الإدراكي الذهني"، لأنه في مثل تلك الحالات يُصبح الرأي العام أسيراً للبيئة المُخترعة، وعندها يسهل على الناس تقبل أي قرار سياسي أو قضائي تصدره السلطة السياسية، تماماً كما حصل في لبنان بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهام الضباط الأربعة عام 2005، وفي حينها تقبلت الناس فكرة انتقال السلطة من مقلب إلى آخر".
يعود حطيط ليكمل إظهار نقاط ضعف "إخبار" فرع المعلومات، يقول: "لو يثق فرع المعلومات بما لديه من معطيات، لما اقتحم منزل سماحة بهذه الطريقة، إذ كان بمقدوره إرسال ورقة جلب أو ورقة إحضار.. عملية التوقيف هذه، هدفها خلق بيئة ضاغطة إعلامياً وبلبلة شعبياً للتصويب على سورية، ولزعزعة الاستقرار بين البلدين، ولتبرير حالة العصابات المسلحة المُسماة "الجيش السوري الحر" في لبنان شمالاً وبقاعاً"، يتابع حطيط كلامه: "تهريب "ميلاد كفوري" خارج لبنان، وتوفير الحماية له من قبل المعلومات، تطيح بكل ما يزعمونه من أخبار، والسؤال الذي يطرح هنا، مادام الأخير هو مصدر كل تلك الأحداث (هو الذي أجرى الإتصالات، هو الذي نقل المتفجرات، هو الذي تلقى الأموال، هو الذي صور الفيديو) علينا استدعاؤه للقضاء لتبيان الحقيقة، وإلا أصبحنا أمام شاهد زور جديد شبيه بمحمد زهير الصديق، وهذا الأمر لن نسمح بتمريره".
حرب بمستويات أربعة
يتابع حطيط: "فرع المعلومات أساء التقدير هذه المرة، لأن البيئة التي نجح في إنتاجها عام 2005 يعجز عن تأمينها في العام 2012، والمعطيات المتوفرة حتى الساعة تعتبر نسخة رديئة لمعطيات عام 2005"، يشير حطيط إلى أن الحرب الدائرة في المنطقة وعلى سورية مستعرة على المستويات كافة، يقول: "هذه الحرب الكونية على سورية تتألف من 4 مستويات، فالغرب المتهالك اقتصادياً وعسكرياً يعتمد سياسة استراتجية قوى "الناعمة"، وتلك الاستراتجية تقوم في الأساس على مبدأ التزوير والتلفيق وحجب الحقائق وزرع الأباطيل، في المستوى الأول يأتي الصراع المخابراتي في أولى الإهتمامات، وما يجري في سورية من فبركات إعلامية دليل ساطع على ذلك، ومن الأمثلة القاطعة على ذلك، ادعاء صحيفة الوطن السعودية منذ أيام كلاماً لنائب وزير الخارجية الروسية مختلق، كما فعلت وكالة الصحافة الفرنسية "AFP" منذ مدة مع السفير الروسي لدى فرنسا، للإشارة إلى أن النظام السوري يتداعى"، يتابع حطيط حديثه: "الحرب الأساسية هي حرب نفسية إعلامية أولاً، واقتصادية للتأثير ثانياً، وصراعاً سياسياً دبلوماسياً ثالثاً، وواقعاً ميدانياً على الأرض رابعاً"، يفسر حطيط معطى حرب الاستخبارات الضروس في المنطقة "عند أي استهداف مخابراتي تراعى عناصر ثلاثة: نجاح أقصى، بجهد أدنى، ومفاعيل أوسع، وتلك المعطيات برأيهم تنطبق على الوزير سماحة، فالأخير بحكم علاقته الاستشارية مع النظام السوري وتوزع شبكات إتصالاته مع أكثر من رواق فرنسي، مع تماهيه السياسي مع توجهات المقاومة والتيار الوطني الحر، جعله هدفاً مخابراتياً"، ويضيف: "رغم كون سماحة صاحب موقف سياسي مستقل، ضربه مخابراتياً هدفه التأثير على تلك القنوات (سورية – حزب الله – التيار) ولهذا السبب نحن ندقق في "إخباريات" فرع المعلومات لكشف نواياه".
لا حاجة لنقل المتفجرات إلى لبنان
ويسأل حطيط: "انطلاقاً من معطيات فرع المعلومات، الكمية المنقولة من المتفجرات لا تصلح بتاتاً للتصويب على سورية لا سياسياً ولا أمنياً، فأولاً دمشق ليست بحاحة لسماحة في العمل الأمني، وثانياً لبنان مليء بالمتفجرات، وثالثاً من يتقن العزف على البيانو ليس بوارد التضحية بأنامله لأن الحاجة إليه وثروته الحقيقية هي في أصابعه.. فهل يُطلب من عالم الكتروني على سبيل المثال العمل في المجال الأمني؟ ما هي كفاءات سماحة الأمنية في هذا المضمار؟ وهل علاقاته الدولية المتنوعة تصلح ليكون شخصاً مناسباً لنقل متفجرات؟"، يسأل حطيط: "من يؤكد نقل المتفجرات من سورية، مادام شاهد الزور "كفوري" متوارياً ومحمياً"؟
عن مآخذ البعض على أداء الحكومة الدفاعي في معالجة القضايا المتنوعة، يقول حطيط: "عندما تعجز هذه الحكومة عن تحريك مدير عام يعطل قطاع الاتصالات، تكون القوى الأساسية داخل الحكومة محكومة بين أمرين، إما أن تطيح بالحكومة وتتجه إلى احتمال الفتنة الداخلية، وإما ترضى بابتزاز فريقي الرئيس ميقاتي والنائب جنبلاط لتمرير تلك المرحلة"، يضيف: "الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر مرغمون على الاختيار بين السيئ والأسوأ، لكن إن وصلوا إلى درجة اعتبار أن السكوت أصبح هو الأسوأ، فأعتقد أنه سيكون لهم موقف آخر".
ولكن الفريق الآخر ألا يستغل رفض تلك القوى للفتنة من أجل بعث تلك القوى كالفطريات، فيصبح التعامل معها أكثر كلفة؟ يرد حطيط: "نحن مطمئنون جداً أنه مهما كان نمو الفريق الآخر سبيقى دون سقف قدرات فريقنا السياسي، ومادمنا قادرين على تعطيل ألغام الفريق الآخر بصبر معين، لبنان هو المستفيد الأول، والحالة المثالية على ذلك هي حالة الشيخ الأسير في صيدا، فالجميع يعرف أن إرسال 50 شخصاً من قمصان السود كانت كفيلة بفتح الطريق، ولكن التعامل مع تلك القضية بحكمة أربكتهم وأضرت بفريقهم السياسي"، ويضيف حطيط: "الشجاعة شجاعتان، شجاعة في الإقدام وشجاعة في الإحجام، ومن يمتلك شجاعة الإقدام يكون جباناً، ومن لا يمتلك شجاعة الإحجام يكون متهوراً، ولهذا السبب فريقنا السياسي يمارس شجاعة الإحجام، ولكنه لا يغيب عنه شجاعة الإقدام على الإطلاق".
التيار وحزب الله
حول مسألة تريث حزب الله والتيار الوطني الحر في مسألة الدفاع عن الوزير الأسبق ميشال سماحة، يعتبر حطيط أن أداءهما هذا، يشكل نموذجاً يُحتذى به في كيفية التعامل مع القضاء، بخلاف فريق الرابع عشر من آذار التي يتعامل غوغائياً وديماغوجياً مع أي معطى أمني، يقول: "التيار والحزب ورغم تيقنهما أن "إخبار" فرع المعلومات تميل إلى الكذب، جاء تريثهما صحيحاً، فإن جاء المعطى صحيحاً كما يدعي فرع المعلومات، فهم ليسوا معنيين بنتائجه ماداموا لم يأمروا بالعمل، فسماحة ليس منضوياً لا في حزب الله ولا في التيار، وهنا في هذا المجال ميشال سماحة شخصية مستقلة، فالتيار والحزب يرفضان رفضاً قاطعاً الإنجرار وراء الفتنة الطائفية ويتحملان ما لا يتحمله أحد لمنعها"، يضيف حطيط: "في حال كان الخبر مختلقاً وملفقاً كما ستثبته الأيام عندها، معهما الوقت الكافي لرد الصاع صاعين، وبالتالي موقفهما المبدئي لا يمكن اعتباره عجزاً ولا تراجعاً عن الوفاء".
سورية
ميدانياً الوضع في سورية برأي حطيط يميل لصالح الدولة والشعب ومحور الممانعة، يقول: "الجيش السوري يستعيد المواقع على الأرض، والفريق الآخر عاجز عن فعل أي شيء، لهذا السبب يسعرون من جبهة النزاع المخابراتي الإعلامي السياسي، فبعد استخدام مدفعهم الأبعد، وقنابلهم الأكثر ثقلاً وفشل ضرب الرأس "دمشق" ليتهاوى الجسم، تعتبر اليوم حلب بحكم الساقطة عسكرياً، رغم أن مسألة تطهير الجيوب من فلول العصابات المسلحة ستستغرق عدة أشهر"، يتابع حطيط: "مع فشل العمل الميداني على سورية، الحل السياسي لن يكون تسوياً، الحل السياسي سينطلق من المعطى الميداني، حتى الآن الفريق السياسي ليس في موقع تقبل الخسارة، وهو لذلك يعتمد سياسة "القتال التأخيري" للتخفيف من خسائره الاستراتيجية في المنطقة وللقول إنه لم يخسر الحرب، ونحن برأينا هذه المعركة ستطول حتى العام 2014، رغم أن إرتداداتها ستكون كارثية على أكثر من بلد، خصوصاً على تركيا والسعودية وقطر، لأن الرصاصة المصوبة إلى دمشق سترتد حتماً على مطلقيها والأيام كفيلة بإثبات أو نفي ما نقوله".
..
..
Related Article:
أسئلة حول شرعية "المعلومات" التي أوقفت سماحة
حسان الحسن
من دون الدخول في مضمون التحقيق في قضية توقيف الوزير والنائب الأسبق ميشال سماحة، بعد "البلاغ" الذي تقدمت به "شعبة المعلومات" إلى النيابة العامة التمييزية ضد سماحة، لاتهامه بنقل صواعق متفجرة من دمشق بهدف تنفيذ أعمال إرهابية في لبنان، خصوصاً أن القضية باتت اليوم في عهدة القضاء.. بغض النظر عن نتائج هذا التحقيق، وأياً تكن هذه النتائج، لا بد من التوقف عند نقاط قانونية عدة في القضية المذكورة:
أولاً: إن الجهة التي ادّعت على سماحة ثم أوقفته هي "شعبة المعلومات" المطعون في شرعية إنشائها، وهي في الأساس فرع أسس في العام 1993 من نحو ثمانين عنصراً، مهمتها حماية عناصر ومراكز وآليات قوى الأمن الداخلي، أي تأدية وظيفة "الأمن العسكري".
غير أن هذا الفرع تجاوز حد السلطة غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد تحويله إلى "شعبة" بموجب مذكرة خدمة داخلية صادرة عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بتاريخ 8/3/2006 خلافاً للقانون، ومن دون مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
وبدا جلياً أن هذا الفرع كان يحاول التفرد في السلطة الأمنية في لبنان، لاسيما بعد فبركة شهود الزور في قضية اغتيال الحريري، واتهام قادة الأجهزة الأمنية بتنفيذها، وبالتالي ضرب هذه الأجهزة، ليتسنى له وحده الإمساك بزمام الأمور الأمنية في لبنان.
لكن شهد لبنان عمليات اغتيال طاولت شخصيات عدة في ظل مرحلة "القضبة الأمنية" للمعلومات، حتى الساعة لم يتوصل هذا الفرع إلى كشف حقيقة جريمة اغتيال واحدة.
أما في شأن متابعة "المعلومات" لملف العملاء، فهي كانت تهدف إلى تحويل الأنظار عن عملية اعتقال القادة الأمنيين، عبر محاولة تحقيق "إنجازات أمنية" تتوافق مع نهج فريف الثامن من آذار، وتحديداً حزب الله، عل هذه المحاولة تحرج الحزب، وبالتالي تمنعه من المطالبة بإطلاق القادة الأمنيين، ومحاكمة قادة "المعلومات" بجرم خطف الضباط واحتجاز حريتهم، إضافة إلى فبركة شهود الزور في قضية الحريري.
ثانياً: إن "شعبة المعلومات" هي تابعة لوحدة الأركان في قوى الأمن الداخلي، وليس لهذه الوحدة انتشار عملاني في الأقاليم اللبنانية، كوحدة الدرك أو الشرطة القضائية، فهي ليست من مكونات الضابطة العدلية، فالخطورة في الأمر تكمن هنا من خلال تعاطي بعض السلطات القضائية مع "المعلومات" على أنها أحد مكونات "الضابطة"، علماً أنه مشكوك بشرعية إنشائها أصلاً.
ثالثاً: هل استحوذت "المعلومات" على إذن مسبق من النيابة العامة قبل إيفاد المدعو "ميلاد كفوري" إلى منزل سماحة، وتزويده بآلات تسجيل للإيقاع به بالفخ الأمني المعقد الذي قد يكون انزلق إليه؟
رابعاً: لقد بدت الكيدية واضحة لدى هذه "الشعبة" ضد سماحة، من خلال الطريقة الهمجية التي اعتمدت في مداهمة منزله من دون مشاركة مختار المحلة، وعدم عرض لائحة المضبوطات على زوجته للتوقيع عليها، والسؤال هنا: ماذا يمنع جهاز المعلومات من أن يدّعي زوراً أنه ضبط ممنوعات في منزل سماحة، خصوصاً أن أحداً من أفراد عائلته لم يوقع على لائحة المضبوطات؟
وتعليقاً على جملة الإخفاقات المذكورة، أكد مرجع في فريق الثامن من آذار أن تكرار "سيناريو" الضباط الأربعة لن يتكرر أياً تكن الأثمان، وأن فريقه السياسي في انتظار كلمة القضاء لتبني على الشيء مقتضاه، كاشفاً أنه يجري الإعداد لفريق دفاع مؤلف من نخبة من المحامين لمتابعة ملف سماحة.
ولا يستبعد ظهور نتائج إيجابية لمصلحة سماحة في وقت قريب، في ضوء المخالفات القانونية التي أحاطت بملف توقيفه، وخصوصاً إخفاء "محمد زهير الصديق الثاني" المدعو "كفوري"، إضافة إلى التسريبات الإعلامية التي أضرت بالتحقيق، على ما قال المرجع.
تعليقات: