تختلف أسعار الكتب بين عام وآخر وقد يصل ثمنها إلى ستمئة دولار لتلميذ في الصف الثالث المتوسط (عباس سلمان)
انتهت العطلة الصيفية. وداعاً للبحر والجبل و«الضيعة». وداعاً للعب والمرح وتضييع الوقت مع الأصدقاء وأفراد العائلة. ووداعاً للنوم في وقت متأخر. عادت المجادلة الصباحية بين الوالدة وأولادها: الاستيقاظ باكراً، انطلاقة ورشة الثياب والفطور، ارتداء «المريول» وتحضير الحقيبة والسباق مع «الأوتوكار».
تعتبر العودة إلى المدارس هماً كبيراً عند هؤلاء الأهالي الذين يستقبلون العام الدراسي بموجة من التذمر والاعتراضات، لا على غلاء الأقساط فحسب، بل أيضاً على غلاء الكتب والقرطاسية.
هي بداية لعام جديد مثقل بالمستحقات المتفاقمة عاماً بعد عام مع تأزم الوضع المعيشي. هنا، تتجدد معاناة اللبناني الذي لم يتخلص بعد من مأساة غلاء المعيشة التي يواجهها يومياً. لتتجدد معاناته في تأمين المصاريف الدراسية. واللافت هذا العام هو زيادة الأقساط في معظم المدارس الخاصة. فأطلق الأهالي صرختهم وهم يرزحون تحت عبء الأقساط المرتفعة والمطالب التي لا تنتهي، فهل أصبح العلم حكراً عليهم؟
تراكم زيادات
يسود «طفر الأهلي» على أجواء العام الدراسي. يبلغ القسط للتلميذ الواحد حداً أدنى نحو ثلاثة آلاف دولار. إضافة إلى تكفّل أرباب المنازل بدفع مصاريف المنزل، تنال التكاليف الدراسية حصة الأسد. لا يجرؤ سعد الله، وهو والد لأربعة أولاد، حتى الساعة، على التوجه إلى مدرسة أولاده للاستفسار عن زيادة الأقساط. أثقلت الأعباء الاقتصادية كاهله، وكان أحدهم قد أخبره أن هناك زيادة على القسط المدرسي لكل من الأولاد الثلاثة، وقد وصلت إلى المليون ليرة لبنانية. ويبقى الحل الوحيد برأيه، أنه يتوجه إلى المدرسة لإقرار تسوية مع إدارتها في شأن طريقة الدفع.
ولسهام ثلاثة أولاد. رانيا في الثانوية العامة. دانا في الثالث المتوسط وديما في الأول الابتدائي، وجميعهن في مدرسة انكليزية خاصة، متوسطة المستوى. لم تقم سهام حتى الساعة بتسجيل بناتها الثلاث للعام الدراسي المقبل، لعدم سدادها القسط المستحق من العام الماضي. إلا أن الكارثة التي حلت عليها هذه السنة في رأيها، فهي زيادة نحو مليون ليرة لبنانية على القسط. ولدى مراجعتها إدارة المدرسة في هذا الأمر، جاءها الجواب: «تراكم زيادات يا مدام».
تراجع اليورو
تكتظ إحدى المكتبات الكبيرة في شارع الحمراء بالزبائن. وتُعدّ هذه الفترة موسم بيع لهذه المكتبات التي توفّر الكتب المطلوبة، وتلبي جميع الحاجات المدرسية. تختلف أسعار الكتب بين عام وآخر. وقد يصل ثمنها إلى ستمئة دولار لتلميذ في الصف الثالث متوسط. ما يدفع الأهالي إلى التوجه لخيار الكتب المستعملة. لكن ماذا عن المدارس التي تفرض شراء كتب بنسخ جديدة؟ وهذا ما حصل مع شادية التي قررت نقل ابنتها إلى المدرسة الرسمية، «لان مطالب الخاصة ما بتخلص».
بدورها، تشير صاحبة إحدى المكتبات الكبيرة في منطقة الحمراء، إلى بدء توافد الأهالي على شراء الكتب منذ بداية الشهر الجاري. وعن ارتفاع الأسعار، تلفت إلى «أن تراجع عملة اليورو أدّى إلى انخفاض أسعار الكتب الأوروبية، في حين ما زالت الكتب الوطنية تحافظ على سعرها». وفي رأيها، «تكمن المشكلة عند العائلة التي لديها أكثر من ولد، ويجب عليها شراء مجموعة من الكتب لكل واحد منهم». وهل هناك كتب تُباع بأسعار مرتفعة، تجيب: «تبلغ كلفة أغلى كتاب في المكتبة أربعين يورو، أي ما يعادل الخمسين دولاراً أميركياً».
موازنة للقرطاسية
للقرطاسية موازنتها الخاصة من هذه الحسبة. ينتظر التلامذة بدء الموسم الدراسي لشراء قرطاسية جديدة وحقيبة مميزة، يتباهون فيها أمام زملائهم. واليوم، أصبحت أسعار هذه المستلزمات كاوية. فللدفاتر ماركاتها، وللأقلام أشكالها. وحتى المبراة والممحاة التقليدية لم يعد يرحب التلميذ بها بين أغراضه. بعض المدارس لا تسمح بشراء القرطاسية من الخارج، وتفرض على التلميذ شراءها من داخل حرمها. وهنا، لا مجال للمفاصلة، لأن السعر محدود. يلفت ولي أمر أحد الطلاب إلى أن «هناك مدارس تستغل بداية العام الدراسي للتجارة»، مؤكداً أنه «دفع مئتي دولار ثمن القرطاسية، ومئتي دولار أيضاً ثمن ملابس المدرسة اليومية والرياضية، لابنه في صف الخامس الابتدائي».
ولا ينسى الأهالي طبعاً تكاليف النقليات التي تبقى رهينة ارتفاع أسعار المحروقات، وتراوح بين مئتي وثلاثمئة دولار بحسب المسافة في الشهر الواحد. وبعد زيادة أقساطها، أعلنت بعض المدارس زيادات هائلة في رسوم «الأوتوكار». ما جعل بعض الأهالي يرتبون أمورهم لإيصال أولادهم إلى المدرسة بأنفسهم.
زينة برجاوي
تعليقات: